ريتا ابراهيم فريد

هشام حداد: الضغط الشعبي حقّق نتائج عظيمة

31 كانون الثاني 2020

11 : 09

البعض يصفه بأنّه الرقم الصعب على جدول البرامج التلفزيونية. للموسم الخامس على التوالي، استطاع هشام حداد أن يحقق نجاحاً بارزاً في برنامج "لهون وبس"، الذي يعتبر من البرامج التي تتصدّر أعلى نسب المشاهدة.سرعة بديهته وروح الدعابة التي يتميّز بها، إضافة الى ثقافته الواسعة وذكاء اختياره للمواضيع، خلق لديه قدرة لافتة على جذب الجمهور من دون أن يقع في فخ التكرار والملل. ورغم كل الأوضاع الصعبة التي تمرّ بها البلاد، نجح هشام حداد بأن يخلق مادة مضحكة قدّمها للناس.

الى جانب ذلك، ترك هشام بصمة مميزة لم تقتصر فقط على نجاحه في التمثيل السينمائي والمسرح، وإنما تعدّته الى التأثير الفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي في آرائه السياسية والاجتماعية والثورية، وتحديداً لدى فئة الشباب.



ماذا تسمّي ما يحصل في لبنان اليوم: ثورة أم انتفاضة أم حراك؟

لا ضرورة للتوقف عند التسميات مقارنة مع النتائج. فإذا كان الحراك صغيراً وحقق نتائج بحجم ثورة، فهُنا تكمن الأهمية.

نحن اليوم أمام واقع أنّ السياسيين لا يستطيعون الخروج لتناول العشاء في مطعم. والرئيس بري يختصر جلسة لمجلس النواب، موازنة أو غير موازنة، وسط وجود خطر على عدم التآمها مرة أخرى. وبالتالي هناك تغيّر كبير جداً في المشهد السياسي على الساحة اللبنانية، والنتائج التي تحققت حتى الآن عظيمة. هذا يعني أن الضغط الشعبي يقوم بعمله ويحقق نتائج "ثورة".

أين ترى أن الثورة أخفقت؟

برأيي أنّ الخطأ الأول للثورة حتى الآن هو التأخّر في التنظيم. أي تنظيم قيادة موحدة لها. وأعتقد أنه لم يعد هناك الكثير من الوقت، وعلى الثوار أن يسارعوا الى تنظيم قيادة لهم.

ولكن ماذا عن أعمال الشغب التي تشهدها الساحات في الآونة الأخيرة؟


تختلف أذواق الناس في كلّ شيء: في الطعام، في الأفلام، في الملابس وكذلك في التعبير. حتى أن طريقة التظاهر تختلف أيضاً. البعض يحتج من داخل منزله أو عبر تغريدة ربما، وهناك أشخاص بطبعهم غير منضبطين. الشعب الفرنسي المعروف بأنه من أرقى الشعوب، انتهت ثورته بقطع رأس الملكة.
فهل هو فعل حضاري؟ لا. لكن هل كان فعلاً محقّاً في حينه ؟ نعم. وبالتالي لا يوجد "كاتالوغ" للثورات. 

في البداية انتقدوا قطع الطرقات. بعدها انتقدوا وجود الموسيقى والمسارح والمغنين. بعدها انتقدوا العرض المدني. واليوم ينتقدون أعمال الشغب.. ماذا يريدوننا أن نفعل إذاً؟


هل يمكنك أن تسمّي لنا أسماء سياسيين حاليين شرفاء؟


أنا لا اقول أنّ كل السياسيين فاسدين. مشكلتنا في لبنان هي في غياب المحاسبة والمساءلة، التي من خلالها يمكن تحديد الفاسد من الشريف. وأنا لستُ قاضياً كي أسمّي.

كيف ترى الأيام المقبلة على لبنان في ظلّ الحكومة الجديدة؟

مع حكومة أو بدون حكومة، هذا زمن الانهيار. ففي مرحلة استثنائية مثل هذه المرحلة نحتاج بالحد الأدنى الى موازنة استثنائية. وهذه الحكومة بدأت بالعمل بموازنة الحكومة التي سبقتها، أي بموازنة أُعدّت قبل الأزمة. وحتى الآن لم يقدموا أي خطة أو تصوّر، وهذا كله وقت ضائع. كما أنه من المتوقع في المرحلة المقبلة أن تصل نسبة البطالة الى 60 %، وهذا أسوأ ما يمكن أن يحدث لأنه يؤدي الى انفجار اجتماعي وتفلت أمني.




بالانتقال الى برنامج "لهون وبس".
ما مدى صعوبة تقديم مادة مضحكة للناس في هذه الأوضاع؟

الأمر بغاية الصعوبة. "إذا أنا منّي مرتاح ونفسيتي تعبانة بسبب الوضع كيف بدي ضحّك العالم؟". فريق عمل البرنامج وأنا نقوم بمجهود كبير لكي نتمكن من إضحاك الناس. ولكن في النهاية هذا عملي. وعلى كل شخص أن يتابع عمله ليعيل عائلته مهما كانت الظروف صعبة، حين لا يكون هناك خيار ثان أمامه.


كيف تمضي أوقاتك منذ بداية انتفاضة ١٧ تشرين الأول حتى اليوم؟ تقشف؟ بشكل عادي؟ سهر؟ بقاء في المنزل؟


بالطبع ليس بشكل عادي. وفي الوقت نفسه ليس محمولاً أن يبقى أي إنسان في منزله طيلة أيام الأسبوع. أنا أحاول قدر المستطاع أن أوفّق بين التقشف والحياة. مثلاً كنا نخرج ثلاث أو أربع مرات في الاسبوع، أصبحنا نخرج مرة واحدة. كما أننا نمضي بعض الأيام في التظاهرات. إضافة الى أنني أعمل في السياسة وأمضي وقتاً لا بأس به في الاجتماعـات.

هل أنت خائف اليوم على طفليك مارك وكارل؟ وهل تفكر بمغادرة لبنان لتأمين مستقبل أفضل لعائلتك؟

لستُ خائفاً إلا على مارك وكارل. زوجتي كانت في قبرص الأسبوع الماضي لنرى إن كان بإمكانهم أن يعيشوا هناك. وقد بدأنا بالبحث عن الخطة "ب". أنا لا أحبّذ أن يغادر أولادي لبنان. فهُنا منزلهم ومدرستهم وأقاربهم. لكن الأزمة الاقتصادية ممكن أن تؤدي الى تفلت أمني، بالتالي يصبح هناك خطر على الأطفال، وأنا أريد أن أحمي عائلتي. وحينها سأكون مجبراً على اتخاذ هذه الخطوة. لكني سأختار ربما دبي أو قبرص، أي بلد قريب من لبنان كي يعودوا في الوقت المناسب.

أما أنا فلا يمكنني أن أهاجر لأن عملي في لبنان، ولا أملك ثروة تخوّلني أن أعيش من دون عمل بكل صراحة.


كل الأرقام تشير الى أن نسبة هجرة الشباب من لبنان ارتفعت وما زالت الى ارتفاع.. أنت كشاب صنع نفسه بنفسه، ماذا تقول اليوم لهم؟


أتوجّه الى الشاب اللبناني الذي لا يزال داعماً للأحزاب، وأسأله: ألم تلاحظ بعد أن كل ما تقوم به يصبّ في مصلحة ابن الزعيم ومستقبل ابن الزعيم، بينما أنت خسرت مستقبلك في وطنك ولم يعد لديك أدنى مقومات الحياة؟

على الشاب اللبناني أولاً أن يكسر قيود التحزب والانتماء الطائفي، وأن يفكر ببلده وبمستقبله. وفي حال تغيرت الطبقة السياسية، هناك مستقبل رائع ينتظر الشباب لأن لبنان هو الوطن الأجمل، وفيه أروع طقس وأحلى طبيعة وأفضل حياة إجتماعية.وحين يتأمّن الاستقرار، كل الشركات العالمية التي تريد أن تستثمر، سوف تختار لبنان. لكن على الشاب اللبناني أن يصنع بلده ومستقبله بنفسه. هناك دوماً أمل موجود، وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.



MISS 3