جاد حداد

Neymar: The Perfect Chaos... أي إنسان وراء أسطورة كرة القدم نيمار؟

17 كانون الأول 2022

02 : 00

كرة القدم هي الرياضة الأكثر شعبية في العالم، إذ تتعدد البطولات المحلية في جميع الدول وتطغى البطولات الدولية على الشاشات عالمياً. لكن يظهر من وقتٍ لآخر لاعب يتجاوز تأثيره حدود الملعب وعالم الرياضة بحد ذاته، فيصبح نجماً عالمياً بمعنى الكلمة. نيمار جونيور هو واحد من هؤلاء اللاعبين، فهو معروف في عالم الرياضة، وقد اشتهر أيضاً ببعض الإطلالات الخاصة في الأفلام. بدأت شبكة "نتفليكس" الآن تعرض الوثائقي Neymar: The Perfect Chaos (نيمار: فوضى مثالية) الذي يكشف حقيقة الشخص الكامن وراء هذا الاسم المشهور.

المسلسل من إخراج ديفيد تشارلز رودريغيز وإنتاج ليبرون جيمس ومافريك كارتر. هو يعرض، على مر ثلاث حلقات، تاريخ الفتى البرازيلي اللامع، نيمار جونيور، انطلاقاً من بدايته المتواضعة في ناديه الأول وصولاً إلى مشاركته في دوري أبطال أوروبا في العام 2020 مع فريق "باريس سان جيرمان".

يبدأ الوثائقي بالتعريف عن اللاعب. من الواضح أن صانعي العمل يريدون سرد قصة حياته من وجهة نظره الشخصية عبر عرض جميع المنشورات الإعلامية وفيديوات المعجبين الذين يسمّونه "الديفا" و"الوحش". لكن ترتكز الحلقة الأولى عموماً على طفولة نيمار والعوائق التي تجاوزها في بداياته. هو نشأ في أحياء البرازيل الفقيرة، وبدأ يلعب في النادي المحلي "سانتوس" وقاده إلى موسمٍ مليء بالانتصارات بدرجة لم يعرفها النادي منذ 48 سنة. لم يحقق الفريق هذا السجل اللامع منذ عصر بيليه العظيم.

يغطي الوثائقي جوانب شخصية عدة من حياة نيمار، لا سيما الضغوط التي تعرّض لها في بداياته كي يتحمّل تداعيات الشهرة والتركيز الإعلامي عليه. في مرحلة سابقة من مسيرته الرياضية في نادي "برشلونة"، يعترف نيمار بأنه انفجر في البكاء داخل غرفة تبديل الملابس بسبب تصاعد الضغوط عليه، فتولى ميسي حينها مواساته وتشجيعه. سنشاهد اللاعب لاحقاً وهو يتكلم مجدداً عن الضغوط الهائلة التي فرضها عليه بلده خلال بطولة كأس العالم في البرازيل، في العام 2014، حيث تعرّض لإصابة مريعة كادت تنهي حياته المهنية.

يحاول صانعو العمل إقامة التوازن المناسب لعرض أسوأ المراحل في مسيرة نيمار، لكنهم يبرعون في المقابل في عرض أفضل لحظات حياته وسط أجواء من الحماس الفائق. في الحلقة الثانية التي تحمل عنوان The Comeback (العودة)، يحصل المشاهدون على فرصة لإعادة مشاهدة مباراتَين لا يمكن نسيانهما. يتكلم نيمار في البداية عن حجم الضغوط المرافقة لكأس العالم في البرازيل، حيث تعرّض فريقه في نهاية المطاف للهزيمة أمام ألمانيا بنتيجة 7-1. كان هذا الجزء من الوثائقي لامعاً لأنه لا يكتفي بالتشديد على الأهمية الثقافية لكرة القدم في البرازيل، بل يغطّي أيضاً التفاوت الاقتصادي الهائل بين تكاليف استضافة البطولة العالمية (حصدت الفيفا معظم أرباحها) والبؤس الذي يعيشه معظم سكان البلد.

مقابل تلك اللحظة المدمّرة، سنشاهد لاحقاً كيف ساعد نيمار منتخب بلاده للفوز بأول ميدالية ذهبية على الإطلاق في الألعاب الأولمبية. كانت تلك التجربة استثنائية على جميع المستويات. على صعيد آخر، يعرض الوثائقي تفاصيل الموسم الذي أمضاه نيمار في نادي "برشلونة"، حيث وصل ثلاثة لاعبين إلى الفريق وهم في ذروة مسيرتهم الرياضية وقدّموا موسماً غير مسبوق: ميسي، ونيمار، وسواريز. عاد هذا النادي وفاز بدوري أبطال أوروبا، لكنه اضطر أولاً لتجاوز نقصٍ لم ينجح أي فريق آخر في معالجته سابقاً. خلال الجولة السادسة عشرة، واجه نادي "برشلونة" خسارة مؤلمة أمام "باريس سان جيرمان" بنتيجة 4-0.

تُسلّط الحلقة الثانية الضوء على التناقض السائد في عالم كرة القدم: يعيش اللاعبون نشوة الانتصارات والأهداف في إحدى اللحظات قبل أن ينهاروا فجأةً ويشاهدوا النجاح وهو يفلت من أيديهم.

على صعيد آخر، كان مفاجئاً أن يستكشف الوثائقي العلاقة بين نيمار الأب وابنه، فقد أسّس الأول شركة مُصمّمة بشكلٍ أساسي لتسويق اسم اللاعب وإدارة علاقاته العامة. يقول والده في مناسبات متكررة إن قرارات فريقه تعطي الأولوية دوماً لإرث نيمار الإبن وراحته، لكنه يعترف بأن ضغط العمل وتدخّله في حياة ابنه المهنية أثّرا على علاقتهما.

في النهاية، يمكن استخلاص استنتاج واضح من هذا الوثائقي: لطالما كان هذا الرجل الأسطوري في طليعة اللاعبين في كرة القدم المعاصرة، وهو تجاوز عالم الرياضة لطرح ماركة يسهل التعرّف عليها في كل مكان. لا مفر من أن يستمتع محبو "رقصة السامبا الأخيرة" وكرة القدم ونيمار بهذا الوثائقي الذي يكشف النقاب عن الإنسان الكامن وراء لاعب كرة القدم الشهير. إنها رحلة حماسية ومتقلّبة حيث ينكشف سر قوة هذا اللاعب الأسطوري.


MISS 3