قرعت أجراس الكنائس في بلدة سيدة المنطرة – مغدوشة فرحاً، تنفّس أبناؤها الصعداء بعد نجاة ابنها باسل حبقوق وقد انقطعت أخباره مع رفيقه الياس حداد في مدينة انطاكيا التركية بعد وقوع الزلزال المدمّر الذي ضربها فجر الإثنين، وكشف عن كارثة انسانية تفوق الوصف لجهة الضحايا والمفقودين والدمار.
أكثر من 50 ساعة قضاها حبقوق تحت أنقاض فندق «OZCHIAN» في أنطاكيا (هاتاي)، وقد تهدّمت طوابقه الثلاثة، ويؤكد شقيقه فادي لـ»نداء الوطن»: «نجاته بأعجوبة بعدما حمته عتبة الباب، قبل أن يضيف «بعد أكثر من خمسين ساعة تمكّنت فرق الإنقاذ من انتشاله حيّاً وبخير، لقد نقل إلى المستشفى وأدخل اليها لاجراء الفحوصات اللازمة ثم غادرها».
وينقل فادي عن شقيقه باسل قوله «انّني بخير وبصحّة جيدة ولكن لن أعود إلى لبنان قبل الإطمئنان على وضع الياس حداد، الفرق ما زالت تبحث عنه في المكان لانتشاله، نصلّي لله من أجل نجاته»، واصفاً الساعات الخمسين التي عاشها بأنها «كابوس مخيف ولا يمكن أن تنسى أبداً».
في منزلها في مغدوشة تلتزم العائلة الصمت، فرحها ممزوج بالدمعة على الياس، وتقول والدته ماري: «باسل نجا بأعجوبة»، وتضيف: «وقت وقوع الزلزال وقف تحت عند باب الغرفة، انهار الفندق وحمته الخشبة من الموت، بينما الياس إبتعد أكثر عن المكان»، مؤكّدة أنّ «باسل أصيب برضوض مختلفة وكان يتحدّث مع الياس، ما يعني أنه ما زال حيّاً ويجب إنقاذه بسرعة».
وأكّد رفيقه زياد أنّ «عمليات الإنقاذ تجري ببطء شديد، لقد مضى أكثر من 60 ساعة وأصبحنا اليوم في سباق محموم مع الزمن بين النجاة والموت، والمطلوب أن تبادر الدولة إلى الاهتمام بالقضية سريعاً قبل فوات الآوان، كنّا نتلقّى المعلومات من مواطن تركي فقد عائلته في المكان ونزوّد بها الدولة، فهل يعقل ذلك؟».
وفرحة أهالي مغدوشة الممزوجة بالغصّة عبَّر عنها رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية النائب ميشال موسى بالقول: «الحمد لله على سلامة باسل حبقوق، عائداً من تحت الأنقاض، عقبال الياس الحداد ومحمد المحمد في الموقع ذاته وكلّ المفقودين. الشكر لكلّ العاملين في الإنقاذ على مختلف فرقهم». بينما قال السفير اللبناني في تركيا غسان معلم: «باسل حبقوق في وضع جيد بعد انتشاله من تحت الأنقاض وتواصل مع أهله».
«لن نفقد الامل بنجاة ما تبقّى من مفقودين»، مقولة تتردّد في أروقة الصالونات السياسية والعائلية اللبنانية، صيدا واحدة منها، أعلنت تضامنها مع تركيا وسوريا المنكوبتين بالزلزال، وقد كشف مضي الوقت عن حجم الضحايا والجرحى، ناهيك عن الدمار الهائل، وصلت فرق الإسعاف والطوارئ التي انطلقت من المدينة إلى سوريا وبدأت بالمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ.
رئيس «جمعية الحركة الشبابية للتنمية والسلام» علي ضاهر الذي وصل على رأس الفريق إلى اللاذقية روى لـ»نداء الوطن» مشاهد مأسوية عن الزلزال، وقال: «كارثة انسانية لا تصدّق، هناك مبان عديدة تهدّمت وانهارت على الأرض وعائلات بأكملها تحت الأنقاض»، متوقّعاً ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد الضحايا والجرحى»، مشيراً إلى أنّ عوامل كثيرة تُعيق السرعة في عمليات الانقاذ منها كثرة الأضرار وقلّة المعدّات والطقس البارد». وأوضح: «أنقذنا مواطناً سورياً في العقد الخامس من العمر وتمّ نقله إلى مستشفى «تشرين» في اللاذقية وانتشلنا ست جثث أخرى، ودامت عملية إنقاذ المواطن 5 ساعات ونصف وسننتقل إلى منطقة جبلة عند الانتهاء من منطقة اللاذقية»، مناشداً «توفير الدعم المادي للبعثة من أجل أن تتمكّن من مواصلة مهمّتها الانقاذية التي هي أقلّ الواجب الإنساني والوطني». وفي تركيا، تكرّر المشهد حيث انطلقت أولى مهمّات فريق البحث والإنقاذ التّابع للجمعيّة الطبيّة الإسلاميّة في صيدا في إحدى المباني المدمّرة في بلدة «البستان» - محافظة مرعش، وذلك بعد ورود أخبار عن وجود 10 أشخاص مفقودين تحت أنقاض المبنى، بينما أطلق ناشطون في الحراك المدني حملات للتبرّع بالملابس والفرش والحرامات والمواد التموينية من أجل ايصالها الى المنكوبين في سوريا.
ووجّه مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان الأئمّة والخطباء في صيدا والجوار لإقامة صلاة الغائب في جميع المساجد بعد صلاة يوم الجمعة المقبل عن أرواح ضحايا الزلزال الكارثي الذين قضوا في تركيا وسوريا، داعياً الله «أن يحفظ تركيا وسوريا وشعب لبنان من كلّ مكروه، وكلّ بلاد المسلمين».
فلسطينياً، لم تمرّ ارتدادات الزلزل على خير في بعض المخيمات الفلسطينية في لبنان، إذ أفاد أبناؤها عن تضرّر عشرات المنازل التي تعاني أصلاً من التشقّقات والتصدّع والنشّ، منها 4 منازل في مخيم «جلّ البحر» ومنزلان في تجمّع «الشبريحا» في منطقة صور، ومنازل أخرى في مخيّم البداوي في الشمال. وأبلغ أمين سرّ «اللجان الشعبية الفلسطينية» في لبنان عبد المنعم عوض «نداء الوطن» أنّ اللجان الشعبية في المناطق بالتعاون مع اتحاد المهندسين في المخيمات والتجمّعات ستجري مسحاً ميدانياً على المنازل التي تضرّرت جرّاء الزلزال.