كارين عبد النور

محامو بيروت يختارون غداً أربعة أعضاء... والعين على البيانات المالية

19 تشرين الثاني 2022

02 : 00

إلى حدّ بعيد، بدأت معالم معركة انتخاب أربعة أعضاء لمجلس نقابة المحامين يوم غد الأحد، تتّضح رغم أنّ عدداً لا بأس به من المحامين لم يحسم قراره حتى الساعة.

المرشحون الـ 16 يؤكدون أن البحث هو عن المناقبية بعيداً عن الضغط الحزبي والانتماء السياسي.

لكن، مع ذلك، لا يجب كالعادة التقليل من دور الماكينات والأحزاب المستعيدة لبعض من عافيتها النقابية.



أوّل ما يُسجل، في سابقة تُعتبر الأولى من نوعها، هو دعم النقيب الحالي، ناضر كسبار، لثلاثة من المرشّحين، في حين أبدى نقباء سابقون تأييدهم لمرشحين اثنين آخرين. أما الغائب الأكبر عن المشهد الانتخابي فَهُم «قوى 17 تشرين». عشيّة يوم الانتخاب، نستطلع الأجواء ونسأل عن أسباب تراجع قوى التغيير والمحامين المستقلّين أمام أحزاب السلطة.



سعد الدين الخطيب



انتخابات مختلفة

يأتي ترشّح أمين سرّ النقابة الحالي، سعد الدين الخطيب، بعد ثلاث سنوات من العمل داخل المجلس النقابي، مدعوماً من «تيار المستقبل» كونه كان مرشحه في انتخابات العام 2019، الحزب التقدمي الاشتراكي، الكتائب والقوات اللبنانية، وإن لم يكن ظاهرياً. يقول لـ»نداء الوطن»: «خلافاً للبقية، ترشّحي قائم على أدائي النقابي خلال السنوات الماضية. فتواجدي المستمر في النقابة ساهم في متابعة شؤون وشجون المحامين، كما موضوع المحاكمات عن بعد خلال جائحة كورونا وموضوع العجز الذي أصاب صندوق النقابة التعاوني. كل ذلك كان محطّ اهتمام لدي إلى جانب الأمور ذات البعد الوطني ومنها انفجار مرفأ بيروت وحماية حقوق المودعين».

وإذ يرى الخطيب أنّ الانتخابات الحالية تختلف عن سابقتها لاختلاف الواقع الذي يترافق مع كل دورة، يؤكد أن المعيار الشخصي للمرشّح هو العامل الأساسي الذي تُبنى عليه النتائج. كما شدّد على ضرورة استقلالية القضاء، إذ لا يمكن أن تستقيم العدالة في لبنان إلا بإقرار قانون استقلالية السلطة القضائية. واعتبر أن على مجلس القضاء الأعلى التشدّد بعملية قبول طالبي الانتساب إلى معهد الدروس القضائية، من جهة، والمبادرة باتخاذ إجراءات مسلكية وعقابية بحق كل مخلّ، لا بعقد التسويات تحت عنوان «المحافظة على هيبة القضاء»، من جهة أخرى.

وعن التعاميم «غير المفعّلة» المتعلّقة بتسهيل عمل المحامي في الإدارات الرسمية، يشير الخطيب: «الواقع الحالي والتدنّي الأخلاقي والابتعاد عن القِيَم أصاب كل القطاعات. لكن نقابة المحامين، نقيباً ومجلساً، تتواصل مع السلطات الرسمية والإدارات لتفعيل التعاميم تلك. الواقع لن يستقيم إلا من خلال تطبيق نظام المعاملات الإلكترونية الذي يمنع الاحتكاك بين المواطن وموظفي الإدارات العامة الفاسدين». أما عن استمرار مبدأ سرّية مذاكرات ومداولات أعضاء مجلس النقابة، فلفت إلى أنه اعتمد، كعضو حالي في مجلس النقابة، الشفافية في الأداء ليصار إلى صدور قرارات المجلس بشكل علمي ومنطقي. «ما يتم ترويجه بعد انعقاد الجلسات لأغراض انتخابية، لست مسؤولاً عنه»، يضيف خاتماً.

مايا زغريني



المحاسبة على الأداء

المحامية مايا زغريني، وهي ابنة العضو السابق في مجلس النقابة، سمير زغريني، تتطرّق في اتصال معها إلى برنامجها الانتخابي: «حضّرت برنامجي منذ السنة الماضية وتمّت مناقشته، لكني أصبحت متأكدة أن البرامج الموضوعة تبقى مجرّد حبر على ورق في ظل الأوضاع الراهنة، إذ هي يجب أن تنصبّ على مواكبة المستجدات غير المتوقعة التي تطرأ على البلد». أما عن أجواء انتخابات هذا العام، فتقول إن الضغط أخفّ مقارنة مع الانتخابات الماضية التي ترشّحت وفازت فيها، كون انتخاب النقيب يستدعي حُكماً مشاركة أكبر.

زغريني التي تحظى بدعم من «القوات اللبنانية» وتتمتع بحضور لافت بين المرشّحين المستقلين، أردفت: «القانون يسمح بالترشّح لدورتين متتاليتين ومن ثمّ الانقطاع لدورة واحدة. وبدل التكلم عن تكافؤ الفرص، لِمَ لا نتكلم عن محاسبة المرشّحين؟ أنا أطلب من الجميع محاسبتي على أدائي السنة الماضية داخل صندوق الاقتراع».

وفي حين تمنّت أن يصار إلى إرسال البيان المالي للزملاء عبر البريد الإلكتروني لدراسته جدّياً قبل التصويت عليه، إذ لا يكفي قراءته عليهم يوم الأحد قبل الاقتراع، رأت في إضراب القضاء – رغم أحقيّة المطالب - ضرراً جسيماً لا يقتصر على المحامين فقط، بل يتعدّاه ليشمل أمن البلد ككل. فلا قدرة لدى لضابطة العدلية للحصول على إشارة نيابة عامة لمحاسبة أي مجرم أو مرتكب، ما أحالنا إلى شريعة الغاب، بحسب رأيها. وناشدت: «القضاء تحمّل مسؤوليته لأن السلطة، بحسب القانون، لا تعتكف ولا تستنكف. فليؤمّن القضاة سير العدالة بالحدّ الأدنى إذ لا يمكن المضيّ في مساندتهم على حساب المحامي والمواطن والبلد».



جورج يزبك



لشطب المحامين المخالفين

بدوره، يترشّح جورج يزبك، نجل أمين السر السابق في النقابة بيار يزبك، كمستقل. وقد أشار في حديث مع «نداء الوطن» إلى نقاط أساسية تمّ التركيز عليها في برنامجه الانتخابي بعيداً عن الشعارات والوعود الرنّانة. النقطة الأولى تتمحور حول الإذلال الذي يتعرّض له المحامي في الإدارات الرسمية – وهو الذي فرض عليه القيام بأعمال أخرى كملاحقة المعاملات في الدوائر العقارية والمالية بعد إغلاق المحاكم وتراجع العمل - والانتظار مطوّلاً لإتمام معاملاته في حين أن للسماسرة هناك «خطاً عسكرياً». ثم يأتي التأمين الصحي، حيث يضطر المحامي لدفع فاتورة التأمين بالـ»فريش» في وقت لا مدخول لديه حالياً. «من هنا اقترحت على النقابة الضغط على جمعية المصارف والمصارف ليُمنح كل محامٍ لديه حساب في المصرف قيمة المبلغ الذي يحتاجه لتسديد المتوجّب لشركة التأمين»، كما يضيف.

بالنسبة إلى تطبيق قانون تنظيم المهنة وتنقية الجدول العام، اعتبر يزبك أنّ القانون واضح ويحدّد واجبات وحقوق المحامي بمجرّد انتسابه إلى النقابة. وبما أن الكثير من المحامين لا تتوفر فيهم الشروط المطلوبة، على مجلس النقابة برئاسة النقيب تنقية الجدول لا سيّما من المحامين المسجّلين والذين لا يمارسون المهنة (وشطب كل محامٍ مخالف). فهؤلاء يشكّلون عائقاً أمام المحامين الآخرين في ما خص التعويض التقاعدي، بحسب رأيه.



جاد طعمة



ليسوا على السمع

لا أثر يُذكر «لقوى التغيير» في استحقاق الغد. منسّق اللجنة القانونية في المرصد الشعبي، المحامي جاد طعمه، أبدى امتعاضه الشديد من الغياب غير المبرّر لتلك القوى، واصفاً الأمر بالتقصير والتكاسل غير المقبولين، وذكّر بأن «انتفاضة تشرين» ارتكزت على الدور المحوري الذي لعبه محامو «الثورة» قبل أن يتم استيعاب الأغلبية منهم مقابل حوافز آنية ضمن الأطر النقابية، مع تهميش متعمّد للمعارضين لسياسة الضم النقابي. وأكمل أنّ ما حصل إنما يدلّ على وجود مخطّط سلطوي هَدَف إلى شرذمة صفوف المنتفضين وصولاً إلى الوضع الحالي.

وأضاف: «لا يمكن إنكار حجم الانتكاسة التي أصابت المحامين المستقلّين العام الماضي، مقابل نجاح كبير لأحزاب السلطة. ويعود ذلك إلى سوء اختيار المرشّحين «التغييريين» والإصرار على تهميش دور المجموعات المهنية التي قادت معارضة نقابية مسؤولة منذ ما قبل انتفاضة 2019». لذا كان حريّاً بقوى التغيير والمحامين المستقلّين المشاركة ترشّحاً وانتخاباً في الدورة الحالية لأن ليس ثمة ما يبرّر الانسحاب من المعارك النقابية لتكريس الحضور الحصري لأحزاب السلطة.

وشدّد على المسؤولية المعنوية التي تتحمّلها كافة قوى التغيير، وتابع: «هي فرصة نستغلّها اليوم للإعلان أنه بات لزاماً على المستوى الوطني والنقابي إجراء حوار عام وصريح هدفه إجراء نقد ذاتي ودراسة الأدوار التي يلعبها كل نائب تغييري وكل مجموعة تغييرية لفهم سبب الغياب عن خوض المعارك مع السلطة في محطات ديمقراطية نقابية حالية».

التطوير... ملحّ

ما هو أشدّ خطورة غداً يكمن في إقرار البيانات المالية للنقابة عبر التصويت الإلكتروني، علماً أن هذه البيانات، بحسب طعمه، وبالطريقة التي يتم عرضها ومناقشتها - وهي تحتوي على مدّخرات ومداخيل بملايين الدولارات - لا ترقى إلى تحدّيات العصر وضرورة تطوير الأنظمة النقابية وتكريس الشفافية المطلقة.

على صعيد آخر، تساءل طعمه عمّا إذا كان من الممكن الاطمئنان إلى الدور الذي يُفترض بنقابة المحامين أن تلعبه تطويراً للقوانين على مستوى الوطن في الوقت الذي تقف فيه بكل كفاءاتها عاجزة عن تطوير أنظمتها الداخلية. فالتطور المأمول، من وجهة نظره، لا يكون فقط باعتماد التصويت الإلكتروني على أهميته، لأنه لا بد وأن يترافق مع تكريس مبادئ الشفافية وإتاحة المجال أمام تدقيق حقيقي للحسابات النقابية مع وجوب تفعيل محاسبة المقصّرين والمرتكبين والعمل الجدي لتنقية الجدول العام من المخالفين للأنظمة النقابية.

وختم بالقول: «أي انتقاد للأداء النقابي السائد لا يتم من خلفية حاقدة بل بنيّة الإصلاح. فنقابتنا هي دارنا وملاذنا والجسم النقابي هو كالعائلة الواحدة التي وإن اختلفت آراء أفرادها ووجهات نظرهم تبقى المحبة قائمة ومستدامة بينهم».


MISS 3