محمد دهشة

سكّان "التعمير" يستحصلون أخيراً... على سندات التمليك

30 تشرين الثاني 2022

02 : 01

المنازل في حي التعمير في بلدة مغدوشة

وقت الشدّة والضّيق، تأخذ المبادرات الجماعية والفردية أو العائلية أبعاداً إنسانية وتبلسم أوجاع الناس وتلبّي أحلامهم. فبعد عقود من الزمن، تسدل بلدية مغدوشة وعائلة يونان الستارة على خاتمة سعيدة لعشرات المنازل التي بُنيت عقب الزلزال الشهير الذي ضرب لبنان في العام 1956، في منطقة العريض المعروفة بـ"التعمير" والموجودة على أطراف البلدة، بعدما تكفّل رئيس البلدية رئيف جورج يونان وشقيقه وسيم، بدفع كامل رسوم سندات التمليك والتسجيل لتصبح جاهزة لتسليمها إلى أصحابها.

حكاية هذه المنازل التي لم ترخّص سابقاً، بدأت عقب الزالزال، وكان مركزه الشوف وتحديداً عند الروافد السفلية لنهر بسري، وقد أسفر عن وقوع 122 ضحية في 33 بلدة، وأرسلت وزارة الداخلية مفارز من المهندسين لتكشف على الأبنية المتداعية والواجب إخلاؤها، قبل أن تنشئ الدولة اللبنانية ما عُرف حينها بمصلحة للتعمير للمباشرة بإعادة الإعمار.

بلدة مغدوشة، كما صيدا، استفاق سكّانها على فاجعة الزلزال، بعدما هُدمت وتضرّرت وتصدّعت عشرات المنازل فيها، فتوجّهوا إلى منطقة العريض التي تعتبر منطقة واسعة وكبيرة ومشاعاً للدولة وبنوا عليها منازل تأويهم من العراء، بعدما سمحت الدولة لهم، في إطار خطة إيواء المتضرّرين، قبل أن يتم إلغاء "المصلحة" ويبقى الحال على واقعه.

وعلى مدى عقود مديدة، شكّل موضوع قَوننة وضعية هذه المنازل السكنية وإستصدار صكوك ملكيتهم لها حلماً راود أصحابها، إلى أن قرّر رئيس البلدية رئيف وشقيقه وسيم يونان تحقيقه ليصبح حقيقة، فباشرا بإجراء مسح شامل، ووضع جدول بعدد المنازل وأسماء قاطنيها وصولاً إلى فرز العقار لاصدار السندات، وظهرت عقبة إدارية إذ تبيّن أنّ البلدية التي تملك هذه الأرض لا يمكنها بيع عقاراتها، وإنها تحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء.

كما تكفّلا بدفع كامل رسوم الفرز والتسجيل والنقل إلى أن انجزت سندات التمليك لـ38 عائلة عبر المؤسسة العامة للإسكان، وستُسلم إلى أصحابها في إحتفال دعا اليه الرئيس يونان وأعضاء المجلس البلدي تحت شعار "وعدنا ووفينا - بعدما أصبح الحلم الذي توارثه أبناء بلدة مغدوشة حقيقة"، يقام يوم السبت المقبل في مجمع جورج وجانيت يونان في بلدة مغدوشة بحضور رسمي وسياسي ومحلي.


وتكتسب هذه الخطوة اليوم أهمية مضاعفة، إذ تحافظ ليس على ملكية المنازل لأصحابها وأبنائهم فحسب، بل تساعدهم على مواجهة الأزمة المعيشية والاقتصادية الخانقة حيث بالكاد يستطيع المواطن تأمين قوت يومه وكفاف عيشه وتصبح قوننة المنازل غير ذي أولوية، وفق ما يقول رئيس البلدية يونان لـ"نداء الوطن"، لافتاً الى أنّ العقار تملكه بلدية مغدوشة "وفي العام 1956 وجرّاء الزلازل إنتقل قسم من أهالي الضيعة وبنوا بيوتاً هناك وسكنوا فيها، مؤكّداً "إلتزامنا بوعدنا بمعالجة هذه المشكلة المزمنة فبدأنا بخطوات عملية لاصدار سندات التمليك فتم إنجاز الفرز ونقل الملكية إلى الأشخاص الذين يشغلون هذه البيوت الموجودة ضمن هذا العقار".

في "حي التعمير"، الهدوء الذي يسود المكان، يقابله ارتياح وترحيب بهذه المبادرة، يشعر الأهالي بالإطمئنان، بيوتهم التي تعتبر جنى أعمارهم باتت بمأمن وسيتوارثها الأبناء والأحفاد من دون أي مشاكل، ويقول جورج قسطنطين أحد الذين سيحصلون على سند تمليك "إنّ الخطوة كبيرة".

وعبّر جوزيف مسعود الشباب عن تقديره لهذه القوننة التي ستنهي قلقاً عمره سنوات، بينما قالت زوجته آمال حنا الياس الحايك: "الحلم أصبح حقيقة وسنستلم السندات الخضراء بعد طول إنتظار"، فيما أكّد نجلهما طوني الذي بنى منزلاً أيضاً وسيحصل على سند تمليك، أنّه "بهذا نحفظ حقنا وحق أولادنا وأحفادنا من بعدنا".