بشارة شربل

كأس التوطين المُرّ

27 كانون الثاني 2020

02 : 00

ربما وجب على الحريصين على حكومة حسّان دياب لفت نظره إلى تطور مهم يجري في واشنطن خلال الساعات المقبلة. ففيما الدكتور "العنيد" منكبٌ خلف الأسوار على صوغ بيان وزاري فيه "خير الكلام"، في الجهة الأخرى من العالم "صفقةُ قرنٍ" ستُعلَن بنودها وعلى لبنان التعامل مع ارتداداتها في الأحوال كافةً.

وما كان ينقص دياب - الآتي إلى السراي بعد محاصصة قوى "8 آذار" ونقص الثقة من الشعب و"الأجانب" - إلا هذا التحدي الجديد يضاف إلى مجموعة مصائب عليه تحمّلها محاولاً معالجة تداعياتها، وخصوصاً قضية النزوح السوري التي يفترض أن تتصدّر أولوياته بما أنّ دمشق عادت الى الحكومة من الباب وليس من الشباك.

فالصفقة المشؤومة لن تذكر أبداً حق اللاجئين في العودة، بل ستكتفي، كما هو متوقع، بمنح الفلسطينيين دولةً منزوعة السلاح على جزء من الضفة الغربية موصولٍ بنفق الى غزة.

ويعني ذلك انّ مزايدات الأنظمة العروبية الحزبيّة – العسكرية الفائقة الرواج لعقودٍ مديدة والتي اجترّتها سلطة الوصاية وقوى الممانعة في لبنان حول حقّ العودة والتجارة بالفلسطينيين وصلت الى خطّ النهاية بل الى موعد الاستحقاق.

بوسع دولة الرئيس طبعاً إضافة عبارة سهلة الصياغة من قاموس الممانعة والمزايدة، وهي الرفض المطلق لـ"صفقة العار" والتمسّك بالحقوق الفلسطينية التي أقرّتها الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، فذلك كلامٌ لا جمرك عليه، لكنّه قد يجعلنا نحلم بالمساعدات بدل الأمل بجذبها فعلاً بعد الاصلاحات.

لن يقبل الفلسطينيون حتماً بما سيعرضه عليهم ترامب، أو ما سيحاول فرضه بالأحرى معتبراً أنّه الفصل الأميركي الأخير في مساعي السلام. وسيترتّب على الأردن تجرّع الكأس المُرّة وإن جاهر برفض العودة عن "فكّ الارتباط" مع الضفة. لكنّ القدرة على التصدّي للصفقة الأميركية الظالمة شبه معدومة، خصوصاً مع غرق "الجبهة الشرقية" في دم مواطنيها وفقدان "القضية الفلسطينية" صفة "المركزية" وتحوّل الخطر الايراني المهدّد للعالم العربي أولويةً.

ليس حسان دياب محظوظاً على الاطلاق. فالتوطين الفلسطيني صار واقعاً، والنزوح السوري بات خطراً يحدق بمستقبل لبنان. والملفّان بحاجة الى أكثر من "سوبرمان" فيما دياب عاجزٌ عن طمأنة مواطنه الى قدرته على سحب مئة دولار ويتلطّى وراء جدرانٍ مرصوصة من السراي الى البرلمان.


MISS 3