عماد موسى

فجيعة جورج وسوف

9 كانون الثاني 2023

02 : 00

في أسبوع واحد وقعت فاجعتان. مات شابان في مقتبل العمر في حادث سير على طريق فيطرون. تفحّما بلحظات داخل سيارتهما. أحرَقَ موتُ كارل شدياق ورامي عودة حرقاً قلوب أم وأب وإخوة وأصدقاء وأهل. وبعد أيام توفي بكر المطرب جورج وسّوف وهو على مشارف الأربعين، إثر نزيف داخلي لم يتمكّن الأطباء من وقفه. في وقت قصير، عقب الوفاة، صارت فجيعة "أبو وديع" عنواناً أوّل على المواقع الإلكترونية ومحطات التلفزة وملأت صور الفقيد ووالده وسائل التواصل الإجتماعي، ومن لم ينشر صورة للراحل مع والده نشر ورقة النعي مرفقة بأصدق التعازي، ومن منَّ الله عليه بنعمة الشعر، تفجّرت أبياته برقاً ودموعاً.

فجيعة عائلتين تمرّ خبراً عابراً ومختصراً بين متفرّقات، وفجيعة عائلة تصبح "تراند" ويتداول الناشطون مقاطع بكاء وعبارات تفتّت القلوب وتدمي العيون.

"راح وديع يا ام وديع". قال المطرب المشهور لزوجته شاليمار في صالون كنيسة مار نقولا في الأشرفية. ووالدا كارل ورامي قالا الكلام نفسه، من قلب متفحّم على الأرجح، ولم يصغِ إلى ألمهما سوى أقرب المقرّبين.

فتحت فجيعة جورج وسّوف، وأيام التعازي المنقولة على الهواء لأسبوع، الباب مجدداً على نقاش مسألة جوهرية:

أيحقّ للكاميرا أن تكون وقحة إلى حدّ اختراق أشدّ اللحظات مأسوية وألماً؟ أين تقف حدود التغطية الصِحافية؟ وما الغاية من استصراح النجوم والسياسيين من خلال أسئلة تنمّ عن انتشار وباء الغباء؟

عدا الموت المبكر، لأسباب باتت معروفة، هل للراحل العزيز بصمات ومنجزات يجدر التوقف عندها أو الإضاءة عليها؟

أين الـ"سكوب"؟ لا أعلم أينه. وهل طقوس الحزن، بواقعيتها الجارحة، ترفع منسوب المشاهدين والمتابعين والقرّاء؟ الجواب نعم.

إستطراداً، أمن المعقول أن تحتل تصريحات الممثلة نادين الراسي ووديع الشيخ ونجوم الإعلام صدارة الإهتمام على مدخل الكنيسة أو أن يصبح فيديو الـ"ديفا" هيفا، بكامل أناقة الحداد، مواسية الوالد المفجوع، الأكثر تداولاً على المنصات الإلكترونية؟

ثمة من يعتقد أن الواجب يقتضي، كما يقتضي الحب والوفاء ألّا يُترك الأب المحبوب فريسة حزنه، فليكن الحزن جَمَاعياً، طبيعياً أو مبالغاً فيه. وهناك من يعتقد أن شرائح كبرى متعطّشة لمشاهدة نجومها وسياسييها في محطات إنسانية تفتّت قلب الصخر. لو كان الجرّاح الذي أجرى عملية تكميم معدة وديع وسّوف من المشاهير، لانشغل بعض الإعلام بتحريك الرأي العام ضده، ولأحيت الوفاة الأقاويل والشائعات لفترة من الزمن.


MISS 3