نداء الوطن

التقشّف وتراجُع المداخيل يُهدّد بلديات بعلبك

28 كانون الثاني 2020

02 : 00

بعض البلديات يقوم بالحدّ الأدنى من مهامه

تنعكس الأزمة التي يعيشها لبنان على مختلف القطاعات والمؤسسات، وتتولّد معها أزمات تعصف بالمواطنين واحدةً تلو الأخرى مهددةً بانهيار تلوح ملامحه، تغيب فيه الحلول الإنقاذية رغم تشكيل الحكومة الجديدة.

يطاول الإفلاس المؤسسات والمنشآت العامة والخاصة معاً، ويسير الإنهيار الذي يصيبها بالتوازي مع إنهيار البلد ككل من دون أن يرف للسلطة جفن، في ظل غياب أي برنامج إصلاحي أو خطة للحكومة الجديدة والتي تأخرت بفعل تقاسم الحصص. وبعد الأزمة التي طاولت المدارس الخاصة والخطر الذي يهددها بالإقفال نتيجة شح الأقساط وعجز الأهالي عن دفعها، وتوقف الدولة عن دفع المنح المالية ومستحقات المدارس الخاصة المجانية منذ ثلاث سنوات، تعاني معظم البلديات اليوم من أزمة مالية تهدد عملها وقيامها بواجباتها تجاه المواطنين، وتهدد معها مصير مئات الموظفين الذين يعملون ضمن نطاقها.

تعتمد البلديات على الصندوق البلدي المستقل لتغذية خزينتها، والتي لها في ذمة الدولة مستحقات العامين 2018 و2019، إضافةً إلى الضرائب والرسوم التي تجبيها من المواطنين، والذين بدورهم يمتنعون عن دفعها لسببين: الأول يتعلق بلقمة العيش وتأمينها لأطفالهم وهي أهم بالنسبة لهم من دفع المتوجبات كالمسقفات وغيرها، والثاني هو العصيان المدني الذي يمارسه الناس للضغط على السلطة. ومع توقف مصادر تمويل البلديات ووقوعها في أزمة مالية بدأت إنعكاساتها تظهر على الأرض لجهة تسيير شؤون الناس من نظافة وصيانة منشآت وطرقات عامة وداخلية وصرف صحي وغيره، إضافةً إلى عدم قدرتها على دفع رواتب الأجراء والموظفين الذين لا يشملهم قانون الموظفين العموميين ولا يستفيدون من التقديمات الإجتماعية ونظام التقاعد، وتسيّر أمورها وفق الإمكانات المتاحة التي شارفت على النفاد ما يهدد بإقفال العديد منها.

وفيما كانت بعض البلديات المنحلة تتحضر لخوض انتخاباتها في السابع والعشرين من تشرين الأول الماضي وقد تمّ تأجيلها حتى إشعارٍ آخر بفعل الظروف وتحديداً "ثورة 17 تشرين الأول"، حيث فقد مواطنو هذه البلديات أبسط الخدمات بفعل الخلافات العائلية والحزبية التي أدت إلى سقوط المجالس البلدية وحلّها، تطل الأزمة على البلديات بشكل عام اليوم لتحرم المواطنين من الخدمات اليومية وأبسط الواجبات التي تقوم بها تلك المجالس.

رئيس بلدية بعلبك فؤاد بلوق وفي حديث لـ"نداء الوطن" قال إن "الأزمة لا تطال مدينة بعلبك فحسب، وما نمرّ به يحتاج جهوداً جبارة حتى نستطيع الخروج منه، على أمل أن تتمكن الحكومة الجديدة من إيجاد الحلول"، رغم أنه يجزم بأنها لن تستطيع ايجاد هذه الحلول، "فالدولة منهارة وينخر فيها الفساد ولا يوجد فيها أموال". وأشار إلى أنه "قبل الثورة لم نقبض المستحقات المالية من الصندوق البلدي المستقل عن الأعوام 2018 و2019 وأموال الخلوي المستحقة، وفي ظل غياب الجباية ودفع الرسوم وكل مصادر التمويل، كيف للبلدية أن تقوم بمهامها من إزالة النفايات وصيانة الآليات التي تنقل هذه النفايات، ودفع رواتب الأجراء الذين يعملون".

واشار بلوق إلى أنه "اتبع سياسة تقشّفية في البلدية منذ شهر شملت رواتب موظفين ما عدا موظفي النفايات والصرف الصحي فهم يقبضون عن عشرين يوماً من أصل شهر، والميزانية الموجودة تكفي لسداد رواتبهم لشهرين فقط، وشملت أيضاً نشاطات ومشاريع وتقديمات ومساعدات للجميع من أجهزة أمنية وجمعيات"، وأضاف إنّ "إصلاح الطرقات وتزفيتها بعد الشتاء هو غير ممكن الآن بفعل غياب الاموال". وحذر بلوق من "كارثة حقيقة قد تحصل إذا استمر الوضع كما هو عليه، فعدد من البلديات توقف منذ شهرين عن دفع رواتب الموظفين وهي لا تقوم الا بالخدمات الضرورية".

بدوره رأى جان الفخري رئيس إتحاد بلديات دير الأحمر لـ"نداء الوطن" أن "الأزمة أصابت كافة البلديات، والوضع المادي صعب وهي تعتمد على الصندوق البلدي وصندوق التنمية، وتعمل الآن بالقطارة حيث توفر الخدمات وفق المبالغ المتوفرة في صندوقها، وفي كثير من الأحيان تعمل عبر الاستدانة إلى حين صرف المبالغ والمستحقات". واشار إلى أنّ "البلديات لا يمكن أن توقف خدماتها فهي تقوم مقام الدولة في تسيير المرافق العامة، وكذلك هناك رواتب الموظفين لأربعة أشهر لم تسدد حتى الآن"، آملاً أن تحل الأزمة وتعود البلديات إلى عملها في تأمين الخدمات للمواطنين.


MISS 3