شهيب: جلسةٌ حكوميّة للتّربية قد تكون بأهميّة جلسة لأدوية الأمراض المستعصية

16 : 55

عقد الحزب التقدمي الاشتراكي مؤتمرا صحافيا ظهر اليوم الاثنين في مركزه الرئيسي في وطى المصيطبة - بيروت، مطلقا صرخة لإنقاذ العام الدراسي والتعليم الرسمي في لبنان. وتحدث فيه عضو كتلة "اللقاء الديمقراطي" النائب أكرم شهيب، في حضور أمين السر العام في التقدمي ظافر ناصر، عضوي مجلس القيادة ريما صليبا ومحمد بصبوص، مفوض التربية سمير نجم وجهاز المفوضية، مفوضة العدل والتشريع المحامية سوزان اسماعيل، رئيسة "اللقاء التقدمي للأساتذة الجامعيين" منى رسلان، الأمين العام لمنظمة الشباب التقدمي نزار أبو الحسن وعدد من الكوادر الحزبية والتربوية.


وفي السياق، أشار النائب شهيب الى أنه "في ظل الانهيار الحاصل على المستويات كافة، تبدو التربية، سيما في قطاعها الرسمي هي الأكثر تأثرا، إذ بعد 4 أشهر على انطلاقة العام الدراسي بشكل متعثر، وبعد انقضاء الأسبوع الثالث، عقب عطلة الأعياد، لا تزال المدارس الرسمية مقفلة. ولا يزال أكثر من 300 ألف طالب محرومين من حقهم في التعلم".


أضاف: "على الرغم من النضالات المطلبية التي يخوضها المعلمون في الملاك والتعاقد في القطاعَين العام والمهنيّ، فأي مستقبلٍ للبلد إذا لم يتعلّم أبناؤه!، وأي فرصة لقيام لبنان من محنته إذا أقفلت المدارس، وهل يُدرك من هُم في موقع القرار بالدولة أن ترك 300 ألف طالبٍ لبناني، وربّما مثلهم من الطلاب النّازحين السوريين يعني رمي برميل بارود متفجر في بركان الأزمة الإجتماعية؟".


واستطرد شهيب :"ليس الكلام من قبيل التهويل على الإطلاق، لا بل إن الأمر أكثر خطورة مما يمكن وصفه".


وسأل شهيب: "لماذا هناك قدرة في هذه الحكومة على سلخ آخر دولارات الاحتياطي المركزي لرميها في الهوة المفتوحة في قطاع الكهرباء المظلم، فيما يتجاهلون أهميّة تمويل قطاع التربية والتعليم؟".


أضاف: "عن أي إصلاح لهذا البلد نتحدث إذا لم نعلم أبناء البلد؟ عن أي بلد نتحدث إذا لم تكن للمعلمين حقوقهم؟".


وسأل: "هل يعرف المسؤولون أن الأستاذ يقبض ما قيمته أقل من ربع الحد الأدنى الفعلي للحياة؟ كيف سيعطي هذا المعلم أو هذه المعلمة، فيما العوز والفقر يأكل ما تبقى من حياته؟ هل هي سياسة تجويع مقصودة لنحو 40 ألف معلمٍ ومعلمة في التعليم الأساسي والثانوي والمهني؟".


وتابع شهيب :"إذا كانت وزارة التربية ووزيرها قد بذلا كما علمنا الكثير من الجهود لتوفير الامكانات المعقولة لإعادة الحياة إلى المدارس، إلا أنه لا يمكن التغاضي عن سوء تقييم الأوضاع التربوية من كل الأطراف المعنية، وهنا نطرح التالي: طالما أن كل الجهات المانحة تتلكأ، إن لم نقل ترفض، أن تفي بوعودها لوزير التربية بتقديم حوافز دعم للمعلمين والمدارس، وصناديق المدارس، فلماذا لا تقدم الحكومة على وقف هذا الاستنزاف وتضع بعضاً من دولارات الكهرباء، التي لا تأتي، في قطاع التّعليم، وتدعم الأساتذة والمعلمين بلا منّة من أحد؟ ألا يستحقّ قطاع التّعليم سلفة مثلاً على طريقة السّلف الضائعة للكهرباء؟ وهي حتماً لن تضيعَ في التربية، فالمعلّم له الحقُّ بأن يعيش بكرامةٍ، والطالب الفقير له الحق في التعلم".


ودعا شهيب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لجمع الوزراء فوراً لجلسة ببندٍ وحيدٍ يتعلّق بقطاع التربية.


وقال :"لن أعدّد مطالب المعلمين، فالروابط التعليمية، كما مفوضية التربية في الحزب، قد وضعوا هذه المطالب بشكل واضح، وأعلنوها في التحرك الأخير، ولن أعدد حاجات المدارس والثانويات لأن الوزارة تعرفها جيداً، ولن أتحدّث عن التسرب الكبير للكفاءات من القطاع، وعن تشرّد الطلاب في الشوارع، ولن أتّهم وأقول إنّ ضربَ المدرسة الرسميّة سياسة مقصودة، مع انه هكذا يبدو، لكن ما نريد أن نعلنه أن الحزب التقدمي الاشتراكيّ لن يقبل أن يكون شريكاً بأي أمرٍ من شأنه أن يؤدي إلى تدمير وانهيار قطاع التربية والتعليم الرسمي، وهو بكل تأكيد لا يقبل أن يكون متفرجاً أو شريكاً على ما يجري من قضاء على المدرسة الرسمية، مدرسة الفقراء".


وشدّد شهيب على "أنّ مسؤولية الحفاظ على التعليم الرسميّ هي مسؤوليةٌ وطنية بامتياز ويتحملها الجميع، وليس وزير التربية وحده، لكن بما أنه وصيّ على القطاع، لذلك يجب أن تنطلقَ المعالجات من وزارته، وصولاً إلى عقد جلسة حكومية يعطى فيها المعلمون ما يمكن توفيره من دعم، وإذا تطلب الأمر جلسة نيابية فذلك لا بد منه أيضا".


وتابع: "في موازاة التعليم الرسمي قبل الظهر، ألا يدرك المعنيون أيضاً خطورة وقف تعليم النازحين بعد الظهر، والطلاب ليسوا وسيلة ضغط، لأنّ التعليم حقٌّ مقدسٌ لجميع الطّلاب، ولأنها أيضا قد تعرض مجمل الأمن الاجتماعي اللبناني للخطر، ولأنها أيضا تفقد المعلمين سنداً مالي يتمثل بما يتقاضونه في التعليم بعد الظهر، إن أول ما يجب فعله في هذا المجال هو وقف الرّبط بين التعليم قبل الظهر والتعليم بعد الظهر، خصوصاً وأن جزءاً أساسياً من الامكانات المخصصة للتعليم بعد الظهر لا تزالُ متوفرة، أو يمكن أن تتوافر، وقد علمت بأنّها توافرت في الأمس، وهي بالنهاية تخدم المعلمين وصناديق المدارس الرسمية التي يتعلّم فيها الطلاب أكانوا لبنانيين أم غير لبنانيين".


ولفت شهيب إلى أنَّ "وأمام ما يجري، فإنّ ما يزيد من حالة الاستغراب، كيف أن أموال خزينة الدولة ومصرف لبنان، وأموال حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي تحول إلى قطاعات ما زال الهدر فيها قائما ولا نتائج متوقعة منها"، متسائلا "ألم يكن من الأفضل والأجدى أن تحول بعض هذه الأموال لمعالجة وضع الأساتذة في التعليم الرسمي وتأمين العودة المستقرة للتلامذة والأساتذة على حد سواء؟ ألا يستحق هذا الملف دفعة من مصرف لبنان بدل لعبة التعاميم والإجراءات غير المنتجة؟".


وحذر شهيب قائلاً: "كفى عبثاً بالتربية وبالملاذ الأخير لعدد كبير من العائلات التي ليست قادرة وليس لها بديل عن المدرسة الرسمية".


على صعيد آخر، قال شهيب "كما في التعليم الرسمي، كذلك في الجامعة اللبنانية التي لا تزال تشكل الملاذ الآمن لأكثر من 80 ألف طالب، وتعاني كما المدرسة الرسمية، لذلك يرى "التقدمي" أنَّ من واجب جميع مسؤولي الدولة، ومؤسساتها الدستورية العمل على إنقاد الجامعة اللبنانية والعمل على حمايتها إنقاذا للعام الدراسي".


أضاف :"إن بنود ومطالب الجامعة وأساتذتها وموظفيها وطلابها معروفة، وأذكر من بينها مبلغ الـ 50 مليون الدولار العائد للجامعة من فحوصات الـPCR، بالإضافة إلى مبلغ الـ50 مليار ليرة الذي يطلبه رئيس الجامعة للكادر التعليميّ".


وقال: "إزاء كل ما عرضناه، فإننا ندعو جميع أصحاب الشأن، رئيس الحكومة والحكومة والمجلس النيابي، وكل القوى السياسية والكتل النيابية، والدول والمؤسسات المانحة، إلى القيام بواجبهم في أسرع وقت للحفاظ على ما تبقى من تعليم رسمي وتعليم جامعي، وتحصينه في وجه الأزمات، وإلا فلنترحم جميعا على ما كنا نتباهى ونفتخر به ونعتبره ثروة لبنان ألا وهو القطاع التربوي. ولنترحم على مستقبل لبنان".


ورداً على سؤال، لفت إلى أنَّ "الدستور خلق لخدمة المجتمع والبلد، والدستور واضحٌ، جلسة حكوميّة للتربية قد تكون بأهميّة جلسة لأدوية الأمراض المستعصية، وقد تكون أكثر أهميّة من ملف الكهرباء الذي هدرت أمواله إمّا في البحر وإمّا في جيوب البعض".


وأضاف: "نعتقدُ أنّ الأوان قد حان لانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة حتى يقف الهدر على كلّ المستويات، وليس فقط على مستوى التربية، انقاذاً للمجتمع والوطن ممّا هو مرسوم له".


وشدد على أن "الاستثمار الأساسي في البلد عبر السنوات كان بالمعلم والتربية، المبنى ليس الأساس، فمن المهمّ أن يتعلم الطالب، لكنّ الاستثمار الأساسيّ في المعلم، ومعظم المعلّمين في وضعٍ يُرثى له إمّا بالمستوى المعيشي أو بالهجرة".


وختاماً، أكد أن "الجامعة اللبنانية هي الأساس، وإذا ما فقدنا الجامعة والمدرسة الرسميّة لن يعود للتربية معنى في هذا الوطن، ولن يعود للوطن دور في بناء أبنائه". 

MISS 3