نغم شرف

مسرحية "حيّ التنك" تسترجع معالم بيروت

10 تموز 2019

15 : 55

PHOTO-2019-07-08-14-52-22

تشبه مسرحية "حي التنك" أغلب أحياء وسكان بيروت، من الشخصية التي لا تزال تعيش في لبنان الرحابنة، الفتاة التي لا ترغب سوى بالزواج وتأسيس عائلة، المختار الذي لا يكترث لدوره والرّجل الذي يخيف الجميع بلهجته الشوارعية، لكنه يتحول إلى عاشق أغنيات عمرو دياب تحت شباك المرأة التي يحب. لا تملك مسرحية "حي التنك" التي عرضت على "مسرح المدينة" واجهة سياسية او ثقافية، بل شعبية من الشارع والأشخاص اليوميين الذين لا يعرفون المقاهي الثقافية والكتب التي غيرت التاريخ، لكنّهم يملكون ثقافة عاطفية وسياسة غير منمقة تقودهم في الحياة كل يوم.


هذا التفصيل شرحه الكاتب والمخرج "حسام حوحو" بالقول: "لم يعد هناك أي داعٍ لنقدّم المسرحيات السياسية وكل انواع الطوائف في أعمالنا بهدف خلق توازن، الأفكار التي عُرضت تطال الجميع. لم يعد لدينا وقت للتفكير بمن هو الطرف المحق، يجب أن نجد حلولًا لما نعاني منه، والشخصيات في المسرحية تمثّل أغلب الأشخاص في المجتمع اللبناني وكيفية تعاملهم مع الأحداث". تناقش المسرحية موضوعين يمسّان الحياة اليومية لأغلب الأشخاص في بيروت وهما: "قانون الإيجارات" و"المباني التراثية".


يعيش سكّان "حي السراي" في قصر تابع لعقار هجره أهله، فصنعوا فيه منازلهم المؤلفة من غرف صغيرة، ويتشاركون حماماً واحداً، وخط كهرباء مسروق.

يمثّل سكان هذا الحي الطبقة الفقيرة غير القادرة على مواكبة المتطلبات اليومية في بيروت والتي تمنعهم من الحصول على أقل حقوقهم وهي بيت يحمي أجسادهم، وبالتالي قرروا أن يعيشوا في المشاع، إلى أن جاءت بعد سنوات صاحبة القصر لتسترجعه، ومن هنا تتسلسل الأحداث التي تكشف لنا أن الهدف الأساسي من استرجاع القصر التراثي الذي يمثّل تاريخ العمارة في بيروت، هو هدمه وبناء مركز تجاري، فيبدأ الخلاف بين سكان حي السراي ومالكة القصر، وكلّ منهم يحاول الدفاع عن حقّه بالبقاء.

عن هذا الصراع يقول حسام: "القانون الذي أصدرته الدولة في ما يخص الإيجارات ليس واضحاً، وهنا أحكي عن تجربة شخصية. كل الأطراف المعنية بهذا القانون غير قادرة على فهم صلبه، وفي الوقت عينه كلّ واحد منهم لديه وجهة نظر محقّة ومبررة".


أما في ما يخص المباني التراثية فأوضح: "نحن في طور خسارة تحف عمارية فنيّة تحتوي تفاصيل مذهلة من البوابة وصولًا إلى الشرفة. تحوّلت بيروت إلى مدينة بلا معالم، مثلها مثل أي مدينة حديثة عبارة عن علب باطون".


تنشر مسرحية "حي التنك" ثقافة المسرح لدى الطبقات الشعبية، متجنبة كل ما هو politically correct فنشعر أننا في الحياة اليومية التي تعلّق على كل التفاصيل بطريقة كوميدية. الممثلون الذين تدربوا أشهراً طويلة ضمن جمعية "كواليس" أبدعوا بتمثيلهم على المسرح، وما قدّموه للمشاهد هو إخراجه من داخله إلى الحي والمدينة نحو رحلة ممتعة ومضحكة، الأمر الذي لا يتم الإرتكاز عليه حالياً في الاعمال المسرحية التي تسعى إلى أخذ الجمهور في رحلة داخلية تفصله عن محيطه.