بعدما أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في تموز الفائت عدم قيام "المركزي" بأية عمليات مالية على احتياطي الذهب، أعلن البارحة إنتهاء التدقيق ومطابقة النتائج مع أرقام المصرف، مرفقاً الخبر بصورة له يتوسط "الذهبيات". وذلك جرياً على النصيحة الأجنبية التي تقول: "عندما يقول شخص ما إنه لا يمكنك فعلها، إفعلها مرتين والتقط صورة". ولكن بدلاً من أن "يكحّل" الحاكم التدقيق باسم الشركة المدققة وإظهار الوثائق والمستندات، "أعماها" بحسب مصدر متابع ببيان "من سطرين" يزيد اللبس والغموض في ما خص مصير إحتياطي الذهب.
على الرغم من التطمينات الشكلية التي أوردها الحاكم في بيانٍ، فإن الغموض ما زال سيد الموقف. فـ"المركزي" لم يسمِّ شركة التدقيق، خصوصاً بعدما أحجمت KPMG عن المهمة. والتأكيد أكثر من مرة على ضرورة وجود شركة مختصة نظراً لتعقيدات العملية. ولم يحدّد حجم الاحتياطي النهائي، ولا مكوناته المختلفة من القطع الذهبية الموزعة بين السبائك والعملات والحلي بأحجام وعيارات مختلفة، ولا كيفية توزّع الكمية بين لبنان والخارج. كما أنه لم يكشف عمّا إذا كان التدقيق قد طال دفاتره، وما إذا كان هناك رهن ما على جزء من الذهب. و"هذا ما كان ينتظره المهتمون بالشأن المالي والنقدي"، بحسب المصدر، لافتاً إلى أنه "في حالة الرهن تكون الكمية موجودة في الخزنة، إنما ليست في أمان، والأهم أن العملية تكون مخالفة للقانون رقم 42/1986".
في الوقت الذي يعتبر فيه البعض أن التشكيك بأرقام "المركزي"، ولا سيما في ما يتعلق بالذهب، هو نوع من أنواع الهوس غير المبرر، يسأل المصدر عن مصير الودائع، فأموال المودعين التي دأبت أسطوانة المسؤولين على تكرار جملة أنها "بالحفظ والصون"، لم يعد لها وجود. وليس هناك ما يمنع أن يكون قد استخدم جزءاً من الذهب بالطريقة نفسها، كسباً للوقت وعلى أمل إرجاعها عندما تتحسن الظروف. وهذا ما يبدو أنه لم ولن يحدث.
ما يزيد الغموض في ما خص مصير الذهب، هو عدم تقديم "المركزي" أية تفاصيل رقمية والاكتفاء بالإعلان عن "إنجاز عملية التدقيق في موجودات خزنة المصرف من الذهب (سبائك ونقود معدنية)، التي أجرتها شركة تدقيق عالمية متخصّصة ومحترفة في هذا المجال، تمّ اختيارها وتكليفها من قِبَل مفوَّض المراقبة الخارجي للمصرف وبالتنسيق والتوافق مع صندوق النقد الدولي". مضيفاً أن "هذه الخطوة تأتي بناءً على طلب صندوق النقد الدولي، وتعزيزاً للشفافية في موجودات مصرف لبنان". لافتاً الى أنه "تبيّن لهذه الشركة وبعد استكمال عملية التدقيق، أن موجودات خزنة مصرف لبنان من الذهب (سبائك ونقود معدنية) مطابقة تماماً، كمّاً ونوعاً، للقيود المسجّلة في السجلات المحاسبية لـ"المركزي"".
يذكر أن آخر مسح أجري على الذهب كان في العام 1996. وقد عاد وأكد الحاكم عليه في تموز الفائت إثر مساءلة النائب ملحم خلف عن حجم احتياطي الذهب. وبحسب آخر الأرقام المنشورة، يوجد 9,222437.73 أونصة، منها 3,707703.13 أونصة في الولايات المتحدة والباقي في لبنان.