إسقاط مروحيّة لقوّات النظام في إدلب

إنذار تركي جديد لدمشق

11 : 26

حركة النزوح الكثيفة لا تزال مستمرّة في شمال غربي سوريا (أ ف ب)

وجّهت أنقرة بالأمس إنذاراً جديداً لدمشق في حال شنّت هجوماً آخر ضدّ قوّاتها المنتشرة في محافظة إدلب في شمال غربي سوريا، حيث قُتِلَ طيّاران سوريّان جرّاء إسقاط مروحيّتهما في حادث نسبه "المرصد السوري لحقوق الإنسان" للقوّات التركيّة، فيما أفادت وزارة الدفاع التركيّة بـ"تحييد" 51 عنصراً من الجيش السوري وتدمير دبّابتَيْن والسيطرة على ثالثة، بينما حقّقت قوّات النظام في الوقت عينه هدفاً طال انتظاره بالنسبة إليها، بسيطرتها للمرّة الأولى منذ العام 2012، على كامل طريق حلب - دمشق الدولي.

وبعد أسابيع من القصف العنيف والمعارك الطاحنة، تشهد المنطقة منذ بداية الأسبوع الماضي توتراً ميدانيّاً قلّ مثيله بين أنقرة ودمشق، تخلّلته مواجهات أوقعت قتلى بين الطرفَيْن. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس: "نال النظام عقابه، لكن ذلك لا يكفي، ستكون هناك تتمّة. كلّما هاجموا جنودنا، سيدفعون الثمن غالياً، غالياً جدّاً"، لافتاً إلى أنّه سيُعلن تدابير إضافيّة، من دون أن يُعطي المزيد من التفاصيل، في وقت أكدت القيادة العامة للجيش السوري في بيان "استعدادها للردّ على اعتداءات قوّات المحتلّ التركي"، مضيفةً: "عمد النظام التركي إلى زجّ حشود عسكريّة جديدة وتصعيد عدوانه بشكل مكثّف"، واستهدف "نقاط تمركز الوحدات العسكريّة بالقذائف الصاروخيّة".

كما اتّهم جيش النظام السوري، أنقرة، بمحاولة وقف تقدّمه و"منع انهيار التنظيمات الإرهابيّة"، إذ أرسلت تركيا أخيراً تعزيزات عسكريّة ضخمة إلى المنطقة تتألّف من مئات الآليّات العسكريّة، دخل القسم الأكبر منها بعد تبادل لإطلاق النار قبل أسبوع بين القوّات التركيّة والسوريّة، خلّف أكثر من 20 قتيلاً من الطرفَيْن، بينهم ثمانية أتراك. وتكرّر التوتر الإثنين، إذ أعلنت أنقرة مقتل خمسة من جنودها في قصف مدفعي شنّته قوّات النظام ضدّ مواقعها في إدلب، وردّت تركيا باستهداف مصادر النيران، وأعلنت وزارة الدفاع التركيّة أنّها "حيّدت" أكثر من مئة جندي سوري. إلّا أن "المرصد السوري" أكد عدم سقوط ضحايا في صفوف قوّات النظام.

وفي سياق متّصل، شدّد وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو على وقوف بلاده إلى جانب تركيا. وقال في تغريدة: "يجب أن تتوقف الاعتداءات المستمرّة لنظام الأسد وروسيا"، مشيراً إلى أنّه أرسل موفداً إلى أنقرة "لتنسيق الخطوات للردّ على الاعتداء المخلّ بالاستقرار".

توازياً، قُتِلَ جنديّان سوريّان بالأمس جرّاء إسقاط مروحيّتهما قرب منطقة قميناس في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وفق المرصد الذي لفت إلى أنّ القوّات التركيّة استهدفت المروحيّة بصاروخ. وشاهد مراسل لوكالة "فرانس برس" في المكان جثّتَيْ الطيّارَيْن وبقايا المروحيّة المحطّمة، في حين ذكرت وزارة الدفاع التركيّة أنّها تلقّت معلومات تُفيد بأنّ "مروحيّة تابعة للنظام تحطّمت" من دون أن تتبنّى إسقاطها، فيما أشارت وسائل إعلام تركيّة إلى أن المروحيّة سقطت بنيران الفصائل.

وإثر تقدّم جديد غرب مدينة حلب، أفاد "المرصد السوري" عن سيطرة قوّات النظام على كامل الطريق الدولي للمرّة الأولى منذ العام 2012. وفَقَدَت دمشق السيطرة على أجزاء واسعة من هذا الشريان الحيوي منذ بدء توسّع الفصائل المعارضة في البلاد في العام 2012، إلّا أنّها على مرّ السنوات الماضية، استعادت أجزاء منه تدريجيّاً في جنوب ووسط البلاد وقرب العاصمة دمشق. وباتت "هيئة تحرير الشام" والفصائل، بحسب المرصد، تُسيطر على 52 في المئة فقط من محافظة إدلب وأجزاء من المحافظات الثلاث المحاذية لها، حلب وحماة واللاذقيّة.

وأسفر الهجوم العسكري منذ كانون الأوّل، وفق حصيلة للمرصد، عن مقتل أكثر من 350 مدنيّاً، بينهم 12 شخصاً، نحو نصفهم من الأطفال، في غارات سوريّة على مدينة إدلب بالأمس. كما دفع الهجوم بأكثر من 690 ألف شخص للنزوح إلى مناطق أكثر أمناً قرب الحدود التركيّة، بحسب الأمم المتحدة. وفي هذا الصدد، كشف المتحدّث الإقليمي باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانيّة التابع للأمم المتحدة ديفيد سوانسون لـ"فرانس برس" أن "هذا العدد، وبحسب تحليل أوّلي، يُعدّ الأكبر لنازحين (فرّوا) في فترة واحدة منذ بداية النزاع في سوريا"، العام 2011.

وتزداد معاناة النازحين مع انخفاض حاد في درجات الحرارة. ولجأ الجزء الأكبر منهم إلى مناطق مكتظّة أساساً بالمخيّمات قرب الحدود التركيّة في شمال إدلب، لم يجد كُثر خيماً تؤويهم أو حتّى منازل للإيجار، واضطرّوا إلى البقاء في العراء أو في سيّاراتهم أو في أبنية مهجورة قيد الإنشاء وفي مدارس وحتّى جوامع.


MISS 3