عيسى يحيى

إنتخابات مفتي المناطق: بين الإستجابة والتأجيل

17 تشرين الثاني 2022

02 : 00

بعض المرشحين بدأ بإشاعة النتائج مسبقاً والاستعداد لاستلام المركز

خطا مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان خطوةً متقدّمة في طريق تحديد موعدٍ لانتخاب عددٍ من مفتي المناطق والإبقاء على عدد آخر، في وقتٍ كان الملفّ محطّ تجاذبٍ سياسيّ بين رافضٍ ومؤيّد.

ترك غياب ضابط إيقاع للطائفة السنّية على مساحة الوطن بعدما تموضع بعض السياسيين والشخصيات في مناطقهم ولم يخرجوا للطائفة أجمع، الأبواب مشرّعةً على كافة الإحتمالات والخيارات. فكان دخول أحزابٍ وسرايا على الخط، إضافة إلى استنهاض قوى أخرى جمهورها بعد تحديث هيكليتها وعودتها الى العمل السياسي بقوة، وكانت الإنتخابات النيابية بداية محاولات تقاسم الجمهور السنّي مقابل سعي البعض لسدّ الفراغ في الساحة السنّية وإعادة إحياء تفاهمات وتحالفات تنتج نوّاباً يمثلون الفئة التي نزلت الى صناديق الإقتراع في زمن الدعوة الى المقاطعة.

في 18 كانون الأول، حدّد المفتي دريان موعداً لانتخاب 6 مفتين لطرابلس، عكار، حاصبيا ومرجعيون، زحلة والبقاع الغربي، راشيا، وبعلبك الهرمل، فيما استثنى وأبقى على مفتي مناطق صور، صيدا، وجبل لبنان. ووسط ترحيب بالخطوة، كونها تأتي لإعادة ترتيب البيت الديني الداخلي وكان لا بدّ من حدوثها وقد تأخّرت لأسباب سياسية، ودخولها البازار السياسي وتقاسم الحصص بين القوى والقيادات السنّية إبّان فترة الرئيس سعد الحريري، بدا لافتاً الإبقاء على مفتِيَيْ صور وصيدا المحسوبين على الأخير، وهو ما وصفته مصادر متابعة لـ»نداء الوطن»، بأنّه يخالف نظريّة البعض بأن دعوة المفتي دريان الى الإنتخابات هي بهدف تحصيل مكاسب خاصة لإيصال عدد من المفتين المحسوبين عليه لمساعدته على تمديد ولايته لسنتين إضافيتين، وبعد أن يكمل عامه الثاني والسبعين وهو سنّ التقاعد لمنصب مفتي الجمهورية... أو استغلال غياب الرئيس الحريري لإجرائها بطلب من السفير السعودي وليد البخاري، فيما هي تبغي إلى هيكلة الطائفة ولملمة صفوفها بدءاً من المواقع الدينية بعد محاولات لمّ شمل النواب السنّة تحت عباءة دار الفتوى، ليتوّج المفتي عهده بإجراء انتخابات متوقفة منذ عشرات السنوات.

ومع ذلك، فإنّ الأمور قد تحمل في ربع الساعة الأخير تطوّرات مفاجئة لجهة تأجيل الإنتخابات، حيث جرت مناقشة الملف مع مفتي الجمهورية، من قبل رؤساء حكومات وعدد من أعضاء المجلس الإسلامي الشرعي، وعدم القدرة على تحمّل النتائج التي قد تفرزها في هذا الظرف، لكن إصرار المفتي على إجرائها كون التعامل مع المنتخبين الجدد أسهل من المعينين سابقاً والممدّد لهم أو المنتخبين منذ السبعينات، يضعها في خانة الحاصلة حكماً.

وتضيف المصادر أنّ بعض المرشحين بدأ بإشاعة النتائج مسبقاً والاستعداد لاستلام المركز، غير أن أبناء الطائفة وهمومهم في مكان آخر وينتظرون من الناجحين أن يكونوا كما يحتاج المنصب لخدمة الدين والناس.

تتداخل السياسة والدين حكماً، ويتدخّل رجال الدين متى طلب منهم ذلك، ولعلّ الإنتخابات النيابية الأخيرة والدعوات الى مقاطعتها من قبل البعض في الطائفة السنّية، ودعوة مفتي الجمهورية مفتي المناطق الطلب من الناس عبر خطب الجمعة للنزول الى صناديق الإقتراع والتصويت بكثافة، وتمنّع بعضهم عن الدعوة للمشاركة، كانت سبباً للدعوة الى انتخابات مفتي المناطق في وقت كان الحديث عنها مؤجّلاً.