جاد حداد

Kaleidoscope... عملية سطو مشوّقة

4 كانون الثاني 2023

02 : 01

يتمحور مسلسل Kaleidoscope (المشكال) حول عملية سرقة ضخمة تشمل عشر شخصيات. تتّسم كل حلقة بأجواء ممتعة وتلقي نظرة على المرحلة التمهيدية لعملية السطو المخطط لها وتداعياتها اللاحقة. تتراوح الحلقات بين لقطات الماضي قبل 24 سنة، والزمن الحاضر، وما بعد السرقة بستة أشهر. يمكن مشاهدة أول سبع حلقات من أصل ثمانٍ بالترتيب الصحيح، لكن تكشف الحلقة الأخيرة حقيقة ما حصل خلال عملية السرقة.

يتعلّق أكثر جزء ممتع في المسلسل بمرحلة "تجميع الفريق" التي تمتدّ على عدد من الحلقات. في النهاية، يستعين زعيم العصابة "ليو باب" (جيانكارلو إيسبوسيتو) برفيقته القديمة "آفا ميرسير" (باز فيغا) ومساعده السابق "ستان لوميس" (بيتر مارك كيندال) ويجعلهما من أبرز المشاركين في أكبر عملية في حياة كلّ منهما. ينوي الفريق استهداف المسؤول الأمني القوي "روجر سالاس" (روفوس سيويل) الذي يزعم أنه يملك واحدة من أكثر مساحات التخزين أماناً في العالم.

لا يتّكل العمل على التسلسل الزمني بكل بساطة، بل إنه يحافظ على جوانبه الممتعة عند مشاهدة الحلقات التي تعود بالزمن إلى الوراء. يبدو المسلسل أشبه بأحجية، وتشكّل كل حلقة منه جزءاً من اللغز. عملياً، تشبه القصة خزنة مقفلة لها رمز خفي، فينكشف رقم منه في كل حلقة تمهيداً لاكتشاف الحقائق كاملة في نهاية المطاف.

يبدو المسلسل مصمّماً ليكون غامضاً، لا سيما في ما يخص طبيعة الشخصيات ودوافعها. يوحي "راي" و"روجر" تحديداً بأنهما يحملان خلفية درامية للقصة التي نشاهدها في الحاضر. تبقى هاتان الشخصيتان مثيرتَين للاهتمام في جميع مراحل الأحداث، لكن لا مفرّ من أن نشعر بأن مفاجأة تنتظرنا بعيداً عن القصة الأساسية وبغضّ النظر عن الترتيب الذي يختاره الجمهور عند مشاهدة المسلسل.

تشمل كل حلقة مجموعة تفاصيل تتماشى مع بنية القصة العامة. قد تبدو للوهلة الأولى مجرّد عناصر غريبة أو إضافات ضمنية في الحوارات، لكن سرعان ما يتبيّن أنها تلميحات واضحة عن أحداث أخرى، بحسب المرحلة التي تصل إليها القصة. مع ذلك، يعود عنصر التشويق الذي يميّز قصص السطو ويخسر قوته في كل مرة يُذكّرنا فيها المسلسل بالحقائق الخفية. هذا ما يحصل مثلاً عند الإشارة إلى الجهاز الشائك الذي يستعمله الفريق في جميع الحلقات تقريباً. قد تبدو هذه الفكرة ممتعة نظرياً، لكن سرعان ما تصبح مصدر إلهاء في الحلقات التي تبالغ في الإشارة إلى هذا العنصر.

على صعيد آخر، تبقى النواحي الجمالية في المسلسل باهتة لدرجة أن تحرم العمل من أجوائه الممتعة أحياناً. نظراً إلى تعدّد المخرجين (منهم روبرت تاونساند)، تبرز الحاجة إلى تحديد التوقيت على الشاشة كي يعرف المشاهدون المرحلة الزمنية التي يشاهدونها. يفتقر المسلسل إلى الترتيب الزمني التدريجي الذي يميّز المواسم التلفزيونية التقليدية وتطوّر الأحداث الذي يترافق مع ترتيب مقصود للكشف عن تفاصيل القصة.

ينطبق هذا الوضع على تطوّر الشخصيات أيضاً، لا سيما أعضاء فريق "ليو". توحي شخصية كلّ واحد منهم بأنه يخفي سراً مختلفاً عن المهمة المشتركة، وهو الذي يبقيه داخل الفريق. لكن نظراً إلى طبيعة القصة المتقلّبة، تبقى دوافعهم مرنة وقابلة للتغيير في أي لحظة. تتراجع المظاهر الرومانسية، وتصبح مؤهلات الشخصيات مشبوهة، وتخسر عملية السطو بحد ذاتها التخصص الذي يمنح هذا النوع من الأعمال أجواء ساحرة. يُخصّص صانعو العمل وقتاً طويلاً للمشاهد اللاذعة، مع أن هذه المقاربة تتطلّب أدوات دقيقة. ولا يُعتبر هذا المسلسل أفضل عمل من نوع دراما الجريمة في آخر خمس سنوات كي يعرض جدولاً زمنياً غير متسلسل تزامناً مع الحلقات المتنوعة وأداء ثانوياً من إيسبوسيتو الذي يقدم شخصية تربطها علاقة معقدة مع مخترق الخزنات.

لكن رغم ضعف بعض المشاهد، يبقى المسلسل ممتعاً بشكل عام. يسير كاتب العمل إيريك غارسيا وفريقه في اتجاهات غير مألوفة ويقدمون مفاجآت ممتعة من وقتٍ لآخر، حتى لو كان بعضها متوقعاً. يستحق العمل الإشادة أيضاً لأنه يحمل أجواء كئيبة وخططاً متعثرة تناسب الخط السردي العام في قصة يسهل الاستمتاع بها من دون الحاجة إلى تعقيدات مفرطة. يشتق معظم اللحظات الممتعة من الخطط التي ينوي "ليو" وفريقه القيام بها، ويتعلق جزء آخر منها بالنظرة الغريبة التي ترتسم على وجوه الشخصيات حين تدرك أن حياتها توشك على التغير بسبب أحداث خارجة عن سيطرتها. تتطلب هذه المقاربة مجازفات عدة في مراحل مفصلية من المسلسل، ويبلي صانعو العمل حسناً في معظم الأوقات.


MISS 3