نحاس لـ"نداء الوطن": "الله يساعدهم مش هيّنة"... وصندوق النقد خيار مطروح

02 : 00

نحاس: لست متفائلاً

"اللجوء الى صندوق النقد الدولي وكأنها مسألة إشكالية، طرح لا يصحّ، فعندما يكون لبنان في مأزق، لا يجب ان نشترط بل أن ندقّ فوراً أي باب يستطيع مساعدتنا ومدّنا بالدعم الذي نحتاجه". هكذا قارب عضو لجنة المال والموازنة النيابية النائب نقولا نحاس مسألة الاستعانة بصندوق النقد، مؤكداً لـ"نداء الوطن" انه يجب القول: "من يستطيع مساعدتنا اهلاً وسهلاً به، ومن يجد أي مؤسسة شبيهة، لا مشكلة، إنما لا أرى أمامنا إلا اللجوء الى جهاز عالمي متخصص كصندوق النقد، خصوصاً وأن لبنان عضو فيه منذ سنوات، ففرصة الاختيار محدودة جداً، والموضوع لا يتحمّل اي نقاش فضفاض حوله، فالصندوق خيار مطروح أمامنا ولبنان في أزمة غير مسبوقة مصيرية وليس عنده ترف الاختيار، ومن يرى غير ذلك ليقل لنا ما هو الحل البديل؟".

وشدّد نحاس على أن "أمام لبنان رزمة مشاكل، فيما ثقة اللبنانيين بالطبقة السياسية منعدمة، ما يحتّم على الحكومة الجديدة وجوب تسلّق سلّم اكتساب الثقة بسرعة، ومن ثم تسلّق سلّم إعداد خطة وقف الانزلاق والخروج من الازمة عبر الإصلاحات، وإعادة بناء الدولة والمؤسسات والأنظمة وإعادة احياء القطاعات الاقتصادية على أسس مغايرة وسليمة، ومن ثم تسلّق سلّم التطبيق الممنهج وفق روزنامة مضبوطة الإيقاع، هذا هو التحدي الذي لا نملك ترف ضياعه والذي قد لا نملك الوقت من أجله".

وتابع: "إقتصادياً، لبنان منهك في أقله، واقتصاده في جمود تام، فهناك تعثر واضمحلال لمؤسسات كبيرة وصغيرة وهذا الجمود خطير جداً، لأننا لا ندرك مدى تبعاته، فعندما يجمد الاقتصاد لفترة غير قصيرة، ينهار ويتفكك رويداً رويداً. وخطر الوقت هو الداهم علينا. فمثلاً عندما يتوقف النظام المصرفي عن القيام بمهامه الاساسية، يكون عنصر الحياة انقطع عن رئة الاقتصاد، وهذا يفتح الباب على أسوأ الاحتمالات، الامر الذي يتطلّب خطة انعاش متحكمة ومتكاملة، وعليه يجب تبيان الاسباب التي أوصلتنا الى هذا الدرك العميق وجلاء الغموض عن كل ما تراكم طيلة ثلاثين سنة، فالدين الحقيقي معروف ولكن الكثير من المعطيات النقدية والالتزامات المالية غير واضحة وغير شفافة مثلاً".

وشدّد نحاس على وجوب ان تُفتح كل الملفات، "أي، لماذا وصلنا الى ما وصلنا اليه؟ وكيف سنبني كل شيء مجدداً"؟ ورأى أن "المشكلة لا تكمن في الدين فقط بل في تراكم العجز في كل الحسابات، فكيف سنقيّمه مجدداً ونطّلع على حقيقة هذا العجز، وكيف سنوزّع الخسارات مجدداً إن وُجدت؟ ثم، كيف سنبني الاقتصاد الحر؟ لاننا كنا في اقتصاد غير منتج بعد اتّكالنا على مدخرات الناس في الخارج والداخل، من أجل تغذية نظام فاسد. إن التعامل أصبح يتمّ من خلال الاموال المدخرة في المنازل وليس عبر المصارف، فخرجنا من النظام المصرفي الى النظام الورقي، وهذا النظام كان في العصور السابقة، علينا العودة الى العصر الحاضر لكن هذا غير ممكن قبل إجراء تدقيق حقيقي لكل الحسابات لمعرفة كيفية بناء الحل إذ لا يمكن بناؤه في ظل غياب كل المعطيات".

وقال: "المعطيات اليوم والخيارات والاصلاحات الاساسية البنيوية والنظامية وفي الهيكليات، والتي صارت معددة في كل المجالات والمحافل لم يأتِ احد في السلطة الى الآن على التداول بها أو درس الأنجع منها. فالأهم هو إجراء تدقيق لجلاء الحقيقة ومعرفة مكامن الضعف، ومن ثم نأتي بمؤسسة متخصصة أو بلجنة وزارية متخصصة، لبناء الاصلاحات ومعرفة كيفية البدء بمعالجة العجز القائم وطرح خطة النهوض، لذلك كسب الثقة مهم قبل بدء طرح هذه الامور".

وتعليقاً على ردة فعل الشارع الذي نزع ثقته عن الحكومة سريعاً أجاب نحاس: "عليها أن ترى لماذا يرفضها وأن تعطيه الاسباب الموجبة بأنها مختلفة عن الحكومة السابقة. فالرفض هو جزء من ردة فعل احتياطية نابعة من الألم والمعاندات، الناس اكتوت والحكومة أمامها مهمة صعبة جداً وعليها تسلق السلم بسرعة لتكتسب الثقة.

وهل هي مؤهلة لاكتسابها؟ أجاب نحاس: "هنا عندي اشكالية، فلكي تتأقلم وتدرس وتأخذ الخيارات، يمكن أن يكون الوقت قد سبقها، لذلك أتحفظ عن تقييمي، رغم انني لست متفائلاً. ولكن اقول إذا كان لدى الحكومة قناعة بأن تشكّل فريقاً حقيقياً، لا انتماءات بل استقلالية في تحديد وتنفيذ الخيارات الصعبة الانقاذية المغايرة للمسارات التي اوصلتنا الى التعثر غير المسبوق، نكون صعدنا أول درجات سلم الثقة الذي تحدثت عنه. إن الوقت داهم جداً. وأنا أتحفظ عن موقفي لأني لا اريد أن أكون سلبياً في البداية، بل أقول: "الله يساعدهم لانو مش هينة". وما يدفعني الى الخوف هو أني لم أرَ أي تغيير في الأسس التي تألفت فيها الحكومة التي تخضع للمؤثرات السياسية نفسها ولكن بأوجه جديدة.