طوني أبي نجم

مصدر قوة حسان دياب

30 كانون الثاني 2020

01 : 58

لا أحد يتوهّم أو ينسج الأساطير حول قوة رئيس الحكومة حسان دياب "المقطوع من شجرة عملياً". فلا هو يستند إلى قوة سياسية أو حزبية أو شعبية، ولا هو مُحتضَن من البيئة السنية في لبنان، لا بل إن دار الفتوى ترفض استقباله حتى اليوم.

كما أن أحداً لا ينظر إلى دياب على أنه "صقر" من صقور 8 آذار أو أحد أبرز مقاتلي "حزب الله" بحيث يكون "الحزب" مستعداً لحمايته بأي ثمن، لا بل إن دياب يحاذر أن يظهر بمظهر ممثل "الحزب" في رئاسة الحكومة خوفاً من استدرار العدائية الأميركية المباشرة مع ما يستتبع ذلك من عقوبات محتملة. كما أن "حزب الله" كان يفضّل حتى اللحظة الأخيرة أن يعود الرئيس سعد الحريري إلى السراي، و"الحزب" لا يزال يحتفظ بكل الخطوط مفتوحة مع الحريري سواء بشكل مباشر أو عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو ما يبقي دياب في حال قلق دائم حيال مستقبله في السراي. كما أنه، وبطبيعة الحال والمعادلات القائمة لا يكفي أن يكون الرئيس دياب مدعوماً بالكامل من اللواء جميل السيد ليشعر بالاطمئنان إلى قوته السياسية ومستقبل حكومته.

إذاً ما هو سرّ قوة الرئيس حسان دياب؟

السرّ ببساطة يكمن في غياب أي معارضة سياسية فعلية لحكومته. ففي مواجهة حكومة دياب تغيب القوى السياسية المعارضة بالكامل: الرئيس سعد الحريري أعلن أنه من المبكر الحكم على الحكومة الجديدة في إشارة إلى عدم معارضتها حالياً، كما أن كتلة المستقبل النيابية أمّنت النصاب والميثاقية لجلسة مناقشة الموازنة فأراحت الرئيس دياب الذي حضر وحيداً ممثلاً حكومته، وأعلن تبني الموازنة التي أقرتها حكومة الحريري.

رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" الوزير السابق وليد جنبلاط يبدو ميالاً إلى مهادنة حكومة دياب أكثر من معارضتها، وخصوصاً بعد أن حظي فيها بـ"وزيرة - ملكة" هي وزير الاعلام منال عبد الصمد.

و"القوات اللبنانية" أعلنت بلسان رئيسها الدكتور سمير جعجع أنها تنتظر لتحكم على الحكومة الجديدة من خلال أفعالها، وبالتالي أعطتها مهلة سماح عوض أن تعلن معارضتها، على اعتبار أنها حكومة "حزب الله"، وإن كان جعجع وصفها بالقول "حكومة يا محلا سابقاتها"!

المشكلة لا تنتهي هنا، بل إن الكارثة تكمن في أن القوى الثلاث المذكورة تعيش أسوأ مراحل العلاقات في ما بينها، خصوصاً على خط بيت الوسط - معراب الذي يشهد انقطاعاً تاماً في التواصل منذ الزيارة الأخيرة للوزير السابق غطاس خوري إلى معراب قبيل الاستشارات النيابية الملزمة، ومن بعد الاستشارات ورفض "القوات" تسمية الحريري لرئاسة الحكومة أعلن رئيس "تيار المستقبل" ما يشبه حال العداء السياسي مع معراب، ما يجعل من شبه المستحيل ترميم العلاقات بين حلفاء الأمس في المرحلة الراهنة.

هكذا يبدو الرئيس حسان دياب مرتاحاً جداً إلى غياب أي معارضة سياسية جدية في مواجهته، كما يجعل أهم نقاط القوة لديه هو في ضعف خصومه الذين يمعنون في حروب التدمير الذاتية. تبقى ثورة 17 تشرين المعارضة الفعلية الوحيدة لحكومة حسان دياب، فهل تنجح هذه الثورة في ظل إخفاق الآخرين؟!


MISS 3