باتريسيا جلاد

عادت القيمة إلى الصعود رغم أن الكمية بالطن انخفضت

7 أسباب وراء عودة الإستيراد إلى مستوى ما قبل الأزمة

23 كانون الثاني 2023

02 : 00

(تصوير فضل عيتاني)

«نافعة» الأزمة المالية التي برزت في خفض فاتورة الإستيراد الى 11,309 مليار دولار في العام 2020، مقارنة مع 19,239 مليار دولار في سنة 2019، لم تدم طويلاً اذ عادت قيمة الإستيراد الى الإرتفاع الى 19,053 مليار دولار في 2022 رغم انخفاض كمية السلع المستوردة الى 11.54 مليون طن مقارنة مع 19.35 مليون طن في 2019.

ما يعني أن سبب زيادة قيمة فاتورة الإستيراد يعود بالدرجة الأولى الى تفاقم التضخم العالمي في اسعار السلع فضلاَ عن أسباب أخرى تساهم في الزيادة، عدّدها نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش والخبير الاقتصادي باسم البواب، ورئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون شمّاس في تصريحات وتوضيحات لـ»نداء الوطن».



زياد بكداش



بكداش: السيارات خصوصاً

نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش عرض لـ»نداء الوطن» أسباب عودة الإستيراد الى تسجيل أرقام مرتفعة كما كان عليه الوضع في فترة ما قبل «كورونا» وقبل الإنهيار المالي، وهي:

- مسارعة معظم التجار والصناعيين الى شراء واستيراد بضاعة من الخارج قبل ارتفاع سعر الدولار الجمركي الجديد.

والسلعة الأهم في فاتورة الإستيراد كانت السيارات، اذ تمّ استيراد كميات كبيرة منها قبل بدء العمل بالدولار الجمركي والضرائب وفق تسعيرة الـ15 ألف ليرة بدلاً من 1500 ليرة لبنانية التي بدأ العمل بها منذ أكثر من شهر.

- التحسّن المحلوظ الذي شهده قطاع السياحة خلال العام 2022 ما دفع التجار الى استقدام كمّيات اكبر من البضائع لاستهلاكها عند قدوم السيّاح الى البلاد.

- زيادة بعض المصانع كميات المواد الأولية المستوردة لتلبية حاجة الإستهلاك الذي ارتفع خلال فترتين من السنة في نهاية العام 2022 وفترة الأعياد.

- زيادة فاتورة المازوت عمّا كانت عليه سابقاً بسبب ارتفاع الكمية المستهلكة مع الإعتماد على المولدات الكهربائية الخاصة في توفير الكهرباء في ظلّ عدم توفّر التغذية الكهربائية من قبل الدولة.




التهريب الى سورية



وحول مساهمة عمليات التهريب التي تستفحل الى سورية في زيادة فاتورة الإستيراد قال بكداش، إن «رقم الإستيراد اكبر بكثير من حجم الصناعة الوطنية لبلدين وهذا الأمر يشكّل مشكلة كبيرة. فالسلع المستوردة تستقدم لتلبية حاجة لبنان وسورية أيضاً، بسبب الوضع الإقتصادي السيئ هناك اذ تسجّل العملة السورية مزيداً من الإنحدار بشكل دوري، وأسعار المحروقات في سورية تفوق تلك المعتمدة في لبنان رغم رفع الدعم عن المحروقات هنا...».

وحلّت سوريا في المرتبة الأولى في قائمة أسعار الليتر الواحد من بنزين 95 أوكتان في الدّول العربيّة وفق موقع «غلوبال بترول برايس» وذلك بواقع 2.043 دولار أميركي، تلتها الأردن بـ1.607 دولار، والمغرب بـ1.04 دولار، والسّودان بـ1.073 دولار، ومن ثمّ لبنان بـ1.033 دولار.

في ظل هذه المعمعة، كيف تترجم آلية التهريب عملياً عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية و التي لا تتوقف؟ من يستلم المنتجات المهرّبة أو المصدّرة بشكل غير شرعي الى سوريا وكيف يتمّ تسديد ثمنها وبأي عملة؟




وسيلة الدفع بين المهرّب والتاجر



يعبر المهرّب السوري الأراضي اللبنانية ويتوجّه الى البقاع وبحوزته كمية كبيرة من الليرات السورية، فيتوجّه نحو الصرّافين لتصريف تلك الليرات فتتحوّل الى دولارات، وهكذا يسدّد ثمنها للبائع او التاجر اللبناني.

وفق تلك المعادلة يقول بكداش إن «مصانع الأدوية تستفيد من بيع تلك المنتوجات الى سورية، أما باقي القطاعات فأشكّ بوجود عمليات بيع لمنتجاتها الى سورية. وبالتالي الصناعي لا يستفيد من التصدير غير الشرعي باعتبار أن البضاعة المهرّبة هي تلك التي تتضمن قيمة مضافة مثل المحروقات والأدوية، وإلا لن يحقّق المهرّب أي فائدة من العمليات التجارية التي يقوم بها. علماً أن الصناعيين لا يبيعون منتجاتهم اذا التاجر كان غير حائز على أوراق ثبوتية».

وبالنسبة الى كلفة التهريب غير الشرعي الى سورية، فلا يمكن لأحد أن يحدّدّ كلفتها، مع الإشارة الى الى أن نسبة 90% من البضاعة التي تدخل سورية عبر لبنان مهرّبة و10% شرعية .

وكان توسع التهريب من لبنان إلى سوريا مع اعتماد حكومة حسان دياب سياسة الدعم على السلع بعد انهيار العملة الوطنية، والتي لم يستفد منها اللبنانيون كما يجب بل التجّار، ونشط التهريب الى الدول العربية المحيطة وليس الى سورية فحسب.

فباتت معابر التهريب تشمل مناطق غير مأهولة مروراً بسلسلة جبال لبنان الشرقية، ووصولاً إلى البقاع الشمالي في أقصى شمال شرقي البلاد، وهي 11 معبراً غير شرعي بطول 22 كيلومتراً تبدأ من القاع شرقاً وحتى معبر القصر الحدودي غير الشرعي شمالاً، وفق المصادر.

ودخل قانون قيصر الأميركي حيز التنفيذ في العام 2020، وفرضت بموجبه عقوبات على حكومة النظام السوري، ولكل من يقدم لها الخدمات أو التكنولوجيا أو المعلومات أو من يبيعها الطائرات أو المعدات العسكرية وغيرها.



باسم البواب



البواب: تدفق السياح يزيد الإستيراد للإستهلاك



بدوره اعتبر الخبير الاقتصادي باسم البواب أن تراجع قيمة الواردات كان الأعلى في العام 2020 تأثّراً بالأزمة المالية التي ضربت لبنان وبجائحة «كورونا» والحجر المنزلي وتراجع استهلاك المواد الغذائية والبنزين وإقفال المؤسسات والأسواق أبوابها، وتصدير أو تهريب المنتجات الى سورية.

أما في العام 2021 فتراجعت حدّة وباء كورونا وعادت الحياة تدريجياً الى ما كانت عليه، فسرّعت المعامل محرّكاتها لزيادة الإنتاجية وعادت حركة التنقّلات الى طبيعتها، فارتفع الإستيراد الى 13 مليار دولار.

وفي العام 2022 ومع «انتهاء كورونا»وعودة السيّاح والمغتربين الى البلاد، عادت حركة الأشغال الى طبيعتها في الصيف فدخل بحدود مليوني راكب، وخلال فترة الأعياد نحو 600 ألف سائح، وهؤلاء يحتاجون الى الإنفاق لاستهلاك المأكل والمشرب في المطاعم وشراء الملبس فزادت كميات السلع المستوردة الى البلاد.

وادى ذلك الى دخول العملة الصعبة الى البلاد اذ تدفق الى لبنان نحو 5 مليارات دولار من السيّاح والمغتربين الذين قدموا الى البلاد عدا تحويلات المغتربين البالغة نحو 7 مليارات دولار و 3 مليارات دولار دخلت بـ»الجيب».

كل تلك المعطيات يضاف اليها في العام 2022 ارتفاع أسعار السلع عالمياً بعد بدء الحرب الروسية، فارتفعت قيمة الواردات الى 19 مليار دولار مجدّداً، علماً أن الإنتاج المحلي يغطي الإستهلاك بنسبة تتراوح بين 15و20% من إجمالي الإستهلاك في البلاد.




مارون شماس




البنزين المستورد ينخفض 10% والمازوت يرتفع 30%

وفي ما يتعلق بكميّة المحروقات المستوردة، قال رئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس لـ»نداء الوطن» إن كميات البنزين المستوردة من الخارج للعام 2021 -2022 تراجعت بنسبة 10% أما المازوت فقد ارتفع بنسبة 30% . ويعود ذلك الى زيادة الإستهلاك لدى أصحاب المولّدات. أما عن زيادة قيمة الإستيراد رغم تراجع الكمّيات المستقدمة فيعود الى التقلّبات في أسعار المحروقات العالمية وزيادة سعرها وكلفة الشحن.

وحول تهريب المحروقات الى سورية، قال شمّاس إنه «منذ رفع الدعم عن المحروقات، لم يعد للتصدير او التهريب الى سورية تأثير على الخزينة العامة. وذكر أن كميّات كبيرة من المازوت دخلت خلال شهري تشرين الثاني وكانون الأول الى لبنان وكانت وقتها دون المواصفات وبسعر أقلّ وطرحت في الأسواق، ولا تزال هناك كمّيات قليلة منها خارج المواصفات».


رغم الأزمة المالية الخانقة، لم تشهد الأسواق نقصاً في السلع



أبرز المواد والسلع المستوردة في 2022



- ارتفع حجم استيراد السيارات بشكل ملحوظ قبل رفع الدولار الجمركي من 1500 ليرة الى 15 ألف ليرة، من 771.71 مليون دولار عام 2019 الى 1399.55 مليون دولار عام 2022.

- زادت ارقام مستوردات معدات لزوم تركيب الطاقة الشمسية، وخصوصاً الواح الطاقة الشمسية إلى 930 مليون دولار في 2022، مقارنة مع 54 مليون دولار في العام 2021.

- ارتفعت واردات البطاريات لزوم تركيب الطاقة الشمسية من 6.66 ملايين عام 2019 الى 43.72 مليون دولار عام 2022.

- سجّلت واردات المولّدات الكهربائية ارتفاعاً من 50 مليون دولار في 2019 و22.5 مليون دولار في 2020، إلى 80.27 مليون دولار عام 2022.

وإحتَلّت المنتجات المعدنيّة المرتبة الأولى على لائحة السلع التي استوردها لبنان في العام 2022، مسجلة 5581 مليون دولار ، تبعتها الآلات والأجهزة الكهربائيّة بقيمة 2456 مليون دولار ومعدّات نقل بقيمة 1999 مليون دولار ومنتوجات اللؤلؤ، والأحجار الكريمة، والمعادن الثمينة والمصوغات بقيمة 1682 مليون دولار.