مريم سيف الدين

عجاقة: قد يُطلب من النائبين رعد وشرّي الإستقالة

العقوبات "عقبة جديدة" أمام الحكومة

10 تموز 2019

12 : 10

الوزراء قماطي وخليل وأبو فاعور في جلسة للحكومة (رمزي الحاج)

هي المرة الأولى التي تضع الولايات المتحدة الأميركية نواباً من "حزب الله" على لائحة العقوبات. الأكيد أن لوضع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد على قوائم العقوبات الأميركية، مع زميله النائب أمين شري ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، تداعيات سيدفع ثمنها لبنان، لكن لا يمكن تحديدها منذ الآن وإنما توقع السيناريوهات الممكنة والقابلة للتغير وفق المفاوضات والأحداث الجارية في المنطقة. وفيما يتخوف البعض من مخاطر العقوبات، خصوصاً أنها أتت في وقت يعاني فيه لبنان من أزمة إقتصادية، يخفف آخر من فعاليتها ويصفها بـ"الرمزية".


ويعبّر الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة عن تخوفه من المخاطر التي ستنجم عن القرار الأميركي. ويقول لـ"نداء الوطن": "إن الأخطر من إدراج نواب ومسؤولين في الحزب على لائحة العقوبات الأميركية، منع الحكومة اللبنانية من التعامل معهم". ويعتبر أن هناك استحالة على الصعيد العملي في تعامل الحكومة مع النائبين، بينما يتوقع أن تعمد الحكومة إلى تجاهل القرار في الفترة الأولى، او إلى الطلب من النائبين تقديم استقالتهما، وهو ما قد يعارضه "حزب الله". ويطرح الخبير الاقتصادي سؤالاً: "كيف ستدفع الحكومة للنائبين رواتبهما؟"، ويرى بأن "العقوبات ستدفع بالمسؤولين السياسيين إلى التفكير مراراً قبل الإجتماع بهما وبأنها ستعرقل العمل التشريعي".


وقد يقال إن الحكومة اللبنانية غير ملزمة بتطبيق القرار، خصوصاً أنه يمس نائبين منتخبين من قبل الشعب، ويمثلان شريحة عريضة. لكن عجاقة يتخوف من أن تكون التداعيات مخيفة في حال رفضت الحكومة التعاون، "فلا يمكن توقع ردة فعل ترامب". وهنا يلفت عجاقة إلى ضرورة الإنتباه، "لأن ترامب لا يمزح، ولا يمكن للبنان القول إنه لم يتوقع الأمر لأن ترامب أعلن سابقاً عن عقوبات جديدة على حزب الله". أما أسوأ السيناريوهات التي يذكرها عجاقة فهي أن تفرض عقوبات على لبنان الذي يعتمد اقتصاده على تحويل الرساميل.


وفي حين يرجَح التجاهل كخيار ستتبعه الحكومة، يلفت عجاقة إلى أنه لا يمكن اعتماد سياسة التجاهل مع الأميركيين، ويذكّر بما جرى في العام 2015، حيث فرض الأميركيون عقوبات على "حزب الله" وتم تجاهلها، فوجهت إنذارات للمصارف واتخذ مصرف لبنان قراراً لانقاذ الوضع. ويشير عجاقة إلى أن تعاطي الإدارة الأميركية قد يكون أكثر تشدداً اليوم لأن الحكومة مختلفة الآن، وفي العام 2015 كان موقع الرئاسة شاغراً أما اليوم فهناك رئيس جمهورية. ويتوقع عجاقة أن تمتد العقوبات لتشمل شخصيات أخرى، يرفض تسميتها، معتبراً أنها مسألة خطرة إذ قد تمتد العقوبات إلى الحكومة اللبنانية في حال لم تؤخذ الأمور على محمل الجد. "فالقرار يفرض على الرؤساء الثلاثة آلية عمل جديدة لمواجهة الإجراءات".


وعن إمكانية أن تكون القرارات الصادرة أمس والتي تضع الحكومة اللبنانية أمام تحد جديد، هي إحدى الضغوطات الممارسة على لبنان لدفعه للموافقة على ما يعرف بصفقة القرن، يؤكد عجاقة، لكنه يضيف إمكان أن تكون هذه العقوبات امتداداً للعقوبات الأميركية على إيران أيضاً، "لكن السيناريو حتى الآن غير واضح".


عقوبات "معنوية سياسية"
من جهته يقول البروفيسور في القانون، المحامي بول مرقص، لـ"نداء الوطن": "سبق وفُرضت عقوبات ضد سياسيين في العالم ومنهم نواب، لكنها سابقة في لبنان أن تصدر عقوبات من سلطات إدارية أجنبية ضد نواب لبنانيين". أما ارتدادات القرار، فيعتبرها مرقص "معنوية وسياسية أكثر منها إجرائية".

ويضيف: "عادة تحتاط الأحزاب العسكريتارية، ولا تملك حسابات مصرفية هي أو أعضاؤها المعرضون لعقوبات. لهذا السبب تتخذ العقوبات بعداً معنوياً أكثر منه عملياً. بدورها تحتاط المصارف هي أيضاً لهذا الأمر فلا تفتح حسابات لمتنفذين أمنيين أو عسكريين، خصوصاً إن كانوا مشمولين بقانون مكافحة تمويل حزب الله". ويرجح مرقص أن تنأى الدولة اللبنانية بنفسها نظراً لهشاشة الوضع الداخلي ودقة التكوين السياسي، "فهذا المسلك الذي تسلكه تجاه القضايا". ويعبر المحامي عن رفضه لهذا المسلك وتأييده للمسلك الاستباقي، "ففي الكونغرس الأميركي الكثير من النصوص المعني بها لبنان وعلى الحكومة أن تتابعها. لا أن نرسل وفداً نيابياً بعد صدور القانون، ولو مشكوراً".

وبينما تظل الأمور مفتوحة على كامل الإحتمالات، يبقى الأكيد أنه على الحكومة عدم السير بالاتجاه الذي يرجحه الجميع بـ"التجاهل"، بل العمل على التعامل بحكمة مع إشكالية جديدة تضع لبنان بين مطرقة العقوبات الأميركية القابلة للتشديد أو الاقتتال الداخلي.


MISS 3