جاد حداد

Underwater...بين الرعب والمغامرة!

17 كانون الثاني 2020

10 : 38

Underwater (تحت الماء) فيلم تجاري منخفض الميزانية لكنه متقن ويشمل مجموعة من أهم ممثلي هوليوود. إنه فيلم مباشر وسريع، فيبدأ بمشاهد الحركة فوراً ولا تخفّ وطأة الأحداث حتى المشهد الأخير. فيما بدأت مدة الأفلام تطول اليوم، بحجّة تحسين قيمتها، من الإيجابي أن نشاهد فيلماً مقتضباً ودقيقاً في تفاصيله وخياراته. لا مفر من أن يحصد Underwater إعجاب المشاهدين بفضل أداء كريستين ستيوارت المبهر، كما جرت العادة، وبراعة المصور السينمائي بويان بازيلي. تُستعمَل أحياناً مؤثرات غير مناسبة في منتصف الفيلم، حيث يطغى الجو القاتم على المشاهد فنعجز عن التركيز على تطور الأحداث. لكن تبقى هذه الشوائب عابرة ولا تكفي لإغراق الفيلم "تحت الماء"!تؤدي ستيوارت دور "نورا"، عاملة في موقع بحثي يقع تحت سطح الماء بأميال. وفق سرد أولي مزعج (يبدو وكأن المنتج أضافه في مرحلة متأخرة من عملية ما بعد الإنتاج)، نفهم أن الوقت يخسر معناه عند التواجد في عمق الماء. لا وجود لأي أضواء هناك وقد لا نعرف أحياناً إذا كنا في حالة يقظة أو حلم. تنفتح أبواب الجحيم منذ اللحظات الأولى، فيبدأ هيكل السفينة بالتصدع وينفجر.

تهرب "نورا" إلى مكان آمن وتجد في نهاية المطاف عدداً آخر من الناجين، منهم شخصيات يؤديها فنسنت كاسيل، ومامودو آثي، وجون غالاغير جونيور، وجيسيكا هنويك، وتي جي ميلر. تقتصر القصة على هؤلاء الأشخاص الستة الذين يحاولون النجاة من كارثة قتلت مئات الأفراد الآخرين في ذلك الموقع. لن نشاهد أي لقطات لطاقم الطوارئ على متن السفينة ولا مشاهد لذكريات الماضي. استُعملت كبسولات الهرب أو تدمّرت. لذا لا يبقى لدى الناجين خيار إلا قطع ميل كامل على طول قاع المحيط للوصول إلى موقع آخر على أمل إيجاد كبسولات فاعلة. ثم يكتشفون هناك أنهم ليسوا وحدهم.يتمحور Underwater حول كارثة بحرية من جهة ومواجهة الوحوش من جهة أخرى، فيجمع بين نوعين من الأفلام المستقلة الرائجة. حين ينتقل الفيلم من أجواء The Poseidon Adventure (مغامرة بوسيدون) إلى Alien (كائن فضائي)، لا تنجح العملية الانتقالية دوماً لكن يُوجّه المخرج ويليام أوبانك طاقم ممثليه بأفضل طريقة، فيقدمون أداءً قوياً ومدهشاً بما يكفي لضمان تماسك العمل. يجب أن نصدّق محنة "نورا"، وتبرع ستيوارت في تجسيد مدى خطورة الكابوس الذي تعيشه، بمساعدة هنويك وكاسيل على وجه التحديد. يتكل الكاتبان على خلفيات غامضة لتأجيج المواقف العاطفية، لكنّ هذا الأسلوب شائع في النوعَين السينمائيَين اللذين يشتق منهما الفيلم.



إستفاد العمل أيضاً من إصرار المنتجين على استغلال براعة بويان بازيلي في التصوير السينمائي. سبق وشارك هذا الأخير في فيلمَي A Cure for Wellness (علاج للراحة) و The Ring(الحلقة)، وهو يجيد بناء أجواء مشوقة مع خليط من اللقطات المقرّبة جداً التي تُدخلنا إلى خوذة "نورا"، من دون أن نغفل عن الموقع الجغرافي الذي يواجه فيه هؤلاء الأشخاص أقصى درجات المخاطر. لكن حين ينتقل الفيلم إلى الجزء المرتبط بهجوم الوحوش، كان يُفترض أن يخفف بازيلي وأوبانك مستوى الظلمة تحت الماء ببضع درجات. مع ذلك، يبقى الفيلم متقناً على المستوى البصري ولا يمكن التغاضي عن قيمته من هذه الناحية. تتكل معظم الأفلام التجارية الرديئة على مجموعة ثابتة من المشاهد المرعبة والمفاجئة وإطار تصوير مُهْتزّ لإخفاء الميزانية المنخفضة وتراجع دقة المؤثرات البصرية. لكن يختلف هذا الفيلم من حيث الإتقان البصري وتصميم الصوت، وهو يعجّ بأضواء وامضة تنبعث من معدات مكسورة أو توشك على التحطم، كما نسمع صوت صرير المعادن تحت ضغط الماء. هذه العوامل كلها ضرورية لرفع مستوى التشويق.

يتميز Underwater بشكلٍ أساسي بقوة أحداثه وتماسكه. سنشعر بأننا جزء من المغامرة التي يخوضها الممثلون، في الجزء الأول من الفيلم على الأقل، ويزداد وقع الأحداث المشوقة بفضل سرعة إيقاعه. يتخلى الفيلم عن جميع السخافات المألوفة التي يضطر الجمهور لمشاهدتها قبل وقوع الكارثة في أسوأ الأفلام من هذا النوع، حيث نتعرف على الشخصيات ونغفل عن الأحداث الغريبة تحت الماء. لا وقت لهذه التفاصيل في هذا الفيلم. لن تتمكن من تفويت البداية إذاً! يتمحور العمل حول مشاعر الهلع ويستكشف كيفية صنع أبطال غير متوقعين استناداً إلى استجابة البشر الغرائزية تجاه المواقف الخطيرة. ولا ننسى طبعاً المواجهات مع الوحوش تحت الماء!من المتوقع أن تنقسم آراء الناس حول المشهد الأخير، لكن لا بد من الإشادة بأي فيلم تجاري يختار منحىً غير مألوف في نهايته، وتبدو عناصر من المشاهد الأخيرة في هذا العمل واعدة على نحو مدهش. حتى الأولاد قد ينبهرون من فكرة وجود أجناس كثيرة لم نكتشفها بعد في عمق المحيطات. وحين يكبرون بما يكفي، يمكنهم أن يشاهدوا Underwater ويستمتعوا به!


MISS 3