طوني فرنسيس

إستشارات لتسمية ممثلي "٨ آذار"

18 كانون الثاني 2020

02 : 00

عندما استقال الرئيس سعد الحريري في نهاية شهر تشرين الأول الماضي، بعد أقل من أسبوعين على اندلاع الانتفاضة ضد السلطة وفروعها، لم يستعجل أصحاب القرار سلوك الطرق الدستورية لجهة قبول الاستقالة وتحديد موعد قريب لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس جديد للحكومة.

سارت الأمور خلافاً للطبيعة. أرجئت الاستشارات حتى تتم تسمية رئيس مكلف جديد، وأرجئت تسمية الرئيس الخلف حتى الاتفاق على الحصص والاسماء التي ستضمها حكومته، وفي المعمعة طرحت اسماء من دون استشارات ثم سُحبت قبل ان يسُمع لها صوتٌ او تُرى لها صورة. ليستمر مسلسل الإمعان في تجاهل عمق الأزمة التي يعيشها البلد واهله الذين بح صوتهم واستنزفت إمكانياتهم على البقاء والاستمرار، وهم يطالبون بحكومة إنقاذية مستقلة ونظيفة.

لكن من أين ستأتي هذه الحكومة اذا كانت القوى الممسكة بالسلطة تتلاعب بأصول التشكيل والتأليف، وتحول كل فرع فيها الى رئيس مكلف، هو من يسمي الوزراء في اللحظة التي يريد، وإذا رفض تبقى العملية كلها قيد مماطلة لا يبدو انها تؤثر على ودائع وأملاك أمراء الحرب الذين احتلوا السلطة واستساغوا مضغ ما تبقى من إمكانيات توفرها.

وكيف ستولد حكومة كان اركان التكليف فيها، الذين عينوا حسان دياب رئيساً لها يتحدثون عن "لم الشمل" وتلبية شعارات الانتفاضة، فإذا بهم يعجزون عن لمّ شمل فريق "8آذار" في تشكيلة واحدة.

عملياً بات دياب مرشحاً لرئاسة حكومة اللون الواحد. وهو وإن كان اليوم رئيساً مكلفاً، إلا أنه أعيد في منطق التكليف الآنف الذكر، وما تلاه، إلى ما قبل الاستشارات التي جاءت به. لم يعد هو الشخص الذي يتحدث عن مستقلين في حكومته، ولا هو الذي يعرف من سيسمي له الثنائي الشيعي وزراء، وإن كان سيعرف لاحقاً أن مختلف الأسماء هي في أكثرها من الموظفين في مكاتب السياسيين الذين يسمونهم، وهم هذه المرة من فريق "8آذار" لصاحبه الوحيد الذي ليس لديه فرع آخر.

في التعامل مع الأزمة والناس ومسألة الحكومة، سلوك استخفافي واحد، وكأن الذين وضعتهم ظروف الحروب اللبنانية ومشغليها الأجانب، في موقع التسلط، ما زالوا يتمتعون بدعم المشروع إياه، رغم بدء تناثر وتساقط أوراقه من حولنا.


MISS 3