رمال جوني -

صرخة جوع في النبطية... "لم يعد لدى الناس ما تخسره"

21 كانون الثاني 2020

02 : 00

"كيف بدنا نعيش؟"، سؤال بمثابة صرخة بدأت تعلو نتيجة البطالة والفقر، وتضاعف أسعار السلع. يقف ابو أحمد أمام رف المعلبات في السوبر ماركت، كان يحتاج الى شراء علبة فول وأخرى حمص وبعض علب التونة، لكنه عدل عن رأيه لعدم قدرته على شرائها، بعد انخفاض قيمة معاشه مقارنة مع ارتفاع الاسعار الكارثية التي بات المواطن عاجزاً عن مواجهتها، وسط غياب الرقابة وجمعية حماية المستهلك.

فقدت الرواتب قيمتها فكيف بالعامل الذي يتقاضى الحد الادنى للأجور أي 675 الف ليرة (ما يوازي 300 دولار وفق السعر الحالي للدولار) ان يكون بمقدوره تأمين احتياجات عائلته. مما لا شك فيه ان الازمة دخلت مرحلة الخطر الشديد وسط تنامي ظاهرة البطالة وجيش العاطلين من العمل، فيما تغيب السياسات الحكومية لوضع حد لهذا التدهور. يؤكد فادي ان "السبب يعود إلى سياسة الصمت الطويلة التي مهدت لمرحلة الجوع، طوال عمره المواطن يصفق للزعيم، واليوم الزعيم طعماه الضرب".

يعوّل الأهالي على ولادة الحكومة لضبط سعر الدولار، ولتحريك الدورة الاقتصادية، وإن لازمهم الخوف من الآتي، سيما وأن الجوع اقترب من رقاب كل الناس حتى المعلمين في المدارس الخاصة، ممن لا تتجاوز رواتبهم الـ500 الف ليرة لبنانية، خرجت صرختهم الى العلن تحت وطأة غلاء الاسعار. وفق فاطمة معلمة الرياضيات في احدى المدارس الخاصة: "نواجه صعوبة في تأمين متطلبات الحياة، نعجز عن شراء أبسط الامور، دخلنا بالتقشف الكبير، نحن جزء من القطاعات المغبونة حقوقهم، ندرّس في مدارس تتقاضى الملايين على الطالب ولكن رواتبنا دون الحد الادنى، وفي ظل هذه الظروف لا يمكننا ترك المدرسة لأن لا بديل الا الاستمرار في المواجهة"، اكثر ما تخشاه فاطمة زيارة الطبيب إذ تقول: "فحصية الطبيب ثقيلة، اقل طبيب يتقاضى 50 الف ليرة، ناهيك عن سعر الدواء والفحوصات".

تنسحب أزمة معلمي المدارس الخاصة على العديد من عمال المعامل التي بدأت تصرف عمالها بسبب الازمة الاقتصادية. علي هو واحد من العمال الذين تمّ تسريحهم من بين 35 عاملاً كانوا يعتاشون من معمل الخياطة. ويقول: "الازمة تتمدد ولم يعد بمقدور الناس مواجهتها، المصيبة الكبرى في تفاقمها، فالجوع لا يرحم"، يرمي علي باللائمة على "سياسة الدولة الجائرة، لأنها لم تضع يوماً خطة طوارئ للأزمة، بل دوماً تفتعل الأزمات لتحقيق مكاسب سياسية". خرج علي الى ساحات الحراك للمطالبة بحقوقه، فهو سرح من عمله من دون أي تعويض رغم تمضيته 10 سنوات في المعمل الذي سرح منه، "لأننا نعمل باليومي وهذا إجحاف بحق كل العمال المياومين".

ساحة الحراك

داخل ساحة حراك النبطية يلتئم شمل الشبان من مختلف الاعمار، لا تغيب عن حديثهم أخبار تشكيل الحكومة، يرفضون شكلها ولكنهم مع اعطائها فرصة بعد تحديد مهلة، لأنه وفق سارة "الوضع الاقتصادي لم يعد يحتمل مزيداً من التصعيد، والحكومة المنتظرة لن "تشيل الزير من البير"، ولكنها بالحد الادنى قد تقطع يد المصارف عن التحكم برقاب الناس".

يقرّ الشبان أن وجودهم داخل الساحة تحد كبير، يقول ابراهيم إننا "كسرنا التابو، إمتلكنا جرأة التعبير، ألغينا كل المحظورات، الغلبة اليوم لحقوقنا المهدورة منذ سنوات".