يوسف مرتضى

حرب روسيا - أوكرانيا في عيون اليهود: بوتين هو "حجر العثرة"؟

17 كانون الأول 2022

02 : 01

بوتين خلال اجتماع قرب موسكو أمس الأول (أ ف ب)

العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا تشعل حرباً على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة الروسية في روسيا وإسرائيل، بين «الروس السّلاف» و»اليهود الروس». هذا ما يعيدنا بالذاكرة إلى جذور الصراع القومي الذي تفشى في حقبة روسيا القيصرية، وأخمدت ناره دون أن تطفئه، الثورة البلشفية بقيادة لينين في الحقبة السوفياتية. ثم بقرار من ستالين، تأسّست في الشرق الأقصى الروسي جمهورية ذات حكم ذاتي لليهود عاصمتها بيروبيجان. وكان الغرض من هذا التأسيس الاعتراف بالأقلية اليهودية كمكوّن أساسي لروسيا الستالينية، حيث كان من حق كلّ الإثنيات تأسيس وطن قومي.

واليوم، تحتلّ الأوليغارشية الروسية اليهودية مواقع مهمة وحساسة في الإدارة الروسية، وأبرز هؤلاء الملياردير أبراموفيتش المقرّب جدّاً من الرئيس فلاديمير بوتين، وهو في ذات الوقت الصديق الحميم للرئيس الأوكراني اليهودي فولوديمير زيلينسكي، وعدد كبير من أوليغارشية أوكرانيا.

ولتسليط الضوء على أهمية هذا الصراع واحتمالات تأثيره في مسار الحرب الروسية - الأطلسية التي تدور رحاها في أوكرانيا، أورد في ما يلي نماذج من الكتابات التي نقلتها عن مواقع إلكترونية باللغة الروسية، وترجمتها بتصرّف، بهدف إطلاع القارئ اللبناني والعربي على بُعد غير مرئي في أبعاد تلك الحرب الدائرة اليوم في أوكرانيا.

كتب الروسي أوليغ بوريسوفيتش أوزيروف في 2 كانون الأول 2022 على بوابة الإنترنت باللغة الروسية zahav.ru: «... يعبّر اليهود علانية عن آرائهم حول بوتين وروسيا ومنظمة NWO (النظام العالمي الجديد)، وبوقاحة عن كراهيتهم للروس. وتجمع مختلف المقالات للكتاب اليهود المنشورة باللغة الروسية، أن من يعوّق الترويج لخططهم العالمية ويُعيق انخراط روسيا فيها، هو فلاديمير بوتين، الذي أصبح بالنسبة لآلاف اليهود، يُشكل «حجر العثرة» بالمعنى التوراتي». ماذا يعني ذلك حسب المرجع التوراتي والمعتقد اليهودي؟»، يضيف أوزيروف: «الحجر الذي رفضه البناؤون صار رأس الزاوية، من يسقط على ذلك الحجر يُكسر ومن يسقط عليه يُسحق!» (لوقا 20: 17-18).

ثم يُعلّق على ذلك كاتباً أنه «عندما وصل فلاديمير بوتين إلى السلطة في نهاية عام 1999، اعتقد «الماسونيون» أنه سيكون واحداً من «الستة» أي من أتباع النجمة سداسية الأضلاع، أي واحداً منهم، وأنه لن يكون أكثر من منفّذ طائع لتعليماتهم. ولكن مع مرور الوقت اتضح أنه أصبح «حجر عثرة» بالنسبة لخطتهم، حيث قاد سياسة روسية مستقلة ضاعفت من قدرات روسيا الاتحادية. وعلى الرغم من بروز قوى معارضة له داخلية وخارجية، تمكّن بوتين من أن يستعيد قوة روسيا كدولة عظمى ويحفظ سيادتها».

ويضيف أوزيروف: «… إن هؤلاء اليهود الذين كان لهم دورهم الفعّال في انهيار الإتحاد السوفياتي ونهب روسيا، من الطبيعي أن يثير دور روسيا بقيادة بوتين غضبهم. بكل حال سوف يصابون بالهستيريا وهم يحلمون ويعملون على تفكيك روسيا التي عمل بوتين على استعادة دورها كدولة عظمى خلال 22 عاماً على التوالي. وهم يتحدثون عن ذلك علانية على المواقع الإسرائيلية ودون وجل…».

من شواهد أوزيروف على تلك الحملة على بوتين، ما نقله عن اليهودي داريا غيرشبيرج الذي كتب: «إلى متى يمكن لروسيا أن تبقى واقعية في شكلها الحالي - إمبراطورية ذات طموحات إمبريالية؟». واليهودي أركادي بابتشينكو الذي كتب: «لنبدأ بالأخبار السارة - روسيا ستنهار، هذا أمر لا مفر منه. لأن عصر الإمبراطوريات قد ولى. روسيا اليوم هي عبارة عن هراء ضخم متحجّر، يقودها بوتين الذي دخل القرن الحادي والعشرين وهو يجهل طبيعته وماهيته. لكن السؤال هو متى سيحدث الإنهيار؟ يمكن أن «يقع» في أي لحظة. سيحدث شيء ما وسيبدأ كل شيء من هذا. لقد رأينا بالفعل عصابات بريغوجين وقديروف (قوات مستقلة عن الحكومة المركزية)، كل الشروط موجودة هناك لحدوث الإنهيار.

يوماً ما سيكون هناك تكرار لعام 1917 - وهذا يحدث دائماً معهم. أوّلاً، يثنون على القيصر، ويذهبون ليموتوا «من أجل الوطن الأم» في غاليسيا، وبعد 4 سنوات أطلقوا النار على «القيصر الأب» في قبو إيباتيف...». وعلّق أوزيروف على كلمات أ. بابتشينكو، فكتب: «… هذا هو «المزيج القذر» المعتاد للصحافيين اليهود. نعم أثنى الشعب الروسي على القيصر وقاموا بتبجيله باعتباره «نائب الملك»، وقُتلت عائلة القيصر في قبو منزل إيباتيف من قبل عصابة من اليهود واللاتفيين، بناءً على أوامر مباشرة من اليهودي ياكوف مويسيفيتش سفيردلوف، مدير الحزب البلشفي، رئيس اللجنة التنفيذية المركزية لعموم روسيا من عام 1917 إلى عام 1919، وبعد ذلك تمت تسمية الشوارع باسمه في جميع مدن الإتحاد السوفياتي تقريباً!!!.

وكتب ديمتري كونانيخين (كاتب روسي ومحلل سياسي) في قناة Telegram اليوم، تعليقاً على اليهودي أركادي بابتشينكو وسائر الكتاب اليهود الذين يتوعدون روسيا وبوتين الذي يخونهم! قائلاً: «… لماذا خاننا بوتين جميعاً؟ لماذا تمّ هجرنا؟ ماذا حدث في الأمم المتحدة بالتصويت على تعويضات أوكرانيا؟ لماذا صرخت الولايات المتحدة وأوروبا وحتّى عاهرهم المهرّج الدموي حول السلام وهزيمة روسيا؟ لماذا صرخوا جميعاً في تشرين الثاني؟.

أوّلاً، تشرين الثاني، هو الشهر الأخير من الخريف، الشهر الذي يسبق كانون الأول، الشهر الأول من الشتاء. هذا مهم جداً لأوكرانيا وأوروبا، سوف يحرمون من التدفئة. ثانياً، الولايات المتحدة، بصفتها مالكة العبيد لما تبقى من دول التحالف الغربي التي يزيد عددها عن 55 دولة، لحساب إرهاب الدولة المتمثل في تقويض فروع خط أنابيب الغاز «نورد ستريم» وفرض أكثر من 12000 عقوبة اقتصادية، وتجميد وحجز أوراق مالية بقيمة 300 مليار دولار لروسيا، هذا المبلغ هو أقلّ بكثير من كلفة المساعدة المالية المباشرة لأوكرانيا على حساب مئات الآلاف من القتلى الأوكرانيين الأصليين والمرتزقة والمتخصّصين من الشركات العسكرية الخاصة.

بهذا الثمن الباهظ، تمكّنت الولايات المتحدة والغرب ككلّ من الصمود حتى شهر تشرين الثاني - ولكن في نفس الوقت، فإنّ من أطعموه وسلّحوه لعقود، أضحى مفاعلاً حيويّاً نازيّاً في حالة نوبة قلبية نشطة عشية فصل الشتاء المحتوم، وأوروبا المسروقة والمدمّرة أضحت تحت وطأة فواتير مجنونة لكل شيء، فإنّ الغرب بأسره يعيش في غمرة انخفاض حاد في مستوى المعيشة.

إنّ الكرملين هو الذي يُقرّر متى يُنهي طاقة المفاعل الحيوي النازي ومكان إرسال الطعام والأسمدة. وعلى خلفية إجهاد قوى الغرب بأكمله - عشية الشتاء والعاصفة الاقتصادية الآتية في عام 2023، تعمل مكاتب التصميم لدينا على مدار الساعة، وقد وصلت مصانع المنتجات العسكرية عندنا إلى طاقتها الكاملة، ويعمل وكلاء التجسّس المضاد لدينا على فتح شبكات كاملة من العملاء الأجانب ووكلاء التأثير، وللمرّة الأولى منذ 100 عام يتمّ تطهير ثقافتنا ومثقفينا، شبابنا أكثر وطنية من أجيال سبقت وتُقدّم بطولات في «الصمود والإنجاز» - وهذه روسيا الجديدة فقط - إنها تزداد سخونة، مع كلّ المشكلات والعقبات تخرج من حالة السبات - هل تعتقد أن الغرب لا يرى هذا؟

رؤية روسيا الشريرة المستيقظة في الشتاء؟ رؤية نادي الغضب الشعبي المتصاعد في عام 2023؟ هذا هو الكابوس الذي كانوا يحلمون به منذ زمن نابليون وهتلر. ولهذا السبب هم في عجلة من أمرهم يطالبون بوتين: «استسلم! استسلم على الفور! استسلم بينما يُمكننا أن نبيع لك الإحباط!». وردّنا عليهم، أن فيلق المشاة الروسي سوف يبيت لياليه الشتوية في الأراضي الجديدة المحرّرة بالكامل من النازيين الجدد، في وقت ستكون معاناة الأوروبّيين وحلفائهم في هذا الشتاء جزء من الثمن الكامل لصرخات الغرب الآتية حتماً. إنّهم خائفون جدّاً. لقد سحقنا كلّ المجانين من الغرب الذين كانوا يسعون للسيطرة على العالم». ويختم الروسي ديمتري كونانيخين: «نحن ضامنون للعدالة على هذا الكوكب. نحن حضارة عدل».

هذا بعض من السجال الإعلامي الروسي - اليهودي أنقله بكلّ تجرّد. وبغض النظر عن ميولي العاطفية تجاه الشعب الروسي، غير أنّني ضدّ الحروب وضدّ كلّ أشكال العنف بين البشر. فالاستقرار والسلم الدوليَّين يتطلّبان عالماً متعدّد الأقطاب، لا أحادية قطبية من وجهة نظري. وآمل في أن تنتهي هذه الحرب بالسبل السياسية وبأقلّ الخسائر الممكنة في أسرع وقت. وبما لا شك فيه أن نتائج هذه الحرب سوف تؤسّس باعتقادي لنظام عالمي جديد. فكما أفضت نتائج الحرب العالمية الأولى إلى تأسيس عصبة الأمم، وأفضت الحرب العالمية الثانية إلى تأسيس الأمم المتحدة، قد تنتهي حرب روسيا - الأطلسي، إلى صيغة جديدة للعلاقات الدولية. وحتى ذلك الوقت، ليس لنا إلا القول: اللهم نجنا من التهديدات النووية!


MISS 3