ماجدة عازار

اللجوء إلى الخارج ينبغي أن يكون مسبوقاً باستراتيجية وطنية

فضل الله عن "البنك الدولي": لم نستنفد بعد كل إمكانات الحلّ الداخلي

20 كانون الثاني 2020

02 : 00

من التحرّكات أمام مصرف لبنان (فضل عيتاني)

ما هو موقف "حزب الله" من امكانية لجوء لبنان الى صندوق النقد الدولي لطلب مشورته والتعاون معه، في ظل الانهيار المالي والنقدي الذي تشهده البلاد؟ وما هي وجهة نظره من سياسة هذا الصندوق؟

رئيس المركز الإستشاري للدراسات والتوثيق الدكتور عبد الحليم فضل الله حرص في حديثه إلى "نداء الوطن" على تأكيد أن الحزب لم يبحث هذا الموضوع لغاية اليوم، ولذلك لا موقف رسمياً للحزب بعد.

وقال: "هناك أمران لا بد من اخذهما في الاعتبار في تحديد الموقف من التعاون مع المؤسسات الدولية، خصوصاً صندوق النقد الدولي في الانقاذ. الامر الاول هو تحت أي شروط سيكون ذلك؟ وهل يمكن تحمّل هذه الشروط كمضاعفة الضرائب والخصخصة الواسعة وتقليص حجم القطاع العام ووقف الدعم في ظل الظروف الاجتماعية الضاغطة وضعف القدرة على اتخاذ القرار ولامركزيته والحاجة الى وجود مؤسسات قوية للانقاذ؟"، أضاف: "الامر الثاني، هو ضرورة استنفاد الحلول والخيارات الداخلية للانقاذ والقيام بكل ما يجب محلياً على الصعد المالية والمصرفية والنقدية والاقتصادية لتقليص الأزمة وتحديد حجمها النهائي وذلك قبل الذهاب الى الخارج، على ان يترافق ذلك مع خطة فورية لادارة السيولة بكل جوانبها".

لكن فضل الله عرض رأيه الخاص بصفته الاقتصادية وقال: "في تقديري، ان موضوع اللجوء الى صندوق النقد خاضع لنقاش مجموعة اسئلة. فقبل ان نقول هل نلجأ اليه ام لا، تنبغي الإجابة على اسئلة عدة، من ابرزها: ما هي الشروط التي يمكن للبنان ان يتحمّلها او يوافق عليها، جرّاء أي تعاون مع مؤسسات دولية، سواء كان صندوق نقد دولي ام غيره؟ وهذا السؤال ينبغي ان تكون هناك إجابة واضحة عليه".

وتابع: "لا يمكن تحديد موقف مسبق يتعلق بصندوق النقد او غيره من المؤسسات الدولية قبل معرفة ماهية حزمة الشروط، وما هي قدرة لبنان على تحمّل هذه الشروط، وما هي تداعيات ونتائج وانعكاسات تلبية هذه الشروط، خصوصاً أننا ندرك أن المؤسسات الدولية كانت تطرح دائماً على لبنان شروطاً صعبة، بعضها ايجابي لا شك، لكن في المقابل، كانت تطرح عليه ايضاً شروطاً صعبة، من قبيل مضاعفة الضرائب ولا سيما الضرائب غير المباشرة وخصوصاً الضريبة على القيمة المضافة، وهي تُعدّ ضريبة غير عادية، وشهدنا في السابق مطالبات عدّة بزيادة هذه الضريبة، فهل تستطيع الطبقات المتدنية الدخل او المحدودة او المتوسطة تحمّل هذا الحجم وهذا المستوى من الضرائب؟ وما هو مطروح ايضاً زيادة الضريبة على المشتقات النفطية، فهل يمكن في هذه الظروف او في ظروف مغايرة تحمّل كلفة هذه الزيادة؟ انها اسئلة حرجة".

ضمن أي سياسات؟

وأشار إلى أن "هناك شروطاً لها علاقة بهيكلية القطاع العام نفسه، ودوره، اضافة الى ذلك، ما هي النظرة الى المرافق العامة؟ وبالنسبة إلى المساعدات، وهنا لا نتحدث عن صندوق النقد بالتحديد بل عن المؤسسات الدولية والدول الخارجية، هل ستكون اي مساعدة او اي مدّ يد العون للبنان مشروطاً مثلاً بخصخصة شاملة؟ ببيع المرافق المربحة؟ واذا حدث هذا الامر، ما هي انعكاساته؟ انه سؤال أساسي ينبغي الرد عليه ولا نستطيع ان نقول فقط ما هو الموقف من التعاون مع صندوق النقد الدولي، فبأي ظروف وبأي شروط، وضمن اي سياسات؟ هذه أسئلة اساسية".

وقال: "السؤال الآخر، هو متى نلجأ الى المؤسسات الدولية والى الخارج؟ في تقديري، اللجوء الى المؤسسات الدولية والى الخارج لا يمكن ان يتمّ هكذا، بل ينبغي ان يكون مسبوقاً باستراتيجية وطنية تعمل على محاولة ايجاد حل داخلي للأزمة المالية والنقدية، بمعنى انه لا يمكن ولا ينبغي التفكير بأن نضع لبنان تحت قائمة شروط صعبة للمعونة والمساعدة لتقديم السيولة، الا اذا استنفدنا كل امكانات الحل الداخلي، ونحن لم نستنفدها حتى اليوم، بل نستطيع الذهاب الى كثير من الاجراءات المالية والنقدية لها علاقة بالسياسات المرتبطة بالمصارف والقطاع المالي، وايضاً السياسات والاجراءات الاقتصادية لم نقم بها حتى اليوم. فالإجراءات الجوهرية والجذرية لم نقم بها والموانع معروفة، كانت موانع سياسية، وموانع أخرى لها علاقة بمراكز القوى داخل الحكومة، وموانع تتعلق بالتجاذبات السياسية".

وأضاف: "في الشأن المالي لدينا مثلاً "الطاقة الضريبية" للبنان، فهي تساوي ضعف التحصيل الضريبي، بمعنى آخر ان لبنان يُحصّل بالحدّ الأدنى نصف ما يمكن، او ما ينبغي تحصيله من ضرائب ورسوم، بينما دول تشبهنا وأقل دخلاً منا، كالأردن وتونس وبعض الدول العربية، يصل الجهد الضريبي فيها الى 77 في المئة، اي تحصّل ثلاثة ارباع ما ينبغي تحصيله من ضرائب ورسوم بينما نحن في لبنان لم نقم حتى اليوم بالجهد اللازم، وهذا ينبغي ان يسبق اي اجراءات او حلول. كذلك، نحن بحاجة الى اصلاحات في القطاع العام واعادة هيكلة نظامنا الضريبي، لكن أن يتم ذلك ضمن مقاربتنا الوطنية".

واشار فضل لله الى ان "لبنان يتعاون مع صندوق النقد الدولي بصفته عضواً في المؤسسة الدولية، ولكي يكون تعاونه فعالاً مع الخارج ينبغي للمؤسسات في الداخل ان تقوم بدورها، وهي لم تفعل حتى الآن، لا ان يقتصر الدور على الحكومة فقط".


MISS 3