ألين البستاني

مكاتب "تويتر" مقفلة... فهل يتوقّف "العصفور الأزرق" عن التغريد؟

19 تشرين الثاني 2022

16 : 35

"شركة تويتر تقفل مكاتبها وتمنع دخول الموظفين إليها"...

قرار اتّخذه المالك الجديد للمؤسسة إيلون ماسك، فأثار حالاً من الهلع في صفوف عشّاق إحدى أشهر منصّات التواصل الإجتماعي، رغم إدراكهم أن قرار الإقفال موقّت وأنّ الشركة ستفتح أبوابها مجدّداً يوم الإثنين.


فالبعض اعتبر ان هذا الإجراء قد يكون تمهيداً لإقفال تويتر نهائياً بعد 16 عاماً على إطلاق المنصّة، خصوصاً أنّه يأتي بعد تغييرات جذرية أدخلها ماسك على الشركة التي اشتراها رسمياً نهاية الشهر الماضي بأربعة وأربعين مليار دولار، ومنها قرارات إدارية أثارت قلق الموظفين وامتعاضهم، خصوصاً بعد طرد خمسين في المئة منهم، وإلغاء خيار العمل عن بعد، وفرض ساعات عمل طويلة.


وأفيد بأن سبب الإغلاق كان خوف ماسك من حدوث اضطرابات داخلية في صفوف موظّفيه المعارضين لرؤيته الجديدة لمنصّة تويتر، فما كان منه إلا أن يوقفهم عن العمل لأيّام عدّة، ويخيّرهم بين الالتزام بقراراته أو خسارة وظائفهم مع حصولهم على راتب 3 أشهر كتعويض عن نهاية الخدمة.


ماسك ردّ على شائعات إقفال الشركة بأسلوبه الساخر المعتاد، فنشر على حسابه الخاص صورة قبرٍ ووضع عليه شعار "العصفور الأزرق" الخاص بتويتر، كما كتب في تغريدة منفصلة أنّ ما يحدث الآن جعل المنصّة تشهد أعلى نسبة استخدام منذ تأسيسها.





واليوم السبت، نشر صوراً على صفحته من داخل مكاتب الشركة مع مجموعة من الموظفين، ما أوحى بأنّ هؤلاء هم ممّن قبلوا بشروط العمل التي وضعها ماسك، فيما تقدّم آخرون باستقالاتهم.



غير أنّ تغريدات ماسك المتتالية لم تطمئن روّاد تويتر، الذين تخوّفوا من خسارة حساباتهم ومتابعيهم، وبدأوا يفكّرون بالخيار البديل عن هذه المنصّة، التي باتت بالنسبة للكثير من المغرّدين مساحة للتعبير عن آرائهم ومواقفهم في مختلف الملفات، ومتنفّساً لترجمة مشاعرهم وانفعالاتهم سلباً أو إيجاباً، كما أصبحت من أسرع الوسائل لتداول الأخبار والصور والفيديوهات، ما جعلها منافساً قويّاً لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة.



رولان أبي نجم



ولكن هل من مبرّر لحال الهلع التي أصابت روّاد تويتر؟ وهل فعلاً قد يصل ماسك الى خيار إقفال الشركة التي سعى جاهداً لامتلاكها؟


المستشار في أمن وتكنولوجيا المعلومات والتحوّل الرقمي رولان أبي نجم علّق عبر موقع "نداء الوطن" الإلكتروني، على مخاوف البعض من احتمال اقفال هذه المنصّة الشهيرة فقال: "الكثير من أصحاب الحسابات في تويتر، سواء كانوا من المؤثّرين أو مالكي مؤسسات وشركات، بدأوا منذ فترة طويلة الاستثمار في هذه المنصّة، كي يرفعوا عدد متابعيهم على صفحاتهم، التي باتت بالنسبة لهم استثماراً ناجحاً، لذلك سبّب الحديث عن احتمال اغلاق المنصّة، موجة هلع بالنسبة لهؤلاء، لأنه ليس من السهل أن يخسروا فجأة ما كانوا يعملون على بنائه وتوسيعه منذ فترة طويلة".



أمّا عن توقعاته بشأن مصير تويتر، فيقول أبي نجم: "من المبكر ان نتوقع مصير منصة تويتر، فحين استلمها إيلون ماسك كانت تخسر 4 مليون دولار يومياً، وهو اتّخذ قرارات صعبة، مثل التخلّي عن أكثر من نصف الموظفين، وحالياً يعاني من مشاكل تقنية مهمة، خصوصاً في موضوع العلامة الزرقاء التي حاول ان يحقق من خلالها ارباحاً مادية، بعد الخسائر التي مُني بها بسبب الاعلانات. وهو يسعى في الوقت الراهن لتأمين استمرارية المنصة التي دفع ثمنها 44 مليار دولار أميركي، بينها 27 مليار دولار من جيبه الخاص، والباقي من مستثمرين ودائنين، فهو لا يمكنه ان يطيل هذه الأزمة".



وبالنسبة لأبي نجم، يكمن التحدّي الأبرز الذي يواجهه ماسك، في كيفية التصرّف للحفاظ على هذا الاستثمار الخاص به، ويضيف: "اذا شعر ان هذه المنصّة ستواصل خساراتها ولن تعود عليه بفوائد مادية او سياسية كما أنّها لن تساعده في التأثير على الرأي العام بموضوع العملات المشفّرة أو عملة Doge Coin التي يحاول تسويقها، عندها أتوقّع أن يكون مصير تويتر سيئاً، ولكن حالياً المنصّة في مرحلة تجريبية وهناك بعض التعديلات التي ستطرأ عليها وبعض الميّزات التي ستتوقف".



وعن التغييرات الجذرية التي ادخلها ماسك على تويتر اخيراً والاجراءات الداخلية بحق الموظفين، يعتبر أبي نجم أنّها "لم تكن تغييرات اختيارية، ولا سيما على صعيد تخفيض عدد الموظفين. فالجميع يعلم عندما يحصل تضخّم ومع ارتفاع الاسعار وخسارة الشركات لكثير من الأموال، يصبح موضوع طرد الموظفين امراً طبيعياً ومتوقعاً، على غرار ما فعلت شركتا ميتا وأمازون مثلا".


ويتابع: "أمّا في ما يتعلّق بمنح العلامة الزرقاء لقاء بدل مادّي، فهذا الأمر ليس جديداً وكل الشركات الكبرى أصبحت تبحث عن مصادر دخل جديدة، وبعضها لجأ الى فكرة الاشتراكات الشهرية، خصوصاً أنّ الإعلانات لم تعد مربحة في الفترة الأخيرة. وماسك أيضاً يحاول توفير مصادر دخل جديدة من أجل تحسين وضع شركته. لا شكّ أنّ بعض الإجراءات تعرّضه للكثير من الانتقادات، وهو ضمنياً قد يكون على علم بأنه يغامر، ولكن علينا الانتظار لمعرفة الى أين تتجه الأمور، واكتشاف ما اذا كان سينجح باستراتيجيته أم لا".


وعمّا تتميّز به تويتر عن باقي منصات التواصل الاجتماعي، يسارع أبي نجم للقول إنّ ما يميّزها "هو خدمة الخبر العاجل، وسرعة انتشار الاخبار عبرها، فهي منصّة كثيراً ما يعتمد عليها السياسيون، على غرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي غالباً ما استخدم تويتر لترويج برنامجه الانتخابي الرئاسي".


أمّا عن البديل المحتمل لتويتر في حال اقفالها، خصوصاً بعدما حازت على ثقة عالية لدى المتابعين طوال ستة عشر عاماً، فيعتبر أبي نجم أنّ هناك الكثير من البدائل، مثل منصّة Blue Bird، التي يملكها جاك دورسي، مؤسس تويتر والرئيس التنفيذي السابق للشركة، ولكن ما يميّز تويتر عن غيرها من المنصّات، انها تعمل منذ سنوات طويلة، كما أنّ المستخدمين اعتادوا عليها، واصحاب الحسابات الكبيرة باتوا يملكون قاعدة صلبة من المتابعين الذين يمكنهم التأثير بهم. لذا باعتقادي سيكون من الصعب عليهم ان يتركوا كل شيء خلفهم والبدء مجدّداً من نقطة الصفر".


يبقى أنّه، مهما كان القرار النهائي لإيلون ماسك بشأن منصّة تويتر... فإنّ ردود الفعل على إجراء الإقفال الموقّت ليست سوى دليل جديد على مدى سيطرة العالم الإفتراضي على روّاد منصّات التواصل الإجتماعي واتخاذه مساحة مهمّة من تفاصيل يومياتهم.