سناء الجاك

قلّة فرق بين "الخليج العربي" و"الهلال الشيعي"!

21 كانون الثاني 2023

02 : 00

طالب الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله برئيس شجاع، لا يخاف الأميركيين ويتمرّد عليهم، كما أعلن إنه قال «لصديقه جبران باسيل» في خطابه الأخير. لكن هل يقبل نصرالله برئيس لا يخاف أيضاً حزبه «الإلهي» ومقاتليه وسياساته التي تعزل لبنان عن محيطه العربي، ويتمرّد على مصادرة الإيرانيين سيادة لبنان واستباحة أمنه بأكثر من مئة ألف صاروخ وبحدود فالتة يسرح ويمرح فيها، ولا يرضى بدخول المسؤولين الإيرانيين إلا عبر الطرق الشرعية التي تحترم السيادة؟

هل يرضى برئيس للجمهورية يدين تصريحات وسلوكيات إيرانية تؤكد أنّ جمهورية «ولاية الفقيه» تسيطر على أربع عواصم عربية هي بغداد وصنعاء ودمشق وبيروت، ويطلب استدعاء السفير الإيراني وتوبيخه على موقف مسؤولي بلاده المنتهك للسيادة؟ هل يرضى برئيس يرفض فرض «الهلال الشيعي» ليمد المحور الإيراني نفوذه، ويلزم عدم الاعتداء على دول «الخليج العربي» خدمة لمن يطالب «بالخليج الفارسي»؟ هل يبقى مثل هذا الرئيس الرافض الوصايات، سواء كانت أميركية أو إيرانية صديق نصرالله وحزبه؟

سؤال يخطر على البال، لا سيما عندما نقرأ تغريدة رئيس حكومة العراق السابق مصطفى الكاظمي مباركاً لمنتخب بلاده في كرة القدم بالفوز بكأس «الخليج العربي»، التي شهدتها مدينة البصرة واستفزّت الإيرانيين. صحيح أنّ المباركة بديهية. ولا لزوم للمقارنة، ولا علاقة بين أزمة رئاسة الجمهورية عندنا بحدث رياضي عراقي. لكن العلاقة موجودة بعمقها السياسي، الذي يدعِّم أسس خريطة طريق عربية، بدأها الكاظمي منذ أدرك أنّه يسير في حقل ألغام، فلم يدفعه الأمر إلى اليأس والرحيل عن هموم السلطة، أو إلى الاستسلام لواقع الحال الذي يفرضه المحور الإيراني على المنطقة. على العكس تماماً، واصل الرجل بذل الجهود، وواجه وسائل الترهيب المعهودة لدى هذا المحور، سواء لجهة اغتيال مستشارين له او لجهة التفجيرات وزرع الفتنة، وصولاً إلى محاولة مباشرة لاغتياله غداة الانتخابات النيابية التي حجبت الأكثرية عن الأذرع الإيرانية في العراق.

فهذه الخريطة واضحة وتهدف كما ورد في التغريدة، إلى أنّ الرياضة هي جزء من «الجهود المبذولة لاستعادة العراق موقعه الطبيعي في المنطقة كساحة التقاء بين إخوته وجيرانه، وتأكيد الهوية الوطنية التي تعلو فوق العصبيات الطائفية والمذهبية والحزبية، التي ستندثر ليبقى العراق أولاً وأخيراً». وهذا كلام واضح في السياسة والوطنية.

وليست المرة الوحيدة التي كان يسلك فيها الكاظمي كل مسار مفيد يقود إلى سيادة بلاده ورفع الوصاية عنها، كما هي الحال عندما حرص على استراتيجية شاملة وتحقيق مشاريع عدة، منها مجال الكهرباء، وبذلك عبر التنسيق العملي مع الأردن ومصر والمملكة العربية السعودية والخليج، بغية استثمار أكبر للطاقة البديلة واستخراج الغاز المصاحب ليس فقط لتأمين استقرار الطاقة الكهربائية في العراق، ولكن لإرساء مشاريع حيوية وتنموية مع الجيران والأخوة.

لعل جيران العراق أفضل من جيران لبنان، لذا يمكنه تأمين عمق وطنه الاستراتيجي بالتشبيك مع شركاء الهوية، والانتماء، والمصلحة، والمصير. ولكن إيران أيضاً من الجيران! ومع هذا سعى الكاظمي في أكثر من محطة إلى التذكير بأنّ العراق هو أيضاً من الجيران وليس من الأتباع، لأنّه وضع ولا يزال يضع مصلحة العراق والعراقيين كشرط موجب في التعاون مع الإخوة والجيران والشركاء الدوليين.

أمّا في لبنان المبتلي بجيرانه، فالمسألة مختلفة، لأنّ «حزب الله» سعى إلى اختصار المسافات وإلغاء الحدود وتحويل لبنان إلى ضاحية إيرانية بالمنتجات الاستهلاكية من السلع التجارية إلى السلع الفكرية. وآخرها «جائزة قاسم سليماني العالمية للأدب المقاوم» في بيروت.

قلّة فرق!!!


MISS 3