عماد موسى

إنتَ مع مين؟

29 تشرين الثاني 2022

02 : 00

التقى أمس رجلان بدوا في بداية العقد الرابع في السوبر ماركت فبادر أحدهما الآخر: إنت مع مين بالمونديال؟ متجاهلاً تيشرت نيمار التي يرتديها «الآخر» على معصمه والشال الأخضر حول رقبته والقبعة الواصلة من ريو دي جينيرو على قياس قرعته، وإن رفعها بدا علم البرازيل وشماً على قرعته ويستتبع السؤال برشق أسئلة: وابنك القرقور مع مين؟ والأمورة الزغيرة مع مين؟ وإفلين مع مين؟ ونسرين أخت مرتك مع مين؟ وحماتك؟

حماتي عطيتك عمرها وعم تصليلنا من فوق؟

وعرفت لأي منتخب عم تصلّي؟...

هذه عيّنة من المواطنين. أينما اجتمعوا ينقسمون. هذا مع البرازيل وذاك مع فرنسا وآخر مع الدنمارك أو إنكلترا. الأخت حليمة قعقور، ضد الإصطفافات بالمطلق، وأرجح أنها ستختار الكاميرون إن سُئلت أنتِ مع مين؟ لماذا الكاميرون؟ لأنها لا تمشي مثلما يمشي الآخرون بناء لتوجهات زعمائهم. حليمة حرّة.

يبدو لي أن الأحزاب الكبرى حددت توجهاتها بالنسبة إلى مونديال قطر:

«الثنائي الوطني» مع منتخب البرازيل رغم ولائه للجمهورية الإسلامية الإيرانية وتقديره للكرة الإيرانية التي تواجه اليوم منتخب الإستكبار العالمي.

«القوات اللبنانية» كما فاعليات 14 آذار منقسمة بين ألمانيا وفرنسا، وهناك شرائح شمالية مع الشريحة الأسترالية في هذا المونديال.

القوى الطرابلسية موزّعة بين الأرجنتين والبرازيل.

بيت كرامي وتيار الكرامة مع ايطاليا لوجود شبه كبير بين فيصل الثالث والمهاجم الطلياني ماتيو بوليتانو. استُبعدت إيطاليا عن مونديال 2022. بمؤامرة دنيئة. لم تؤمن الحاصل. بسيطة الإيام بيناتنا.

الكتائب اللبنانية مع فرنسا. النجادة مع الأرجنتين.

الحزب التقدمي الإشتراكي ترك الحرية لكوادره ولمحازبيه أن يشجعوا المنتخب الذي يتوسمون فيه خيراً للقضية الإجتماعية.

التيار الوطني الحر مقسوم بين ديوك فرنسا وراقصي السامبا.

التغييريون يوم مع كرواتيا يوم مع إسبانيا يوم مع الأرجنتين يوم مع اللعب الحلو.

الفنانون مع مين؟

لأسباب مصلحية يهيمون بالأخضر السعودي ويعشقون العنابي ويمتدحون اسود الأطلس ويغرّدون لنسور قرطاج وبحياء يؤيدون منتخبات البرازيل والمانيا والارجنتين واسبانيا وفرنسا كمرشحة للفوز.

وإن سُئلت: أنتَ مع مين؟

أنا، تاريخياً بايرن ميونيخ لأنني، وقد عجزت كما رياض شرارة عن لفظ اسم «بوروسيا مونشنغلادباخ» بشكل صحيح رغم محاولاتي الصادقة. أنا مع بيار ليتبارسكي وأتشارك معه الطول لا الموهبة. مع صديقَي طفولتي لوتر ماتيوس وسيب ماير. مع غيفارا كرة القدم، قلب الدفاع بول برايتنر، كان بولس مثلي مدخناً، في عزّ احترافه ومثلي ملتحياً. حلَق بريتنر ذقنه مقابل 150 الف مارك الماني وبألف دولار أفعل مثله. مع غرامي الساطع عارضة الأزياء كلوديا شيفر.

ألا تكفي هذه الأسباب لأكون اليوم ألمانياً حتى العظم؟