جدّد الدعوة للإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية

الراعي: نناشد القاضي البيطار مواصلة عمله لكشف الحقيقة

10 : 46

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وانطوان عوكر، بمشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات، وفي حضور وفد من مصلحة طلاب حزب الكتائب اللبنانية وحشد من الفاعليات والمؤمنين.



بعد الانجيل المقدس، القى الراعي عظة بعنوان:"من تراه الوكيل الأمين الحكيم " (لو 12: 42)، جاء فيها: "تبدأ مع هذا الأحد أسابيع التذكارات الثلاثة: فنذكر تباعاً الكهنة والأبرار والصديقين والموتى المؤمنين. تذكار الكهنة اليوم يشمل التأمل في سر الكهنوت وشخصية الكاهن ورسالته، والتماس الراحة الأبدية للكهنة المتوفين، والصلاة من أجل تقديس الكهنة الأحياء المنصرفين إلى خدمتهم، وثبات الدعوات الكهنوتية، والطلب إلى الله أن يرسل فعلة لحصاده الكثير(متى 9: 38). كلام الرب يسوع في إنجيل اليوم يطبق على كل مسؤول وصاحب سلطة في الكنيسة والعائلة والمجتمع والدولة، لكون مسؤوليته توكيلا لخدمة الجماعة، وتوفير ما يلزمها لتعيش بكرامة وتحقق ذاتها. فالمطلوب من المسؤول-الوكيل "أن يكون أميناً وحكيماً"(لو 12: 42). الكاهن موكل من المسيح الرب والكنيسة؛ الأزواج والوالدون موكلون بحكم الشرع الطبيعي والوضعي، المسؤولون المدنيون موكلون من الشعب. نذكرهم جميعاً مع الاحبار والكهنة لكي يدركوا حجم مسؤوليتهم التي سيؤدون حسابا عنها ثوابا أم عقابا. ذلك أن الموكل الأول هو الله وهو يطالب كل مسؤول، كما يعلمنا إنجيل اليوم".


أضاف: "يسعدنا ان نحتفل معكم بهذه الليتورجيا الإلهية، ونرحب بالجميع، ولا سيما بالوفد من الطلاب الكتائبيين الذين أحييهم وأشجعهم على عيش ما تربوا عليه من محبة للبنان وإخلاص وتفان في سبيله، كما تعلموا من تاريخ حزب الكتائب اللبنانية. تعرفون أن لبنان تأسس على فكرة أساسية حددت هويته وهي "الإنتماء إلى دولة لبنان يكون بالمواطنة لا بالدين". ما يعني أن لبنان يفصل بين الدين والدولة، ولكن الدين يحترم الدولة، والدولة تحترم الدين. هذا هو منطوق المادة التاسعة من الدستور. ولكن بكل أسف ثمة من يعمل على إعطاء لبنان لوناً دينياً وطائفياً ومذهبياً. فينبغي أن نكون يقظين وندافع عن هوية لبنان وفرادته في العالم العربي، وعن رسالته ونموذجيته التي تعطيه دوراً رائداً في البيئة العربية".



وتابع: "تنص مقدمة الدستور اللبناني على أن الشعب هو مصدر السلطات، ويمارسها بواسطة المؤسسات. بموجب هذا القول: كل أصحاب المسؤولية في المؤسسات الدستورية موكلون من الشعب. فنراهم على العكس وبكل أسف أعداء الشعب. لقد فقّروه وجوّعوه ومرّضوه: حرموه من حاجاته وحقوقه الأساسية للعيش؛ منعوا عنه الخبز والغذاء؛ أماتوه بغلاء الدواء والطبابة. وفوق ذلك حرموه العدالة بتسييس القضاء؛ جعلوه كخراف لا راعي لها. كل ذلك بإحجامهم عن إنتخاب رئيس للجمهورية. وهذا هو باب الفلتان والفوضى في حكم المؤسسات. فأين مجلس النواب الذي أضحى هيئة ناخبة، ويحجم عن انتخاب رئيس للجمهورية، قاطعاً من جسم الدولة رأسها؟ ألم يحن الوقت ليجتمع نواب الأمة في المجلس النيابي، ويختاروا الرئيس المناسب والأفضل بالنسبة إلى حاجات البلاد وشعبها؟ وإذ نشجع مبادرة النواب المجتمعين في قاعة المجلس للضغط من أجل انتخاب رئيس، نتمنى أن يكتمل العدد حتى النصاب وتتم العملية الانتخابية. والرئيس المناسب والأفضل هو الذي يعيد اللبنانيين إلى لبنان مع الاستقرار والازدهار. ولا يغيب عن بالنا أن تحديات إقليمية ودولية تحاصر لبنان برئيسه وحكومته، فالمنطقة على مفترق أحداث خطيرة للغاية ويصعب التنبؤ بنتائجها وانعكاساتها على لبنان".



وقال: "من جهتنا ككرسي بطريركي نواصل الاتصالات والمساعي للدفع نحو انتخاب رئيس جديد، بالتنسيق الوثيق مع سائر المرجعيات الروحية والسياسية آملين التوافق مع جميع شركائنا في الوطن. فرئيس الجمهورية وإن كان مارونيا ليس للموارنة والمسيحيين فقط، بل لجميع اللبنانيين. ونود أن يكون اختياره ثمرة قرار وطني ديمقراطي. فالمرحلة المقبلة هي مرحلة انتشال لبنان من الانهيار وإعادته إلى ذاته وهويته في نطاق الكيان اللبناني".


وسأل: "أين العدالة التي هي أساس الملك، والقضاة في حرب داخلية؟ قضاة ضد قضاة، وصلاحيات ضد صلاحيات، وأحقاد ضد أحقاد. لم يعرف لبنان في تاريخه حربا قضائية أذلّت مكانة القضاء وسمعة لبنان وحولت المجموعات القضائية ألوية تتقاتل في ما بينها غير عابئة بحقوق المظلومين والشعب. حين يختلف القضاة على القانون من سيتفق عليه؟ وهل حقا كان الخلاف على المواد القانونية أم على المواد المتفجرة لتعطيل مسار التحقيق في جريمة تفجير المرفأ؟ وإذ يؤلمنا ذلك، نرجو أن يواصل المحقق العدلي القاضي طارق بيطار عمله لإجلاء الحقيقة وإصدار القرار الظني والاستعانة بأي مرجعية دولية يمكن أن تساعد على كشف الحقيقة وأمام ضمائرنا 245 ضحية وخراب بيوت نصف العاصمة ومؤسساتها. وما يؤسفنا أكثر أن نرى فقدان النصاب يطال اجتماعات الهيئات القضائية، فيقدم قضاة ومدعون عامون على تخطي مجلس القضاء الأعلى ورئيسه ويمتنعون عن حضور الاجتماعات. وهذا غير مقبول! فللقضاء آليته وتراتبيته".



كما سأل الراعي: "ماذا يبقى من لؤلؤة القضاء، حين يتمرّد قضاة على مرجعياتهم عوض أن يتمردوا على السياسيين، ويزايدون على بعضهم البعض، ويعطلون تحقيقات بعضهم البعض، ويطلقون متّهمين بالجملة ويعتقلون أهالي ضحايا المرفأ؟ وحين يطيحون أصول الدهم والاستدعاء والجلب، وينقلبون على أحكامهم، ويخضعون لأصحاب النفوذ؟ وحين يخالفون القوانين السيادية وينتهكون سرية التحقيقات أمام دول أجنبية قبل أن يعرفوا أهدافها الحقيقية ومن يحركها؟ وحين يورطون ذواتهم في مخططات الأحقاد والانتقام؛ ويستقوون على الضعفاء ويضعفون أمام الأقوياء ويهربون المعتقلين الأجانب؟ لن نسمح، مهما طال الزمن وتغيّر الحكام من أن تمر جريمة تفجير المرفأ من دون عقاب. وبالمناسبة، ماذا تنتظر الدولة اللبنانية لإعادة إعمار مرفأ بيروت ليستعيد حركته الطبيعية، خصوصا أننا نسمع عن مشاريع لدى بعضهم لنقل مرفأ بيروت التاريخي إلى مكان آخر".


وختم: "نستطيع القول إن الدولة بمؤسساتها وأجهزتها، تبذل قصارى جهدها لتخسر ثقة المواطنين بها ولتدفعهم إلى الثورة المفتوحة. لمصلحة من هذا المخطط؟ والأخطر أننا نرى البلاد اليوم تسودها الأجهزة الأمنية والعسكرية في غياب أي سلطة سياسية ودستورية وأي رقابة حكومية. فأين الحكومة التي تدعي أنها تملك الصلاحيات لتحكم؟ وأين السلطة التي تحمي المواطنين والشرعية؟ هذا كله نتيجة عدم انتخاب رئيس للبلاد. فحيث يغيب الرأس يتبدد الجسم كله. لا يريدون تصديق ذلك. إلا اذا كان عدم انتخاب الرئيس مقصودا. نصلي لكي يلهم الله كل صاحب سلطة أن يمارسها بالأمانة والحكمة، فهو موكل لا سيد. بهذا الإقرار نمجد الله ونحمده، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

بعد القداس استقبل الراعي المؤمنين المشاركين في الذبيحة الالهية. 




وبعد لقائها مع البطريرك الراعي، اعلنت مصلحة الطلاب والشباب في الكتائب في بيان ان رئيس المصلحة الياس سمعان، أطلق صرخة الشباب "الذين يقاومون في هذا الوطن بسبب الأوضاع الإقتصادية والمعيشية الصعبة التي نمرّ بها، وسلّط الضوء على معاناة الجامعة اللبنانية بفروعها كافة من شحّ في مادة المازوت والمياه وفقدان القرطاسية وانقطاع في الكهرباء، لافتاً الى أن الدخول الى الجامعات الخاصة أصبح صعباً جداً بسبب الغلاء وارتفاع الأقساط، مشيراً الى أن شبابنا بات بإنتظار الفرصة للهجرة، في حين أننا بحاجة الى هذه الفئة لبناء مستقبل أفضل".



وعن موضوع تفجير المرفأ، شكر سمعان جهود البطريرك الراعي في هذا الملف من خلال عظاته المتكرّرة، وذكّره بخسارة حزب الكتائب للرفاق جو عقيقي وجو أندون والأمين العام للحزب نزار نجاريان وطوني البرمكي، ضحايا هذه الجريمة، طالباً منه رفع السقف لمواجهة المسؤولين ومعاقبة الجناة من أجل الحفاظ على مستقبل لبنان.



بدوره، شكر البطريرك الراعي مصلحة الطلاب والشباب الذين يتكلّمون بإسم الشباب اللبناني كلّه، مشدداً على أهمية انجاز الاستحقاق الرئاسي للحدّ من معاناة الشعب اللبناني الإقتصادية والمالية والإجتماعية والمعيشية، واعتبر أنه من المخجل أن نبقى بلا رئيس، وأن يبقى المسؤولون غير مبالين لما تمرّ به البلاد من أزمات تفتك باللبنانيين. 



MISS 3