السلطات تُحظّر بثّ قناة محلّية

العنف يتجدّد ضدّ ثوّار العراق

10 : 33

مواجهات بين الثوّار و"مكافحة الشغب" في ساحة الخلاني في بغداد أمس (أ ف ب)

قُتِلَ عراقيّان وأصيب عشرات آخرون بجروح بالأمس خلال أعمال عنف مرتبطة بقمع ثورة "بلاد الرافدين" التي تُطالب بسقوط النظام السياسي المدعوم من طهران برمّته، بُعيد إصدار السلطات أمراً بحظر بث قناة محلّية لمدّة شهر، معروفة بتغطيتها المكثفة للتظاهرات الشعبيّة العارمة.

وفي بغداد، اغتيل الأستاذ الجامعي محمد حسين علوان، أحد المشاركين في الاحتجاجات الطلابيّة وداعم للثورة العراقيّة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بهجوم مسلّح لدى مروره بسيّارته في شمال بغداد، فيما أكد مصدر طبي أن جثته نُقِلَت إلى أحد مستشفيات بغداد، بينما يُطالب ناشطون مدنيّون ومتظاهرون، بوقف العنف وعمليّات الخطف والاغتيال التي تستهدف المحتجّين بهدف الترهيب، وتقف وراءها ميليشيات "الحشد الشعبي" التي تدور في فلك إيران، بحسب الثوّار.

وعلى مقربة من "ساحة التحرير" الرمزيّة، معقل الثورة في بغداد، حاول متظاهرون إغلاق شوارع وإلقاء حجارة على قوّات "مكافحة الشغب" التي ردّت بإطلاق الرصاص الحي والغاز المسيّل للدموع، ما أدّى إلى إصابة 15 محتجّاً بينهم ستة بالرصاص الحي في تلك المواجهات العنيفة.

وفي الكوت، كبرى مدن محافظة واسط الواقعة جنوب بغداد، قُتِلَ ثائر بالرصاص وأصيب 56 متظاهراً، بينهم 20 بالرصاص الحي، خلال صدامات مع قوّات الأمن التي استخدمت أيضاً قنابل الغاز المسيّل للدموع، وفق مصادر طبّية وأمنيّة، التي أشارت إلى وجود عشرة جرحى من قوّات الأمن، في وقت تواصلت الاحتجاجات الشعبيّة في مدينة الناصريّة المضطربة وتوافد متظاهرون غالبيّتهم طلبة من مختلف المراحل الدراسيّة، إلى "ساحة الحبوبي" مركز الاحتجاجات.

وقال المتظاهر جواد علي: "خرجنا اليوم (أمس) وسنتظاهر يوميّاً لدعم احتجاجات التحدّي التاريخيّة، لنُجدّد مطالبنا بتسمية رئيس للحكومة وتصديق قانون الانتخابات الجديد وتحديد موعد انتخابات مبكرة". وأضاف أنّه بخلاف ذلك "سنُصعّد الحراك السلمي في حال استمرار التسويف والمماطلة"، إذ فشلت الأحزاب السياسيّة حتّى الآن، بالتوصّل إلى اتفاق على تسمية بديل لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، الذي استقال في كانون الأوّل، لكنّه لا يزال يواصل مهامه كرئيس حكومة تصريف أعمال، فيما تواجه الحكومة العراقيّة انتقادات واسعة لعدم بذلها جهوداً كافية لتأمين حماية الصحافيين العاملين في البلاد.

وفي هذا الصدد، ذكرت مصادر إعلاميّة وأمنيّة أن السلطات أصدرت أمراً بإغلاق قناة "دجلة" التلفزيونيّة المحلّية المعروفة بتغطيتها المكثفة للثورة المناهضة للطبقة السياسيّة، لمدّة شهر كامل. وقال مصدر في هذه القناة لوكالة "فرانس برس": "قامت قوّة من وزارة الداخليّة ليل الإثنين بإغلاق تام لمكتب قناة دجلة في بغداد، وطلبت من الكادر مغادرة المكان، بأسلوب لطيف واحترام كامل"، فيما أكد ضابط في وزارة الداخليّة "قيام قوّة من الشرطة بمداهمة وغلق مكتب قناة دجلة"، الواقع في منطقة الجادريّة في بغداد.

كما أكد المصدر في القناة أن السلطات الأردنيّة أمرت المكتب الرئيسي في عمّان بالتوقف عن البث لمدّة شهر، موضحاً أن "الحكومة العراقيّة طلبت من الأردن وقف بث القناة لمدّة شهر... بناءً على شكوى عراقيّة"، وبالفعل، انقطع بث قناة "دجلة" أمس. وتولّت "دجلة" تغطية متواصلة للثورة المناهضة للحكومة في بغداد وغالبيّة مدن جنوب البلاد، منذ بداية تشرين الأوّل، بالرغم من الضغوط الهائلة.

يُذكر أن مكتبها في بغداد تعرّض خلال الأسبوع الأوّل من الثورة إلى مداهمة من مسلّحين مجهولين. وفي العاشر من كانون الثاني الحالي، اغتيل مراسلها في البصرة، أحمد عبد الصمد (37 عاماً) وزميله المصوّر صفاء غالي (26 عاماً) بيد "مسلّحين ينشطون داخل المدينة"، الحدوديّة مع إيران وتُسيطر عليها فصائل مسلّحة موالية لطهران. كذلك، انخرط أحد كبار مقدّمي برامج القناة في العشرين من الشهر الحالي، في جدل حاد مع المتحدّث العسكري باسم رئيس الوزراء اللواء عبد الكريم خلف، على خلفيّة الثورة.

وتتواصل الثورة التي يُمثل جيل الشباب العنصر الفاعل فيها، بالرغم من القمع والعنف الذي أدّى إلى مقتل أكثر من 500 شخص، غالبيّتهم العظمى من المتظاهرين، منذ اندلاع التظاهرات في الأوّل من تشرين الأوّل. ويُطالب المحتجّون بإجراء انتخابات مبكرة تستند إلى قانون انتخابي جديد وتسمية رئيس وزراء بدلاً عن المستقيل عبد المهدي ومحاسبة المسؤولين عن إراقة دماء المتظاهرين ومحاكمة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة.