وليد شقير

لبنان في أسفل الإهتمامات والكلمة للرياض

30 تشرين الثاني 2022

02 : 00

يقول سياسي بارز من «السياديين» منغمسٌ في الاتصالات المحلية والخارجية في شأن الاستحقاق الرئاسي إن الأخطر من تعطيل انتخاب رئيس جديد هو تعطيل أي إمكانية لانتعاش الدولة اللبنانية لأن مجيء رئيس للجمهورية على طراز الرئيس السابق العماد ميشال عون يكون بكنف «حزب الله» يعني استمرار حجب المساعدات الدولية عن البلد مثلما هو حاصل منذ بضع سنوات، ولا سيما من المحيط الإقليمي والدول الخليجية.

السياسي نفسه يعتقد تعليقاً على زيادة عدد النواب المنتمين إلى محور الممانعة بقبول طعن النائب فيصل كرامي الحليف لـ»حزب الله» لن يقدم أو يؤخر وبالتالي ليست المسألة مرتبطة بعدد النواب طالما أنّ فريقي المعركة الرئاسية يستطيعان تعطيل النصاب القانوني للجلسة النيابية لانتخاب الرئيس، أو إذا جرى توافق على مرشح معين من قوى 8 آذار، بين حلفاء «حزب الله» ونواب من المحسوبين على الفريق السيادي.

الصورة أكثر ضبابية وتشاؤماً مما تبدو في وسائل الإعلام بنظر البعض بالنسبة إلى احتمالات إنهاء الفراغ الرئاسي قريباً. ورغم الضغوط التي تمارسها مراجع محلية وخارجية من أجل تسريع انتخاب الرئيس، فإنّ الآمال بتجاوب الفرقاء ضئيلة جداً، لأنّ توقيت الإفراج عن الرئاسة بات محكوماً بالصراع على لبنان والنفوذ فيه، في إطار معركة تجرى في الإقليم، مظاهر تصاعدها باتت واضحة من كردستان العراق إلى اليمن وسوريا، فضلاً عن الداخل الإيراني. تسارع الأحداث بعد معركة الغرب مع روسيا في أوكرانيا، ثم بعد تصاعد التحركات الشعبية في إيران... أخذ يفرز الدول بين من يقف مع النظام فيها ومن يقف إلى جانب الاحتجاجات الشعبية، بحيث باتت عوامل الصراع الغربي مع طهران تتفوق على عوامل التقارب من أجل العودة إلى التفاوض على الملف النووي الإيراني.

وبدلاً من رفع العقوبات الغربية والأميركية عن إيران أخذت هذه العقوبات تتضاعف على خلفية قمعها للشارع الإيراني. ولبنان بات في صلب الصراع بحكم نفوذ طهران فيه، رغم تقاطع المصالح بينها وبين واشنطن كما حصل في نجاح ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في 27 تشرين الأول الماضي. وهو اتفاق موضعي حصلت طهران مقابل تسهيله على غض النظر عن رفع تصديرها لنفطها بأكثر من مليون برميل يومياً.

لذلك يبقى لبنان آخر اهتمامات الدول الغربية، وفي أسفلها رغم الإلحاح المتواصل من قادتها على إنهاء الفراغ الرئاسي، ولا سيما أميركا وفرنسا، اللتين يلتقي رئيساهما غداً في واشنطن وعلى رأس جدول أعمالهما حرب أوكرانيا والدعم الاقتصادي والعسكري لكييف واحتمالات المحادثات مع روسيا، البرنامج النووي الإيراني والتطورات في «بلاد فارس»، نفوذ الصين المتزايد في المحيطين الهندي والهادئ، والمخاوف المتزايدة بشأن الأمن والاستقرار في منطقة الساحل في أفريقيا، إضافة إلى معالجة ذيول إفشال صفقة الغواصات الفرنسية لأستراليا السنة الماضية...

يقول السياسي البارز إياه إنّه بالكاد يمكن للبنانيين أن يأملوا بكلمتين أو سطر في أحاديث الرئيسين عن لبنان، أو في المؤتمر الصحافي الذي سيعقدانه استناداً إلى متابعة باريس لتفاصيل الوضع عن طريق خلية الأزمة اللبنانية التابعة للإليزيه، وإلى الجهود التي بذلها الفاتيكان مع كل منهما لأجل وضع ثقلهما في معالجة الفراغ الرئاسي.

أميركا وفرنسا لن يكون لهما تأثير كبير في الوضع اللبناني في هذه المرحلة، نظراً إلى أولوياتهما الأكثر خطورة وحيوية بالنسبة إلى مصالحهما الاستراتيجية. ولهذا يمكن توصيف ما يشهده لبنان هذه الأيام بأنّه اندفاعة إيرانية من أجل الإمساك بورقته، بأسلوب هجومي يعتمده «حزب الله»، فيما الدولة المقابلة المهتمة أكثر من غيرها بمصيره هي المملكة العربية السعودية التي تأخذ موقعاً دفاعياً عن الدور العربي والخليجي في البلد، لمنع فرض رئيس إيراني الهوية. ومن غير المتوقع أن تتخطى الدول الغربية موقف الرياض بالنسبة لأي اسم يمكن أن يُطرح من أجل الرئاسة. إذ ليس هناك أي جهة دولية، بما فيها فرنسا وأميركا، قادرة على تحمل ثمن فرض أي اسم لا تقبل به الرياض، بعد تجربة السنوات الست السابقة.