رمال جوني -

"عمّال الفاعل" متروكون لـ"غول" الغلاء... وقدر مجهول

29 كانون الثاني 2020

02 : 00

"كيف بدي عيش!". تكفي صرخة المواطن علي ترحيني ابن بلدة عبا الجنوبية لفتح الباب على واقع مؤلم يسيطر على قرانا. اذ لم يعد بمقدور علي تأمين متطلبات الحياة، "العامل بالفاعل" لا يتقاضى سوى 450الف ليرة لبنانية شهرياً، وعليه أن يعتاش منها في ظل واقع اقتصادي قاس، يتقاطع مع ارتفاع قاس للأسعار.

لم يجد علي سوى رفع صوته عالياً بعدما سدت بوجهه كل المنافذ، لا سيما وأنّه يقتطع من معاشه مبلغ 150الف ليرة لسداد اجرة الباص الذي يقل أطفاله إلى المدرسة، فلا يبقى في جيبه سوى 300الف ليرة. "كيف أتدبر أمري" سؤال يرسم واقعاً خطيراً يسيطر على الكثير من عائلات القرى، لا سيما وأنّ هذا المبلغ لا يكفي لتأمين بعض المتطلبات فكيف سيكون عليه الحال اذا أصيب أحد أفراد العائلة بالمرض؟

كان راتب علي حوالى 900الف ليرة قبل أن تقرر الشركة التي يعمل فيها تخفيض معاشه الى النصف، أسوة بباقي العمال. هو يعيش وسط ظروف مأسوية حيث تتسرب المياه الى منزله شتاء. يتحدث إلى "نداء الوطن" عن معاناته فيقول: "بدأت اخسر كل شيء، بت عاجزاً عن شراء متطلبات المنزل، لا يكفيني مبلغ الـ300 ألف ليرة في ظل الغلاء الفاحش، وما من معين".

يحاول علي التأقلم مع واقعه، فكثر يرزحون تحت وطأة ظروف مماثلة، لكنه يقول "الجوع كافر لا يرحم، لا تأمين صحياً ولا ضمان اجتماعياً، باختصار نحن المهمشون في هذا البلد".

في منزله الذي يفتقد إلى أبسط مقومات العيش، يعيش علي مع أولاده الثلاثة وزوجته، يعانون "القلّة"، ويواجهون الواقع الذي لا يرحم، ما كان ليرفع صوته لو كان قادراً على مواجهة حالته: "الظروف أقسى مني، نحن أشبه بالأحياء الأموات"، ولا ينفك يقول "الجوع هو الذي أوصلنا إلى هذه الحالة، وتركنا لذئب الأسعار ليقتلنا"، وأكثر ما يقلقه "حين نمرض كيف نتعالج، لا نملك ثمناً للدواء، نحن متروكون لمصير مجهول".

تفتح صرخة علي قضية العمال المياومين المحرومين من كل الحقوق ومن ضمان الشيخوخة والتأمين الصحي، رغم أن ركيزة المؤسسات والدوائر الحكومية تعتمد عليهم، فهم عصب العمل، ومع ذلك يستثنون من كل شيء، وهذا يدفع بعلي للقول "نخاف الآتي من الأيام، اذا تدهور الوضع اكثر قد يتم الاستغناء عن خدماتنا، فمن يحمينا، من يعوّض علينا"، هذا الامر لم تطرحه أي من الحكومات السابقة، ولم يدرج بند المياوم على جدول أعمالها، ما يطرح تساؤلًا: هل هذه الشريحة من العمال هي على هامش الاولويات؟ ولماذا لا يتم ضمها إلى الضمان الاجتماعي او التأمين الصحي؟.

أكثر ما يؤرق المواطنين هي الأسعار الكاوية التي تستبيح الاسواق وسط تساؤل عمن يضبط الاسعار ويضع حداً لجشع التجار. اذ بدا لافتاً تفاوت الاسعار بين محل وآخر. فالكل "يُسَعِر" وفق أهوائه، يضيف السعر الذي يتناسب مع ربحه، مستغلاً غياب الرقابة وتحديداً جمعية حماية المستهلك. تظهر جولة بسيطة بين المحال مدى التفاوت في الأسعار. وحده المواطن يدفع الثمن، "لا ينبث ببنت شفة"، يعض على وجعه ويتخلى عن كل الكماليات، فالرواتب فقدت قيمتها، وعمال "الفاعل" باتوا متروكين لـ"غول" الغلاء.

اختراع مبتكر

ومع ذلك، يمكن أن تخرج من عمق الأزمات حلول. وهذا ما فعله الشاب حسن الشاب الذي وجد علاجاً يحاول من خلاله التخفيف من استهلاك مادة البنزين، عبر ابتكار صديق للبيئة يخفف جرعة التلوث. اذ استطاع الشاب حسن الشاب ابن بلدة زفتا الجنوبية ايجاد حل لمصروف السيارات عبر اكتشافه ثغرة في محرك السيارة، وإعطاء دفع وقوة للمحرك عبر آلية ECU TUNING . وهي عبارة عن رقاقة للتعديل في وحدة التحكم الإلكترونية في السيارة ECU لتحقيق أداء أفضل وانبعاثات أنظف وتوفير للوقود، وتتراوح الكلفة بين 200 و300 دولار. ومعها يتمكن المواطن من تخفيف مصروف استهلاكه للبنزين. ووفق الشاب نفسه فإن حشريته الهندسية اوصلته لاكتشاف الثغرة عبر اكتشاف خلل ميكانيكي داخـــل المحرك مكّنه من تطبيق تقنيته التي بدأت تأخذ رواجاً في السوق اللبناني لا سيما أنها تقلل من انبعاثات الغازات السامة وتصبح صديقة للبيئة. وتقوم معادلته على تعديل محرك السيارة، بشكل يصبح مصروفه من البنزين قليلاً، ما يعني "تخفيف" الفاتورة.

هكذا يمكن لكل مواطن أن يعدّل محرك سيارته ويخفف من فاتورته لا سيما في ظل أزمة البنزين.