السيجار في نيكاراغوا... قصص عائلية

12 : 34

في إيستيلي في شمال غرب نيكارغوا، تركز ماركات السيجار المختلفة على القصص العائلية مشيدة بقيم "العمل والشغف" التي ساهمت في نجاح السيجار المحلي وسمعته.

وينتشر في إيستيلي حوالى خمسين مصنعاً صغيراً وكبيراً للسيجار، ما ساهم في جعل نيكاراغوا العام 2018 أكبر مصدر للسيجار في العالم متقدمة على جمهورية الدومينيكان مع صادرات فاقت قيمتها 255 مليون دولار.



ويعود الجزء الأكبر من هذا النجاح الذي تحقق في أقل من نصف قرن إلى تصميم بعض الآباء المؤسسين وعملهم الدؤوب. وقد تسلّم أبناؤهم الدفة الآن.

وأوضح خورخي بادرون خلال مهرجان السيجار في نيكارغوا الذي أقيم من 21 كانون الثاني إلى 25 منه "إنها مؤسسة عائلية... أنا أديرها رسمياً لكننا كثر من أشقاء وأبناء عم نتولى المسؤوليات عند مستويات مختلفة".

وأضاف "نعمل في هذه المؤسسة مذ كنا أطفالاً...وقد سهّل ذلك الكثير من الأمور لضمان الاستمرارية بعد وفاة والدي في كانون الأول 2017".


في مصنع "ماي فاذر سيغارز" (سيجار والدي) تتكرر القصة ذاتها. وتقول جاني غارسيا بلهجة قاطعة "نحن عائلة ولا مناصب في الشركة" في حين يقوم عميد المؤسسة "دون بيبين" بزيارة تعريفية في المصنع الذي يأخذ شكل حصن صغير ترتفع فيه الأعلام على جانب طريق رئيسي يمر عبر إيستيلي."دون بيبين" خبير في لف السيجار من مدينة سانتا كلارا في وسط كوبا التي كانت تدرّ العملات الصعبة على نظام كاسترو بفضل بيع السيجار. وقد غادر كوبا العام 2001 لتأسيس امبراطوريته الخاصة في ميامي وإيستيلي. وهو بات اليوم في السبعين وقد أشرك معه ابنه خايميه وابنته جاني وزوجها بيت جونسون ليشكلوا بذلك عائلة متحدة لا تفصح عن الكثير من المعلومات. وعلى غرار "دون بيبين" وأورلاندو بادرون، أتى الكثير من مؤسسي شركات السيجار العائلية في إيستيلي من كوبا حاملين معهم المؤهلات والخبرة وبعض بذور السيجار من بلدهم الأم.



ويقول كريستوف لوروا مؤسس ماركة "هوراسيو" الفرنسية الوحيدة في نيكارغوا "لقد بدأنا جميعا بهذه الطريقة مع طاولة أو طاولتين لصنع السيجار وأحياناً في غرفة فندق".

وقد أسس منفيان كوبيان آخران هما سيمون كاماتشو وخوان فرانسيسكو بيرميخو العام 1968 أقدم مصانع السيجار في إيستيلي ويحمل اسم "خويا دي نيكارغوا".


وقد فرّا من النظام الشيوعي في كوبا ليصادر ممتلكاتهما بعد حوالى عشر سنوات فقط الديكتاتور اليميني انسانسيو سوموزا الذي اكتشف السيجار الذي يصنعانه العام 1971... في البيت الأبيض. فقد قدم له الرئيس الأميركي حينها ريتشارد نيكسون هذا السيجار بعدما تعذر عليه استقدام السيجار من كوبا بسبب الحصار الاقتصادي الأميركي.

فكان السيجار الكوبي لا يدخل السوق الأميركية، أي أنّه لم يكن يصل إلى نصف مستهلكي السيجار في العالم. وقد استفادت إيستيلي كثيراً من هذا الوضع.وبات مصنع "خويا دي نيكارغوا" الذي أممه نظام الجبهة السانديدنية للتحرير الوطني، اليوم بإدارة خوان مارتينيس نجل أورلاندو مارتينيس الذي اشترى المصنع لاحقاً.



في إيستيلي، تشكل القصص العائلية هذه سلاحا تسويقيا. فقليلة هي المصانع التي لا تتغنى بوالد او جد مؤسس متخيل أكثر منه واقعياً. وتمرر قيم التضامن العائلي إلى العاملين في المؤسسة أيضا الذين ينبغي المحافظة على ولائهم. وغالبا ما يشدد أصحاب المصانع على أنهم يهتمون جدا بالعاملين لديهم. ويتقاضى آلاف العاملين في هذه المصانع 315 إلى 350 دولاراً في الشهر مع بدل نقل ودور حضانة ومدارس للأطفال، فضلا عن مقاصف للطعام وحتى عيادات طبية.وباتت إيستيلي تعج بالحركة بعد "حمى الذهب الأسمر" أي السيجار الذي جعل عدد سكانها ينتقل من 135 ألف نسمة في 2002 إلى 230 ألفاً راهناً. 

MISS 3