بشارة شربل

"إقتضى التنويه"... أيها المجلس الدستوري

5 كانون الأول 2022

01 : 59

(جلسة مجلس الوزراء هي موضوع الساعة، لكن لن نزيد تقريعاً بالرئيس ميقاتي لقبوله التحول أداة "الثنائي الشيعي" في الرد على مواقف البطريرك الماروني من الاستحقاق الرئاسي... والله عيب، لم تكن مضطراً لذلك يا دولة الرئيس). انتهى.

لا بدَّ من وضع بعض النقاط على حروف "المجلس الدستوري" الذي يستعد للبت، ربما الخميس، بطعنين أخيرين في مسلسل قراراته التي ربما أطاحت بغالبية نيابية أو رجحت فريقاً على فريق في مسائل مصيرية أو سلبت نائباً مقعده لسبب سياسي.

كلنا يحلم بالسلطة القضائية المستقلة وبمجلس دستوري منزَّه عن الأغراض، رافض للضغوط، قاطع كالسيف في كل مراجعة تخص مطابقة نص "الكتاب" وروحية التشريع. غير أن نتائج طعنَي طرابلس تدفع الى الحذر الشديد إن لم يكن الى شُبهة توجب التنبيه لئلا تتحول مساراً يستهدف طرفاً سياسياً أو نواباً محدّدين.

لا ضرورة للسذاجة وافتراض النيات الطيبة. فالمجلس الدستوري في نصفيه، المعَيَّن في مجلس الوزراء أو المرتَّب انتخابُه في البرلمان، هو خيار "المنظومة" أساساً، حتى ولو تمتع بعض أعضائه بصفات شخصية تحصِّنهم جزئياً إزاء مَن رفعهم الى أعلى موقع قضائي. فالثابت أن معظم من يقع عليهم الاختيار يسعون في آخر سنوات الوظيفة الى إرضاء أطراف طائفية وسياسية، ويلوذون بالسلطة وسلطات الأمر الواقع محمِّلين ضميرهم إما أحكاماً غير جائزة أو تنحياً جباناً عن المواجهة لإحقاق الحق. ولولا الخشية من أن يؤخذ علينا تهديم صورة القضاء لأورَدنا عشرات الأمثلة على لسان أهل البيت القضائي.

من غير قفازات، نذكِّر اللبنانيين بأن فيصل كرامي كان موعوداً بإنجاح طعنه منذ صدرت نتائج الانتخابات في أيار الماضي، وبأن مراجع سياسية أكدت ذلك، فيما امتلأت وسائل الإعلام قبل معاودة الفرز والتدقيق بمعلومات مفادها أن "الأفندي" نائبٌ نائب، وأن قدَره أن يحلَّ في المجلس الجديد مهما طال الزمن. قد يكون طعن كرامي مستحقاً، لكن لو طبَّقنا على الانتخابات كلها ما جرى تطبيقه على أوراق كرامي الملغاة لتغيرت نتائج معظم النواب ولتوجَّب العود على بدء في كل دوائر لبنان.

لا نشاطر الممانعين الذين يواليهم كرامي قناعتهم الخشبية بأن "لا شيء اسمه صدفة وهناك دائماً مستفيد". لكن تشاء "الصدف" أن يخسر نائب تغييري سيادي هو رامي فنج ليحل محله مَن ضحَّى لأجله "حزب الله" بمقعد وزاري شيعي، وأن يدخل ساحة النجمة تنتظره كتلة من نحو عشرة نواب هي قيد التشكل والتشكيل!

أما المصادفة الأحلى والألَذ فهي أن يُقبَل طعن نائب ترشَّح على لوائح "التغيير" هو حيدر ناصر لينقلب منذ حضوره أول جلسة لانتخاب الرئيس على حلفائه وناخبيه ويتحول رقماً إضافياً في حسابات الممانعين!

لسنا في موقع من يريد أو يستطيع التأثير على المجلس الدستوري. لكن من حق اللبنانيين أن ينبهوا ويحذروا، فهم شهِدوا نتائج طعني الشمال، وتَذكَّروا "اليوم الدستوري الأسود" حين أُبطلت نيابة غبريال المر خضوعاً للنظام الأمني السوري اللبناني، وتابعوا بأسف تعطيل المجلس نفسه لأسباب سياسية ومذهبية حين عرض عليه الطعن بقانون الانتخاب.

لا عيبَ في أن يخسر المرء أو يُغدَر ويؤخذ على حين غرة. المعيبُ هو انتظار الأحداث على مقاعد الأغبياء. لذلك اقتضى التنويه أيها المجلس الدستوري الكريم.


MISS 3