ريتا ابراهيم فريد

د. ناجي أبي راشد: في عيد الحب تذكّروا أهمية الإعتناء بقلوبكم

14 شباط 2023

02 : 01

هو الموطن الذي تسكنه أحاسيسنا وانفعالاتنا، وهو أكثر من يتقن التعبير عنها. هو القلب الذي يرسم وجه النقاء والصفاء، ويجسّد قيم الحقّ والخير. وهو بلا شكّ أفضل تعريف لهوية الحب. واليوم بمناسبة عيد الحب، تواصلت "نداء الوطن" مع إختصاصي أمراض القلب والشرايين ورئيس قسم العناية القلبية في المستشفى اللبناني الجعيتاوي الدكتور ناجي أبي راشد الذي قدّم نصائح وقائية عدّة، وتحدّث عن العلاقة التي تربط بين الحب وبين صحّة القلب.

هناك دراسات تشير الى أنّ الحب يحمي من الأزمات القلبية ويعزّز مناعة القلب. هل من دليل علمي على ذلك؟

بشكلٍ عام، الحبّ يقلّل من التوتر، ما يعزّز جهاز المناعة لدى الإنسان. وإلى جانب فوائد الصحة الجسدية، فإن الوقوع في الحب مفيد أيضاً للصحة النفسية التي تنعكس بدورها على صحّة القلب. وبحسب الدراسات وأبحاث الغدد الصمّاء وأجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفية الحديثة للدماغ MRI، تبيّن أنّ الحب قد يحفّز الدماغ على إفراز عدد من الهرمونات مثل الأوكسيتوسين والفازوبريسين والدوبامين والسيروتونين والكورتيزول والتستوستيرون التي تمنح الشعور بالسعادة. وفي هذا السياق، أظهرت الدراسات أنّ العناق والشعور بدفء الحبيب يساعدان على الإسترخاء ويخفّفان من التوتّر. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى خفض ضغط الدم ومعدّلات ضربات القلب.‎ في المقابل، هذا المبدأ يعمل أيضاً في الإتجاه المعاكس. وحيث أنّ الحب مفيد للقلب، فإن الإنفصال عن الحبيب قد يؤدي الى نتائج سلبية. وقد أظهرت الدراسات أنّ مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية تزداد لدى الأشخاص المطلّقين.

ماذا عن ما يسمّى بـ"هرمون الحب"؟

وفقًا لدراسة حديثة صدرت في تشرين الأول 2022 عن جامعة ولاية ميشيغان، فإنّ الأوكسيتوسين، المعروف أيضاً بهرمون الحب، له قدرة على تنشيط وتجديد الخلايا ومساعدة القلب على التعافي بعد نوبة قلبية عن طريق تحفيز إنتاج الخلايا الجذعية في القلب.

نلاحظ اليوم ارتفاعاً في الوفيات بأزمات قلبية بين الشباب وصغار السنّ. الى أي مدى يمكن للحزن أن يؤدّي الى الإصابة بأمراض القلب؟

عندما يعاني الإنسان من الاكتئاب أو القلق أو التوتّر، يزداد لديه معدّل ضربات القلب ويرتفع معه ضغط الدم، ويبدأ جسمه بإنتاج مستويات أعلى من هرمون الكورتيزول أو هرمون التوتّر. ومع مرور الوقت يمكن لذلك أن يتسبّب بأمراضٍ قلبية. كما أنّ الاكتئاب والقلق قد يتسبّبان بقصور في القلب أو سكتة دماغية، وقد أثبتت الدراسات أنّ للصحّة النفسية تأثيرات فيزيولوجية عدة على الجسم. إضافة الى ذلك، عندما يكون الإنسان متوتّراً أو قلقاً أو مكتئباً، سيشعر حتماً بإرهاق يمنعه من متابعة نمط حياة صحي. لذلك قد يكون أكثر عرضة للتدخين وقلّة النوم أو كثرته، وشرب الكثير من الكحول، وقد يتوقّف عن تناول أدويته. وبمرور الوقت، هذه السلوكيات غير الصحية قد تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.

من خلال احتكاكك اليومي مع المرضى، ما هي أخطر التحديات التي يواجهها مرضى القلب في لبنان؟

مع اشتداد الأزمة الإقتصادية وارتفاع ثمن الأدوية بعد رفع الدعم، بات معظم المرضى عاجزين عن تأمين أدويتهم، ناهيك عن فقدان قسم كبير من هذه الأدوية الى جانب صعوبة تأمين البديل المناسب. ومن المعروف أنّ أدوية القلب والضغط يجب أن تؤخذ بطريقة منتظمة بحسب الجرعة التي يحدّدها الطبيب. وبدلاً من أن يبادر المرضى الى زيارة طبيبهم للوقاية أو المتابعة، بتنا نستقبلهم ضمن حالات طارئة إثر ارتفاع في ضغط الدم أو نزيف في الدماغ أو أزمات قلبية بسبب عدم تناول أدوية السيلان.

في ظلّ الضغط النفسي اليومي، هل من نصائح أو إرشادات للشبان والشابات أو صغار السنّ الذين يعانون من أمراض في القلب؟

من الطبيعي أن يشعروا بالإحباط والحزن في هذه الظروف. لكن إذا استمرّ ذلك لمدّة أسبوعين أو أكثر، فقد يحتاجون إلى طلب المساعدة لتحديد أسباب القلق والتوتّر، ومحاولة معالجتها قدر الإمكان. أنصحهم باختيار عادات صحية، على أن يبادروا الى ممارستها تدريجياً وليس دفعة واحدة. فالمشي اليومي من شأنه أن يساعد القلب، كما أنّ النشاط البدني المنتظم يُحسّن المزاج ويعزّز الصحة النفسية ويقلّل من خطر الإصابة بالاكتئاب، بالإضافة الى تناول الأطعمة الخفيفة والصحية. والأهمّ من كلّ ذلك، عليهم أن يتناولوا أدويتهم بانتظام وأن يتواصلوا مع طبيبهم فور تعرّضهم لأيّ عارض صحيّ.

من موقعك كطبيب قلبٍ وشرايين، ماذا تقول للشبان والشابات في عيد الحب؟

فليكن هذا العيد مناسبة للتذكير بأهمية الإعتناء بصحّة القلب. ‎نحن نعلم أن الوقاية من أمراض القلب ممكنة الى حدّ كبير، حيث أنّ 80% من عوامل الخطر هي تحت سيطرتنا ويمكننا تفاديها من خلال ممارسات بسيطة: مثل الرياضة اليومية، الحفاظ على نظام غذائي صحي،‎ مراقبة الوزن، إجراء فحوصات منتظمة،‎ التوقّف عن التدخين،‎ والحدّ من تناول الكحول.