جاد حداد

Jung_E... لمحة عن المستقبل

28 كانون الثاني 2023

02 : 01

إذا كان الفيلم الشهير Train to Busan (قطار إلى بوسان) من أنجح أعمال المخرج يون سانغ هو من حيث الحبكة المشوّقة التي تشبه أعمال المخرج جورج أ. روميرو، يمكن اعتبار فيلم Jung_E الذي تعرضه شبكة "نتفلكس" الآن نسخة لافتة من أعمال مثل The Terminator (المدمّر)، وBlade Runner (عداء النصل)، وأفلام حركة أخرى من نوع الخيال العلمي، لا سيما تلك التي ترتكز على أفكار فلسفية عميقة عن معنى الإنسانية. لم يخسر مخرج Hellbound (محكوم بالجحيم) أياً من مهاراته في تقديم مشاهد قوية، حتى أنه تحسّن بدرجة ملحوظة في هذا المجال، لكنه يعجز عن إيجاد الطريقة التي تضمن نجاح الحبكة المبالغ فيها في مشروعه الجديد. لا يزال أسلوبه في إخراج مشاهد الحركة ممتازاً، لكن لا تكفي هذه المهارة لرفع مستوى الفيلم الذي يُركّز في معظمه على مناقشة مواضيعه بدل دمجها مع جوانب مثيرة أخرى من القصة. يشمل أول مشهد حركة لقطات مشوّقة تتماشى مع هذا النوع من الأعمال وتتسم آخر 15 دقيقة بأجواء مشحونة بمعنى الكلمة، لكن يسهل أن يتشتت انتباه المشاهدين بين البداية والنهاية.

يبدأ الفيلم بمشهد يكشف أن الأحداث تدور في العام 2194. بحلول تلك الحقبة الزمنية، أصبح كوكب الأرض غير صالح للسكن، ونشأت ملاجئ من صنع البشر لاستضافة بقايا المجموعات البشرية. لا تتفق هذه الجماعات كلها طبعاً، وسرعان ما تهرب ثلاثة منها وتطلق حرباً بين الفئات البشرية المتبقية. حصلت هذه المعركة سابقاً بقيادة الجندية المدهشة "يون جونغ يي" (كيم هيون جو). في هذه النسخة من أحداث المستقبل، يمكن تنزيل الوعي في نظام عامل بالذكاء الاصطناعي، وهذا ما يحاول فريق من الخبراء فعله مع "يون" لتحويل خبرتها إلى آلة قتل اسمها "جونغ إي". لكن يستمر فشل هؤلاء الخبراء في إعادة إحياء اليوم الذي قُتِلت فيه "يون" خلال القتال افتراضياً. هم يأملون في جعلها أكثر قوة وزيادة قدرتها على الفوز في الحرب عبر رسم خارطة دماغها بطريقة تتجاوز ذلك الحدث المصيري.

يبدأ هذا المشروع بقيادة خبيرة اسمها "سيوهيون" (كانغ سو يون التي توفيت للأسف ويُعتبر الفيلم تكريماً لها). إنها ابنة "يون" التي دخلت في غيبوبة منذ 35 سنة. يحمل المشروع طابعاً شخصياً جداً بالنسبة إلى "سيوهيون"، فهي لا تحاول إنقاذ وعي والدتها فحسب بل تريد حذف سبب قتلها، لكنها تواجه الخبير المتحفظ والتشاؤمي "سانغ هون" (ريو كيونغ سو من فيلم Hellbound) الذي يتعامل مع المشروع بطريقة موضوعية وعيادية. هو ينشغل بإقدام الحكومة على وقف المشروع أكثر من تجاوز الحدود الأخلاقية.

بعد المشهد الأول الذي يكشف قدرات "جونغ إي" القتالية، يعرض يون مشاهد متلاحقة يظهر فيها "سانغ هون" و"سيوهيون" وهما يناقشان مسار المشروع وطريقة إصلاحه. يطرح صانعو العمل بعض الأفكار الأخلاقية المثيرة للاهتمام: في أحد المشاهد اللافتة، يتّضح أن اللامساواة الاقتصادية تؤثر على هذه الرؤية المستقبلية رغم وفاة البشر. بعبارة أخرى، لا يستطيع أفقر الناس السيطرة على وعيهم. لكن يبالغ الفيلم في حواراته أحياناً، فيطيل الكلام عن هذه المواضيع بأسلوب يفتقر إلى الثقل العاطفي والفلسفي الذي يحتاج إليه هذا النوع من الأفلام المحصورة داخل غرف الأبحاث لفترة طويلة.

عندما يُركّز الفيلم على مشاهد الحركة، بما في ذلك مشهد ممتاز على متن قطار سريع في ذروة الأحداث، لا مفر من أن يتمنى المشاهدون زيادة هذا النوع من اللقطات على مر الفيلم بدل إطالة الحوارات المكررة. في النهاية، يبدو الفيلم عملاً من صنع مخرج موهوب لكنه يفتقر بكل وضوح إلى أفكار كافية لملء 99 دقيقة من مدة العرض. هو أقرب إلى بداية فيلم أو حلقة أولى من مسلسل تلفزيوني، لكن لا يمكن اعتباره مشروعاً مُرضِياً بالشكل الذي يقدّمه صانعو العمل. مع ذلك، تطرح القصة رؤية مستقبلية معينة ويمكن دعمها بحبكة حماسية وطموحة في جزء آخر. قد يشمل ذلك الجزء بعض كائنات الزومبي مثلاً!


MISS 3