بشارة شربل

عقوبات وروبوتات

11 تموز 2019

10 : 32

يمكن مقاربة العقوبات الجديدة التي فرضتها واشنطن على مسؤولي "حزب الله" بطرقٍ مختلفة، أسوأها المكابرة والادّعاء أن لا شيء تغيّر و"شو همّ الضاحية من هدير البحر".
وليست محاولة الاستخفاف بوضع نائبين في البرلمان على قائمة الإرهاب سوى هروب يحاكي مشاعر المؤيّدين، أو هو عجز كبير عن مواجهة الواقع المستجد بما ينبغي من مسؤولية وطنية تفرضها الأحداث.


فتصعيد العقوبات الأميركية على لبنان عبر الانتقال من المستويات الأمنية إلى المؤسّسة التشريعية اللبنانية هو تطوّر نوعي لا يريد "حزب الله" بالطبع أن يقرّ بأنه ضربة موجعة لجهوده منذ نحو ثلاثة عقود للدخول في الشرعية، ولو عبر استخدامها والاحتماء بها. لكنّ الرئيس برّي الذي استنكر العقوبات اعظم استنكار، يدرك حتماً أنّ ما بعد وضع "رئيس كتلة الوفاء للمقاومة" على قائمة المطلوب مقاطعتهم، ليس كما قبله، حتى ولو نظّم رئيس البرلمان له ولنائب بيروت المعاقب أيضاً حفلة تصفيقٍ في الجلسة المقبلة قد يكون أكثر المتحمّسين لها "وزير العهد" المنشغل بطموحه وبالجولات بدل بذل الجهود الدبلوماسية لمنع ارتداد العقوبات على لبنان.


يمكن لـ "حزب الله" ومؤيّديه رفع الصّوت مطالبين بالتصدّي لـ "الأميركي البشع" الذي يؤذي اللبنانيين من خلال استهداف ممثّليهم وحرمانهم من فتح الحسابات ووصمهم بتهمة الإرهاب. لكن يبدو أنّ ذلك لن يؤثّر في مجرى الأحداث، ما دامت إيران مستمرّة في مناطحة واشنطن ومتابعة الحفر في الحفرة التي تقبع فيها وتجرّ لبنان إليها بفعل التصاقها بـ "حزب الله".


أمّا القول إنّ استهداف الحزب هو استهداف للبنان ففيه قولان: أوّلهما، انّ الحزب كيان سياسي وعسكري وأمني قائم بذاته ومستقلّ في قراراته لجهة شنّ الحروب أو تحديد سياساته الاقليمية والدولية. وليس التدخّل العسكري في سوريا، وأدواره في الخليج واليمن بالتحديد، إلا مثالاً على الانفصال عن مصالح الدولة اللبنانية بما يفترض أن تمثّل من إجماع.


والقول الثاني، هو انّ قسماً لا يستهان به من اللبنانيين يعارض "حزب الله" ولا يرضى باستمرار بقاء سلاحه ولا بسياساته، ويرى أنه يتسبب بعقوبات على كلّ اللبنانيين ويعرض دولتهم للخطر او يضعها على حافة الإفلاس.
قد لا تترتّب نتائج فورية على خطوة الخزانة الأميركية، ويمكن للحكومة والعهد أن يمارسا فنّ البيانات المواربة. لكنّ الأكيد هو أنّ مسلسل الضغط على الدولة آخذ في الازدياد، ما يفرض وجود رجال دولة يتحملون المسؤوليات وليس أشباه حكام أو روبوتات.