وصلنا الى القمر ومن زمن بعيد.
أصبحنا نجوماً نشعّ خلقاً وإبداعاً وابتكارات، وآلهة في مجالات التكنولوجيا، و"مين قدّنا"؟
أصبحنا قادرين على التواصل على عدد الدقائق، صوتاً وصورة مع كوكب الأرض كلّه، فنشرب القهوة مع شقيق في كندا، ونحتفل بعيد رأس السنة مع عمّ في أستراليا وحبيب في فرنسا. أصبحنا قادرين على عقد أهمّ الصفقات بملايين الدولارات والمشاركة في اجتماعات عمل مباشرة بين لبنان وهونغ كونغ ونيويورك، ونحن ننتعل "مشاية بإصبع"، ونراقب "الكبة بالصينية" في الفرن.
أصبحنا قادرين على التحكّم بصحّتنا وتحسينها وتطويلها بفضل الذكاء الاصطناعي القادر على إنقاذ الأرواح وتشخيص الأمراض وإطالة العمر المتوقّع للإنسان. أصبحنا قادرين على استنساخ الحيوان والبشر، والتحكّم بموعد وهب الحياة لكائن من لحمنا ودمنا مع تقنية تجميد البويضات ومع التلقيح الاصطناعي. بتنا قادرين على الحصول على أعلى الشهادات العلمية من تحت السنديانة ومن داخل سريرنا، بفضل التعلّم الافتراضي والتعلّم عن بعد. بتنا قادرين على إشعال الثورات والحروب ونحن مستلقون على "الصوفا"، بمجرد كلمة وكبسة على مواقع التواصل.
أصبحنا قادرين على كل شيء. تخطّينا بأشواط وأشواط المخرج جيمس كاميرون الذي جاهر بالقول "أنا ملك العالم" بعدما فاز بعدد من جوائز الأوسكار عن فيلم Titanic سنة 1998. أصبحنا نؤمن أننا الله، ولا شيء يستطيع الوقوف في وجه قدراتنا وذكائنا وعنجهيتنا وغرورنا وسلاحنا وفائض قوتنا، الى أن… تقرّر الطبيعة الأمّ، هذه الحنونة والمحبّة والكريمة والمعطاءة، أن "تشمط" آذاننا و"تهزّ" لنا العصا، وتلقّننا درساً على تطاولنا عليها، فتعيدنا الى حجمنا الحقيقي، صفر على الشمال، ومجرّد ذرّة غبار، تكفي "سفقة" هواء أو عصف إعصار أو موجة تسونامي لزلزلة ألوهيّتنا، وجعلنا نتلاشى من دون أي أثر في هذا الكون الفسيح.
اذكر يا إنسان أنك أقلّ من تراب، والى أقلّ من التراب تعود.
