محمد دهشة

إضراب الأساتذة صيداوياً... كرامة المعلم لا تقارَن بـ5 دولارات

10 كانون الثاني 2023

02 : 00

مربّية ترفع لافتة أمام أحد المصارف في صيدا

تختصر لافتة رفعتها معلّمة أمام أحد المصارف المعروفة في صيدا، وهي تطالب بمعاشها التقاعدي، صورة الأساتذة الذين يعيشون الضنك بعدما وصلوا الى الحضيض، وهم العاملون اليوم بـ»اللحم الحيّ» والمتقاعدون مع قلّة حيلتهم لتأمين سبل العيش الكريم، فالمهنة لا تورث المال وإنما تربّي الأجيال، فيما لبنان أحوج ما يكون فيه إلى التعليم والأخلاق معاً لبناء مستقبل الاجيال وللنهوض من أزماته المعيشية والاقتصادية والحياتية.

الصورة أمام المصرف، قابلتها صورة أخرى في مدارس المدينة الرسمية، الثانوية منها والأساسية (الابتدائي والمتوسط)، إذ عاشت الفوضى والارباك بعد الاضراب الذي نفّذه أساتذة التعليم الثانوي من جهة، والمتعاقدون في التعليم الأساسي والمهني من جهة أخرى، تلاقوا على المطالبة برفع رواتبهم ودفع المستحقّات المالية وتأمين ظروف عيش كريم لهم، في ظل أسوأ أزمة معيشية لم يسلم منها أي قطاع في لبنان مع طول أمدها، حتى باتت تهدّد نجاح العام الدراسي الحالي.

والتزم اساتذة ثانوية صيدا بغالبيتهم بالإضراب بعدما حضر الأساتذة الثانويون إلى مراكز عملهم وتوقّفوا قسراً عن التعليم وخاصة عن الحضور ولا سيّما ثانوية صيدا الرسمية للبنين (مصطفى الزعتري)، ثانوية حكمت صباغ الرسمية للبنات، ثانوية المربية ثريا فارس أبو علفا، ثانوية د.نزيه البزري الرسمية (توقّف جزئي).

ولم يكتف الاساتذة بذلك، بل عقدوا جمعيات عمومية للتصويت على توصية تتضمّن: سحب الثقة من الرابطة، وصوّتوا على استمرار الإضراب حتى نهاية الأسبوع بانتظار أي استجابة لمطالبهم وأبرزها تصحيح الرواتب بما يتناسب والتضخّم الحاصل، رفع بدل النقل الى 40% من سعر تنكة البنزين، الاستفادة من الاستشفاء الكامل أسوة بعدد من القطاعات، مع التوقّف القسري عن التعليم. وتوضح مصادر تربوية لـ»نداء الوطن» أنّ إضراب التعليم الثانوي شلّ مدارس صيدا والأساتذة الذين عقدوا جمعيات عمومية طلبوا حجب الثقة عن رابطة التعليم الثانوي من قبل أكثر من 150 مندوباً وذلك لديوان الوزارة، أي أكثر من ربع المندوبين وتحديد جمعية عمومية لحجب الثقة عن الرابطة، تحت رقم 222/11، لانهم يأخذون عليها أنّها لا تدافع عن حقوقهم كما يوجب العمل النقابي، بل تقوم بالتنسيق مع المكاتب التربوية الحركية على اختلافها، ما يجعلها مقيّدة، ويرفضون لغة الوعيد والخصومات لإجبارهم على التراجع.

وفي التعليم الأساسي (الابتدائي والمتوسط) والمهني، توقفت غالبية مدارس صيدا عن التدريس تحت عنوان «يوم كرامة المعلم في لبنان»، وتبيّن أنّ ما يفوق نسبة 70% من الاساتذة هم متعاقدون، بخلاف المدارس في محيطها، وقد ساد الارباك والفوضى مشهدها، حضر بعض الأساتذة وأضعاف مضاعفة من الطلاب ولم تتم عملية التدريس، رافضين «اعطاءهم مبلغ 5 دولارات عن كل يوم عمل». وأعلنوا خلال وقفات الاحتجاج عن «تنفيذ الإضراب العام والشامل في المدارس الرسمية على الأراضي اللبنانية كافة». وأكّد الاساتذة «أنّ الاضراب ليس فقط من أجل الدفاع عن حقوقنا وإنما لندافع عن حقّ الاستاذ وكرامته في لبنان. منذ عام ونصف لم نحصل على رواتبنا وبدل النقل الذي وعدنا به وزير التربية، كرامة المعلم لا تقارن بـ5 دولارات، وجميع النواب هم مسؤولون عن انهيار القطاع التعليمي. كرامتنا فوق كل شيء ولا يمكن لأي احد أن يهددنا».

واللافت في المشهد الصيداوي أنّ طلّاباً اضطرّوا الى القفز فوق أكوام من النفايات المتراكمة قرب للوصول الى مدارسهم، او السير بمحاذاتها وقد أُزكمت أنوفهم من الروائح الكريهة، حيث يقول الطالب علي بعاصيري: «كنت فرحاً بالعودة الى المدرسة ولقاء زملائي، ولكن مع اضراب الأساتذة وتراكم النفايات اسودّت الدنيا في وجهي، يكفي الفقر والغلاء وارتفاع الدولار، للأسف القطاع التربوي يحتضر ومصيرنا بات مجهولاً من اليوم».


MISS 3