سيمون مارشيتي

مادونا... مسيرةٌ حافلة بالإنجازات والتجارب المثيرة للجدل

8 شباط 2023

02 : 01

يعكس كلامها حياة هوسية تجمع بين الحب والكره. هي تقبّلت مصيرها لأنها محكومة بهذه المسيرة الحافلة. بعد أربعين سنة على تواجدها في عالم الفن، تستعد الديفا ونجمة البوب الشهيرة مادونا للعودة إلى الساحة، تزامناً مع تحضير فيلم عن سيرتها الذاتية. مقابلة مع مغنّية لم تُبدّل وجه موسيقى البوب فحسب، بل غيّرت أيضاً مسار العالم ووضعته في اتجاه جديد...



لقد عشتِ أربعة عقود حافلة بالأغاني، والاستفزازات، والنجاحات، والانتقادات، والانتصارات. ما هو الثمن الذي دفعتِه لعيش هذه التجربة الغنية؟

كيف يمكنني احتساب ثمن ما عشتُه؟ يمكنني أن أقول حتماً إن هذه المسيرة كلّفتني المليارات. لكن عن أي مليارات أتكلم؟ كيف يمكن احتساب المجازفات التي أخذتُها أو تقييم مسيرتي الفنية؟ لقد كرّستُ كامل وقتي وطاقتي للقتال وتحقيق هدف لم يؤمن به الكثيرون. حتى أنهم اعتبروني مجنونة! كم كلّفتني هذه المسيرة؟ لم يتسنَّ لي أن أرتاح، ولطالما افتقرتُ إلى الأمان، ولم أعرف معنى الهدوء، ولم أتنعم بالنوم الكافي أو السلام الداخلي، وكان يستحيل عليّ أن أمضي وقتاً طويلاً مع أحبائي. مع ذلك تستحق هذه المسيرة العناء، مع كل ما رافقها من رحلات سفر متواصلة. هذا هو الثمن الذي قررتُ تحمّله. لقد دفعتُه حتى آخر فلس.

على مر مسيرتك الفنية، ما كان أكبر انتصار حققتِه وأكبر هزيمة تعرّضتِ لها؟

إنه سؤال مزدوج. أرجو منك أن تختار سؤالاً منهما ولا تطرح عليّ أكثر من سؤال واحد في كل مرة.

ما هو أكبر انتصار في حياتك؟

نجاحي في مرافقة أولادي إلى المرحلة التي وصلوا إليها اليوم. إنها أجمل هدية على الإطلاق.

وما هي أصعب هزيمة تعرّضتِ لها؟

أنا لا أدقق بالإخفاقات والتجارب الفاشلة. كل ما يصيبنا هو انتصار لنا، حتى لو اعتبرنا التجربة التي نمرّ بها فاشلة.

لنتكلم عن المشروع الفني الذي يحضّر له مصوّرا الموضة الشهيران لويجي وإيانغو. لنبدأ من صورة العذراء مريم الواردة على الغلاف. لطالما تعرّضتِ للهجوم من الكنيسة الكاثوليكية...

انظروا إلى الصورة بإمعان: أنا أضع تاجاً، وأرتدي ثوباً أنيقاً، وأقف على مذبح. هل تعرفون الحالة النفسية التي كنتُ أعيشها؟ شعرتُ بأنني ضعيفة لأقصى حد. كانت مجرّد صورة بسيطة تم التقاطها في الاستوديو، لكنها أرجعتني إلى روما، حين تعرّضتُ لانتقادات لاذعة من الفاتيكان. أنا نشأتُ في عائلة كاثوليكية، لذا شعرتُ بصدمة كبيرة حين هاجمتني الكنيسة. كنتُ أحاول أن أصنع الخير بكل بساطة عن طريق العمل الذي أقوم به، لكنهم لم يفهموا هذا الجانب. لقد أدركتُ سريعاً أن المشكلة لا تتعلق بي بل بهم. هم لم يفهموا أن الأغاني التي أقدّمها تُقرّب الناس من بعضهــم البعض وتمنحهم حرية التعبير عن أنفسهم. كل ما فعلتُه هو تطبيق تعاليم المسيح. لطالما كان من ينتقدوني منافقين.

لقد كنتِ واحدة من أوائل الفنانين الذين يحتفلون بجميع الاختلافات. يبدو أن أيقونة مريم العذراء على الغلاف تمثّل انعكاساً أو رمزاً للألم والوحدة، أو تجسيداً للأمومة وتقبّل التنوع.


هل تعلم؟ عندما لم أكن مشهورة وكنتُ أفتقر إلى المال والمأكل، اعتنى بي في المقام الأول أشخاص منتمون إلى الأقليات أو جماعة المثليين. كيف يُعقَل ألا أدعمهم إذاً؟ مع مرور الوقت، أفهم بشكلٍ متزايد أن دوري الحقيقي يقضي بالتعبير عن أصوات جميع المهمّشين في العالم.

واحدة من الصور مستفزة جداً: إنها صورة العشاء الأخير حيث يُستبــــــــــــدَل جميع الرجال بنساء...

إنها فكرة لويجي وإيانغو، وقد اعتبرتُها وجهة نظر مثيرة للاهتمام. نحن نبث بهذه الطريقة طاقة أنثوية بحت في عالمٍ يمثّله الرجال تقليدياً بشكلٍ حصري.

كيف هي علاقتك بالدين اليوم؟

من وجهة نظري، من الضروري أن يمارس الفرد الطقوس الدينية ويعيش حياة روحية خاصة به. لكنّ الديانة التي تخلو من التفهّم، والضمير الحي، والشكوك، والانفتاح على الآخر، ليست ديانة حقيقية. أنا لا أنتمي إلى جماعات دينية تقوم على إقصاء الآخرين أو تتبنى أي شكل من التطرف. لكني أحترم جميع الديانات وأشجّع الناس على التمسك بنظام معتقداتهم. يجب أن نفهم وندرس الكتب المقدسة ونطّلع على طقوسها وإلا ستبقى مجرّد عقائد وقواعد جامدة. تصبح الممارسة في هذه الحالة مجرّد تطبيق فارغ المضمون. ما هي علاقتي بالدين اليوم؟ أنا أطوّر حياتي الروحية على طريقتي. هذا التوجه يناسبني أنا شخصياً ولا أسعى إلى إقناع جميع الناس به. لكن من الضروري برأيي أن يطوّر كل شخص علاقته الخاصة مع جانبه الروحي والقوى الروحية، بغض النظر عن الاسم الذي تحمله هذه الممارسات. من وجهة نظري، يستحيل أن يصمد الناس بكل بساطة ويتجاوزوا مصاعب الحياة من دون الاقتناع بوجود سلطة عليا أو قوة حيوية، أو حتى مجموعة من القوى المؤثرة. أنا أؤمن بوجود عالم ماورائي وروحاني ننتمي إليه جميعاً ويُفترض أن نتابع التواصل معه.

في صورة أخرى، تظهرين على شكل دمية هشة أو لعبة على وشك الانكسار.

مجدداً، أنا أطبّق أفكار المصوّرين بكل بساطة. لكني رأيتُ في هذه الصورة انعكاساً لهشاشة حياة النساء، وينجم هذا الضعف فعلياً عن ابتعادنا عن القوة النسائية الحقيقية. هذا البُعد يعطينا انطباعاً مفاده أننا دمى مضطربة.

هل انتابكِ هذا الشعور يوماً؟

نعم وأكثر من مرة. يبدو لي العكس مستحيلاً. لا يمكن أن يكون الفرد فناناً من دون أن يشعر يوماً بالألم أو الانكسار. هكذا هي طبيعة الحياة، ولا أحد يستطيع تجنّب هذا الشعور.

في صورة أخرى، تظهرين وأنتِ محاطة بمصارعي ثيران ومُعلّقة بأسلاك، ويبدو أنك تتعرضين لمعاملة سيئة من هؤلاء الرجال. هل يجب أن يستمر تجسيد النزعة الذكورية ومظاهر كراهية النساء التي تطبع مجتمعاتنا حتى الآن؟

إنها معركة متواصلة. أنا أتعرّض للهجوم يومياً وبأقوى الطرق، لكنّ المقاومة موجودة. هذه الصورة تعكس مشهداً مثالياً عن حقيقة الوضع. أنا مُعلّقة وبالكاد تلامس قدماي الأرض، ويحمل مصارعو الثيران المحيطون بي مخالب طويلة تبدو أشبه بسكاكين مُسنّنة. هم يضعون الأقنعة أيضاً لمنعنا من التعرّف عليهم. هذه العناصر كلها تبث شعوراً بالخطر. كما أننا نشاهد في الصورة المعركة التي يُفترض أن تخوضها كل امرأة ضد العالم الذكوري الذي تعيش فيه. يحاول هذا العالم محاصرتنا من جميع الاتجاهات، كما يحصل في ساحة مصارعة الثيران.

هل نتجه إلى الفوز في هذه المعركة؟

للأسف لا. حتى أن العكس صحيح. يبدو أننا بدأنا نتراجع بدل أن نتقدم، وإلا كيف يمكن تفسير تجدّد النقاش في الولايات المتحدة حول حرية المرأة في التعامل مع جسمها بالشكل الذي تريده؟

هل أنتِ امرأة تشاؤمية بطبيعتك؟

لا، أنا امرأة متفائلة وسأبقى كذلك، وإلا كيف يمكن المضي قدماً؟

في صورة أخرى، تظهرين مع عازف تشيلو. سبق وشاركـــــتِ في تقديـــــــم مواهب كثيرة. أي فنانين تحبين اليوم ومن يُلهِمك من بينهم؟

إنه سؤال صعب. أنا أحب الفنانين الذين يتحلون بالشجاعة الكافية لسرد قصص حقيقية ولا يخشون الكشف عن ضعفهم. أنا من أكبر المعجبين بمغني الراب كاندريك لامار. هو فنان استثنائي. كلمات أغانيه مبهرة بمعنى الكلمة. هو يروي قصصاً عن العنف والمخدرات وغياب الأهل، أي جميع مشاكل هذا الجيل. أظن أنه طَرْح جديد بالكامل. لقد عبّر في ألبومه الأخير عن جميع الأوجاع والحقائق التي تسكنه واستعمل مقاربة قوية لتحليل المشاعر والدوافع. أحب الفنان الذي يجيد الجمع بين موسيقى البوب وعمق ثقافته.

نصل الآن إلى الصورة التي تتقمصين فيها شخصية فريدا كاهلو وتظهرين إلى جانب رجل. لطالما كانت هذه الرسامة المكسيكية قدوة لك على مر مسيرتك المهنية...

تعرّفتُ على فريدا كاهلو حين كنتُ في سن المراهقة. لقد انبهرتُ بقصتها، لا سيما الحادث الذي غيّر مسار حياتها وأطلق مسيرتها كرسّامة بعد اضطرارها لملازمة الفراش طوال سنوات. كان والدها يجلب لها الطلاء وأدوات الرسم، فتعلّمت طريقة استعمالها عبر بذل جهود هائلة. لقد تأثّرتُ بقدرتها على تحويل الألم إلى فن جميل. كنتُ أعيش على الهامش في شبابي، لكن علّمتني فريدا كاهلو أننا نستطيع تقديم كل ما هو جميل، بغض النظر عن مكانتنا في المجتمع.

في هذه المجموعـــــــــة من الصور، نشاهد عدداً كبيراً من المهرجين. ما السبب؟

المهرّج شخصية متناقضة وأنا أتعاطف معه على نحو خاص. هو يرتدي زيّه، ويطلي وجهه، ويصعد على المسرح لإضحاك الناس. لكن لا يمكننا أن نمنع أنفسنا من ملاحظة بعض الغرابة في شخصيته أو نرصد ملامح مظلمة أو حزينة لديه. يسهل أن نلاحظ الجهد الذي يبذله للترفيه عن الآخرين. وعندما ندرك صعوبة العمل الذي يقوم به، لا مفر من أن نرغب في البكاء. مصير المهرّج مشابه لمصير الفنانين: هو مضطر لتقديم عرضه وإضحاك الناس تزامناً مع التلميح إلى مشاعر معاكسة. هذا التداخل يجذبني منذ وقت طويل.

لنتكلم عن حياتك الشخصية. لديك عائلة كبيـرة. كيف تستطيعين التوفيق بين دور الأم ومسيرتك الفنية؟

هذه هي أصعب مهمة على الإطلاق. أنا أجد حتى اليوم صعوبة في فهم كيفية تحقيق هذا التوازن. يبقى إنجاب الأولاد وتربيتهم مهمة فنية بامتياز في حياة جميع الناس. لا أحد يستطيع أن يعطينا دليلاً تربوياً يمكن تطبيقه بحذافيره، بل يجب أن نتعلم من أخطائنا. يتطلب هذا العمل وقتاً طويلاً ويترافق مع إرهاق شديد لأننا لا نحصل على أي استراحة.

يشمل أولادك عدداً من الفنانين. كيف هي تجربة العيش في عائلة مبدعة لهذه الدرجة؟

أكثر ما يسعدني هو أن أشاهد كل واحد منهم وهو يجد طريقه بنفسه. أنا لم أدفع لولا [الاسم الفني لابنتها الكبرى لورد] إلى دخول عالم الموسيقى يوماً، ولم أشجّع ابني روكو على الرسم. لكني لم أكفّ عن تعريفهم على عالم الفنون والموسيقى. أنا فخورة بما أصبحوا عليه وبالعمل الذي يقدّمونه.

هل تظنين أن النشوء مع أم مثل مادونا كان سهلاً عليهم؟

مطلقاً! أن تكون أمّهم امرأة مثلي هو عائق بحد ذاته.

بماذا تشعرين اليوم؟

أشعر بالحماس إزاء التحديات التي تنتظرني. أنا أستعد لتقديم عرض جديد وأعمل منذ سنوات على طرح فيلم عن حياتي. إنها مرحلة جميلة جداً لأنني أجمع الأفكار، وأبحث عن مصادر الإلهام، وأقابل أشخاصاً مبدعين، وأشاهد أفلاماً كثيرة، وأسمع الموسيقى... كما أنني أتعلم الأنثروبولوجيا الاجتماعية! أنا أبحث عن الإلهام في كل مكان أقصده وأينما وُجدِ.

ما الذي يخيفك؟

أخاف من فكرة العيش في مجتمع يفتقر إلى حرية التعبير عن الأفكار والنزعات الفردية. أشعر بأن الناس يزدادون خوفاً من التعبير عن آرائهم، وكأنهم يخشون التصرف على سجيّتهم. هل انتقلنا إلى عالمٍ أساسه الظلم والمعاناة؟ إنه وضع مرعب.

ما الذي يسعدك؟

الوقت الذي أمضيه مع أولادي: رؤيتهم سعداء، والمشاركة في تطويرهم، واكتشاف شغفهم.

يتعلق جزء كبير من سعادتي بهم، لكني أُسَرّ أيضاً بالإلهام الذي أجده لدى بعض الفنانين.

ما الذي يجعلك تقعين في الحب؟

التقرّب من الآخرين... أي حين أشعر بأننا نتكلم اللغة نفسها وننظر إلى العالم بالطريقة نفسها. أنا أقع دوماً في حب الشخصيات المبدعة، أو تلك التي تُعبّر عن إبداعها بطريقة أو بأخرى على الأقل.

لنعد بالزمن إلى ما قبل أربعين سنة. ما هي النصائح التي تعطينها للشابة مادونا الآتية من نيويورك؟

تلك الفتاة كانت جائعة ومفلسة. سأنصحها بمواجهة الواقع مباشرةً وبتدبّر أمرها.

ما الذي كنتِ لتفعلينه لو أنك في العشرين من عمرك اليوم؟

أظن أنني كنتُ لأعيش بهذه الطريقة أيضاً. كنتُ لأرغب في اكتشاف العالم بالدرجة نفسها من الفضول وكنتُ لأسعى إلى خوض لقاءات جديدة. في العمق، لن أصبح مختلفة عما كنتُ عليه، لكني سأملك هذه المرة طعاماً أتناوله وحذاءً أنتعله.


**مصمّم الأزياء البريطاني جون غاليانو: مسيرة مادونا خارقة!

مقابلة قصيرة مع جون غاليانو للتكلم عن صديقته مادونا ومسيرته الناجحة...

أنتَ مقرّب من مادونا منذ وقت طويل. كيف تَصِف مسيرتها الفنية؟

إنها مسيرة خارقة ذات بُعد عالمي! هذه المرأة أصبحت قدوة لجيل كامل من الفنانين. لكنها أصبحت أماً مدهشة أيضاً.

على غرار مادونا، بدأتَ مسيرتك خلال الثمانينات. هل تجد نقاطاً مشتركة بين تلك الفترة والوضع الراهن؟

إنه سؤال مثير للاهتمام. في تلك الحقبة، كانت لندن مدينة كئيبة وكان مناخها السياسي متفجراً ويتراوح بين قنابل الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت وقبضة مارغريت ثاتشر الحديدية. أجبرنا هذا الوضع على إيجاد حلول قوية في مجال الابتكار. كنتُ طالباً حينها ولم أكن أنزل للتظاهر في الشوارع، لكني حاولتُ التعبير عن جميع معاركي وآرائي عن طريق الملابس. يعتبر البعض ما تحقق في المجال الفني في تلك الحقبة وسيلة للهرب من الواقع، لكنه كان تجسيداً لتحرّر الأفراد، فتمكن الناس أخيراً من التعبير عن شخصيتهم العميقة. نشأت تيارات سرية كثيرة وثقافات فرعية ونزعات تتعارض مع التقاليد والمحرمات. هل تشبه هذه اللوحة عالم اليوم؟ ربما! نحن نعيش في زمن الاضطرابات وانعدام الأمان، وألاحظ أن الجيل الجديد يحمل الرغبة نفسها في تقرير مصيره بنفسه، وهو يشعر بالغضب الذي انتباني في الماضي ويتوق إلى التعبير عن فرادته.

ماذا كنتَ لتفعل لو أنك ما زلتَ في العشرين من عمرك اليوم؟

كنتُ لأسافر على الأرجح بدل أن أبدأ العمل فوراً. أنا أنحدر من عائلة مهاجرين ينتمون إلى الطبقة العاملة. لقد علّموني أهمية أن أجد عملاً في أسرع وقت ممكن وأن أكسب المال ولا أكف عن العمل، ليلاً نهاراً، بما في ذلك خلال عطلة نهاية الأسبوع. هكذا كانت معاييري دوماً لأنني تربّيتُ بهذه الطريقة. لكني كنتُ لأرغب في متابعة التعلّم. اقتصرت دراستي على كلية الفنون "سنترال سانت مارتينز".

كلّمتنا مادونا عن ثمن نجاحها. ماذا عنك، جون غاليانو؟ ما هو الثمن الذي دفعته كي تصبح المصمم الذي نعرفه اليوم؟

الثمن هو صحتي النفسية. لقد فهمتُ الآن أنني كنتُ مضطراً للسير على هذا الطريق وللتعثر من وقتٍ لآخر. إنها رسالة الله لي. نحن جميعاً نشبه الأطفال ونحتاج إلى السقوط كي نتعلّم. لكن يبقى الأطفال أكثر قوة منا بكثير. هم ينهضون بعد السقوط ويتابعون نشاطاتهم الأخرى بلا مشكلة. قد يبدو كلامي غريباً، لكني أتمنى أن يرتكب كل شخص الأخطاء ويضطر لتغيير مساره، ولو مرة واحدة في حياته، لأن هذا الدرس في التواضع يُعلّمنا مجدداً أن نتصرف بطريقة إنسانية، وتنعكس هذه التجربة إيجاباً على إبداعنا وأصدقائنا وعائلتنا. هذا هو الثمن الذي دفعتُه على الأرجح. في ما يخص بقية أحداث حياتي، تركتُ المدرسة حين كنتُ أبلغ 21 عاماً وبدأتُ أعمل وأكتشف مسائل اقتصادية لم أكن مستعداً لها بأي شكل. كانت تلك المرحلة صعبة طبعاً، لكن هذا هو مصيري. أنا أعتبر الابتكار حاجة حيوية.

ما هي الشخصيات التي تكنّ لها الإعجاب اليوم؟


يعجبني عدد كبير من المبدعين، لكني أتأثّر كثيراً بالشبان الذين يأتون إلى وِرَشنا في "دار مارغييلا". أتأثر حين أشاهد في نظراتهم حجم الشغف والفضول والرغبة في الابتكار. يحصل تبادل مدهش بيننا: أنا أتعلّم منهم وهم يتعلمون من تجربتي.

لمن تدين بالشكر على نجاح مسيرتك المهنية؟

أدين للكثيرين أيضاً، لكنّ بعضهم لم يعد بيننا الآن. أحياناً، تختلط ذكرياتي مع الواقع، فأشعر بأن هؤلاء الأشخاص هم ملائكة من السماء. ما السبيل لتذكّر كل من ساعدني في حياتي، بدءاً من المرأة التي طلبت مني أن أتحرك وأجلب سيرتي إلى "سنترال سانت مارتينز" في لندن، وصولاً إلى الأشخاص المقربين مني اليوم؟ عددهم كبير فعلاً.

سؤال أخير: بين بداياتك والعصر الراهن، كيف تطورت الموضة وما الذي تحتاج إليه اليوم؟

منذ أيام، كنتُ أعمل على ابتكار ملابس جديدة وطرحتُ السؤال نفسه: ما الذي نحتاج إليه اليوم؟ سرعان ما استنتجتُ أن الشخص الذي ينجح في زعزعة الوضع ويقلب المقاييس في المرحلة المقبلة هو من سيُحدِث الفرق. يجب أن تعود الموضة إلى طبيعتها الاستفزازية وغير المألوفة. قد نعود فعلاً إلى الوضع الفني الطارئ الذي ساد خلال الثمانينات. باختصار، تحتاج الموضة إلى صفعة قوية!

**المخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار: لديّ أفكار كثيرة تُناسب مادونا

لم يتعاون بيدرو ألمودوفار مع مادونا يوماً. كانت الفرصة سانحة منذ عشرين سنة تقريباً لكن لم يحصل هذا التعاون في نهاية المطاف. بدا دوران محددان في فيلمَين من إخراجه مُصمَّمين لمادونا وكانا ليسمحا لها بإثبات موهبتها في التمثيل. الشخصية الأولى هي «سيكسيليا» في فيلم Labyrinth of Passion (متاهة الشغف) في العام 1982. تحاول هذه المغنية الشهوانية التغلب على صدمات الطفولة بفضل الحب الذي تحمله لولي عهد من إمبراطوية «تيران» الخيالية. أما الشخصية الثانية، فهي «يولاندا بيل»، مغنية في ملهى تلجأ إلى دير بعد موت صديقها في فيلم Dark Habits (عادات مظلمة)، في العام 1983.

لم يحصل اللقاء المنتظر بين مادونا وألمودوفار قبل العام 1989، رغم جميع القواسم المشتركة بينهما. في تلك السنة، ترشّح فيلمه Women on the Verge of a Nervous Breakdown (نساء على شفير الانهيار العصبي) لجائزة أوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبي. في صباح اليوم التالي، اتصلت مادونا بألمودوفار لدعوته إلى موقع تصوير فيلم Dick Tracy الذي كانت تصوّره مع المخرج وارين بيتي. كانت تلك الدعوة صادمة بالنسبة إلى المخرج الإسباني الذي لم يكن معروفاً جداً خارج حدود بلده. تعليقاً على تلك التجربة، يقول ألمودوفار: «لم أستطع التفوه بأي كلمة. كان ذلك الاتصال تعويضاً لي عن الجائزة التي لم أفز بها في الليلة السابقة. في موقع التصوير، تعامل معي الفريق كله وكأنني المخرج العظيم جورج كيوكر. حتى أن وارين بيتي أصرّ على جلوسي في مقعده لرؤية المشاهد التي يتم تصويرها. ثم اصطحبتني مادونا لزيارة الاستوديوات. هي تحمل جانباً قاتماً، لكنها تتمتع في الوقت نفسه بجانب أكثر لمعاناً وسخاءً».

بعد مرور سنة، نظّم ألمودوفار حفلة كبيرة لتكريم مادونا التي انتقلت إلى مدريد لتصوير جزء من الوثائقي Madonna: Truth or Dare (مادونا: حقيقة أم جرأة) (1991)، من إخراج أليك كيشيشيان، وهو يتطرق إلى كواليس جولة Blonde Ambition التي قامت بها مادونا سابقاً. لكن بسبب سلسلة من المشاكل، انتهى تصوير الوثائقي بعد ست سنوات.

هل يمكن أن يتعاون ألمودوفار ومادونا في المرحلة المقبلة بعد طول انتظار؟


يفضّل المخرج ألا يطلق أي توقعات منذ الآن، فيقول: «لا أعرف ما سأفعله في المستقبل. لديّ أفكار كثيرة تناسبها ومجموعة من المسودات الأولية، لكني أجد صعوبة في الاختيار»!


MISS 3