جاد حداد

Bad Boys for Life... تشويق متجدد!

18 كانون الثاني 2020

14 : 24

مرّ 17 عاماً وتقدّم البطلان في السن! في العام 1995، خاض مايكل باي تجربته الإخراجية الأولى في أول جزء من Bad Boys (فتيان أشقياء): إنه فيلم حركة عن زميلَين في سلك الشرطة، وفيه نساء فاتنات وتفجيرات كبرى وسماوات تصطبغ باللون البرتقالي. ثم عُرِض الجزء الثاني Bad Boys II في العام 2003، وها قد صدر الجزء الثالث الآن. يعود "مايك لوري" (ويل سميث) و"ماركوس بورنيت" (مارتن لورانس) في فيلمBad Boys For Life (أشقياء إلى الأبد) للمخرجَين عادل العربي وبلال فلاح، وفيه جرعة مضاعفة من التفجيرات والنساء لكن مع أفكار أعمق هذه المرة.لا يزال "لوري" الساحر والجذاب (يبدو أشبه بنسخة سوداء من "جيمس بوند") زير نساء متغطرس، ويبقى "بورنيت" رجلاً متهوراً وعدائياً ورب عائلة ويتّسم بشخصية أكثر هدوءاً. أصبح "بورنيت" الآن جدّاً ويفضّل التقاعد بدل التنقل بين المهام الخطيرة، ما يتناقض بشدة مع شخصية شريكه. لا يريد "لوري" أن تنتهي أيامهما في الشرطة. هو رجل وحيد لم يقع في الحب إلا مرة واحدة في حياته، ولا يتقبل بسهولة فكرة تقدّمه في السن. في أحد المشاهد، يفرك زبدة الكاكاو بلحيته لإخفاء الشعر الأبيض! لكن حين ترسل المجرمة المكسيكية "إيزابيل" (كايت ديل كاستيلو) قاتلاً غامضاً (جايكوب سيبيو) لمطاردة شريكه، يزيد اقتناع "بورنيت" بضرورة الانسحاب.

بقيت بعض المظاهر على حالها (جون بانتوليانو بدور الكابتن "كونراد هاورد") وتغيرت تفاصيل أخرى. أصبح أسلوب "لوري" و"بورنيت" في التعامل مع القضايا بالياً الآن. لذا بات سلك الشرطة يتكل على فريق خاص (فانيسا هادجنز، ألكسندر لودييغ، تشارلز ميلتون) للقبض على المذنبين بوسائل تكنولوجية وغير قاتلة. ترأسهم الملازِمة "ريتا" (باولا نونييز بدور امرأة مستقلة وقوية جداً) وتجمعها قصة فريدة من نوعها مع "لوري". يمضي الشرطيون معظم وقتهم وهم يطاردون المجرمين. ينقسم الفيلم إلى قسمَين: الأفكار العميقة في القسم الأول، ومشاهد الحركة في القسم الثاني.

إذا لم تشاهد أي جزء سابق من هذه السلسلة، لا داعي للقلق! على عكس معظم الأعمال الأخرى، لكل جزء قصته المستقلة. صحيح أن هذا الجزء يستعمل إِشارات تُذكرنا بالجزء الثاني، لكنّ هذا الجانب لا يمنع الاستمتاع بالفيلم. يرتكز سيناريو كريس بريمر وبيتر كريغ وجو كارناهان على تناقض شخصيتَي "لوري" و"بورنيت". ثمة مواجهة بين نزعات الانتقام والهدوء، فيحلل بطلا القصة عواقب مغامراتهما الشجاعة على مر 25 سنة. وخلال اللحظات الصدامية في هذا الجزء من السلسلة، يدعو "لوري" إلى استعمال العنف للانتقام بينما يبحث "بورنيت" عن الهدوء والسلام. في هذه المشاهد، يقدم لورانس وسميث أفضل أداء تمثيلي لهما منذ سنوات. يشارك كل واحد منهما في مشاهد مؤثرة تشتق من خلفية القصة وذكريات الماضي، فتتضح على الشاشة الكيمياء العالية بينهما بعدما تشاركا سوياً في ثلاثة أفلام. يشير شعار "نتحرك معاً ونموت معاً... أشقياء إلى الأبد" إلى عمق شراكتهما. لطالما تمحورت القصة حول صداقتهما وحبهما المتبادل. في كل مشهد ومع كل مزحة أو إهانة، نشعر بأن مشاعر الود والصدق تَشُعّ منهما.

حين نصل إلى النصف الثاني المبني على مشاهد الحركة بشكلٍ أساسي، يتّضح لنا أن المخرجَين عادل العربي وبلال فلاح يفهمان مغزى الفيلم الحقيقي (أو أساس فيلم مايكل باي!). تطغى اللقطات البطيئة وحركات الكاميرا الدائرية والسماوات البرتقالية على هذا القسم. تبدو الشخصيات الشريرة كرتونية عمداً، لكنها تحافظ على جدّيتها وتتّسم بعمق لافت حفاظاً على الأثر المشوّق المطلوب. مشاهد التفجيرات ضخمة وحماسية. أما مشاهد المطاردة، فيتكل بعضها على خليط من الصور المنشأة بالحاسوب والمؤثرات العملية، ما يُضعِف الحماسة عموماً، لكنّ تصميم حركات القتال المباشر مدهش بمعنى الكلمة. كذلك، تعيد موسيقى لورن بالف إحياء أجواء التسعينات الحيوية، مع لمحات عن الموسيقى الأصلية لمارك مانسينا (من أعماله Speed (سرعة) وCon Air (الهواء المخادع)). وحين يوشك Bad Boys for Life على اتخاذ منحىً جنوني مبالغ فيه (يخفي "لوري" سراً مجنوناً)، يعود إلى أرض الواقع عن طريق الفكاهة الحذقة. الفيلم ليس مشوقاً فحسب، بل إنه مضحك أيضاً.

يمتد الفيلم على 124 دقيقة ويحافظ على جو خفيف وممتع ويستعرض بحذر مسار نضج الشخصيتَين الرئيسيتَين على مختلف المستويات. Bad Boys for Life فيلم حركة يحافظ على أجوائه الأصلية ويُمهّد لإصدار جزء رابع. لتحقيق هذه الغاية، يتمسك العمل بجذوره ويُطوّر مغامراته الجديدة في أجواء حيوية ترضي أذواق المشاهدين!


MISS 3