رمال جوني -

النبطية: جامِعو بقايا النفايات... مهنة جديدة فرضها الفقر

7 شباط 2020

02 : 00

من المشاهد المحزنة

يتجه أصحاب محطات المحروقات للاعتصام اليوم أمام وزارة الطاقة، رفضاً لقرار وزير الطاقة تخفيض سعر البنزين 400 ليرة والمازوت 1500 ليرة، اذ يرون القرار مجحفاً بحقهم في ضوء ما يتكبدونه من خسائر يومية جراء فرق سعر صرف الدولار، حسب ما يقول أحد أصحاب المحطات في النبطية. ويشير إلى أنّ "مصرف لبنان يدعم 85 بالمئة من عملية شراء المحروقات بالدولار، أما الـ15 بالمئة فعلينا تأمينها "كاش" من محال الصيرفة بسعر 2200 ليرة، لأن شركات المحروقات ترفض تحصيل أكلافها بالعملة الوطنية أو صرف الدولار بالسعر الرسمي".

ضربة موجعة تلقاها أصحاب محطات المحروقات، كما يؤكدون، لافتين إلى ان وزير الطاقة باغتهم بقرار خفض سعر المازوت ١٥٠٠ ليرة والبنزين ٤٠٠ ليرة، وهم الذين توقعوا أن يستمر ثبات جدول الأسعار، في ظل ما يواجهونه من خسائر نتيجة اضطرارهم على مضض تأمين 15 بالمئة من اجمالي سعر المحروقات من السوق السوداء بسعر 2200 ليرة للدولار الواحد، ما يدفع ببعضهم إلى التلاعب بالكيل، والتعرض لملاحقة جمعية حماية المستهلك التي تفرض غرامة 8 ملايين ليرة على المتلاعبين.

يقول شادي فوعاني صاحب محطة محروقات في منطقة النبطية "إننا لم نعد قادرين على تحمل مزيد من الخسائر، فالمواجهة باتت صعبة، نحن في مأزق حقيقي نواجه خطر الافلاس وبالتالي قد نضطر إلى تسريح العمال". ويرى أنّ "أصحاب محطات محروقات كبيرة، يفتقدون للدعم واذا استمرت الحال على ما هي عليه قد نضطر لايقاف العمال".

خسائر يومية يسجّلها أصحاب المحطات بسبب الفارق في سعر الدولار ما يدفعهم إلى الاعتصام أمام وزارة الطاقة للاحتجاج على واقع الحال.

الى ذلك "دبّت" الصرخة عند الطبقات الأكثر فقراً في منطقة النبطية، تعيش غالبيتها "بالدين"، وبعضهم وجد نفسه عند "براميل النفايات" يبحث عن بقايا "التنك" و"الحديد" ليعتاش من ثمنها بعد بيعها لمعامل اعادة التدوير.

وجامعو بقايا النفايات، مواطنون شرعوا احلامهم على بضع قطع من "البلاستيك" و"التنك"، يحملونها بفرح الى اقرب بورة علّهم يحصلون على بضع ليرات، تقيهم شر العوز و"قلة الحيلة". هؤلاء يخشون الاعتراف بفقرهم، وحاجتهم للطمأنينة، هم نفسهم من يشحذون الكرامة من القمامة ليعيشوا بسلام داخل منازلهم الباردة والدافئة في آن.

تغير واقع الحال في منطقة النبطية، الازمة الاقتصادية تتوسع، الاسعار ترتفع، والبضائع تصغر، والفقر يزداد. باتت مشاهدة الناس تبحث بين مستوعبات النفايات عن شيء تبيعه مشهداً مألوفاً، ربما هي المصلحة الوحيدة لا تحتاج "واسطة".

اعتاد ابو محمد البحث عن "التنك" و"البلاستيك"، بات متصالحاً مع واقعه. لديه أربعة اولاد، كان يعمل ناطوراً لأحد المباني لقاء بدل شهري ٦٠٠ الف ليرة قبل أن يتم الاستغناء عن خدماته بسبب تدهور حال البلد. يقول: "لم أجد عملاً، بحثت كثيرا،ً ولكن المنطقة مشلولة، كل المصالح متوقفة، لم اجد غير النفايات ملجأ لي".

أبو محمد ليس وحده من يعاند ظروفه، مثله كثر ممن يواجهون ظروفاً مشابهة ولكنهم يلوذون بالصمت. يبدو أنّ "اللقمة المرة" للجنوبيين ازدادت مرارة. آلاف العاطلين من العمل، مئات العائلات بلا مصدر عيش، فهل يلتحقون بساحات "الثورة"؟


MISS 3