لقاء في المجلس الاقتصاديّ الاجتماعيّ مع رئيس مجموعة طلال أبو غزالة

16 : 38

عُقِد في مقر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في وسط بيروت، استكمالاً للقاءات العمل التي ينظمها المجلس حول الواقع الاجتماعي والاقتصادي والنقدي، بدعوة من رئيسه شارل عربيد، لقاء تشاركي مع رئيس مجموعة طلال أبو غزالة العالمية طلال أبو غزالة، تمحور حول الازمة الاقتصادية في لبنان والمنطقة، أسبابها وطرق الحل.


حضر اللقاء الى عربيد وأبو غزالة نائب رئيس المجلس سعد الدين حميدي صقر، رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر وأعضاء المجلس.


عربيد

بداية، تحدث عربيد الذي استهل كلمته بالترحيب بأبو غزالة، وقال: "هذا اللقاء هو للاستماع الى مقاربته حول الواقع اللبناني، سيما وان له باعا كبيرة في ما يقدمه للبنان والمنطقة من خلال المجموعة التي يترأسها ومن خلال كل الاعمال والمقاربات الايجابية التي يقوم بها".


واذ اشار عربيد الى "ان المجلس الاقتصادي، هو مساحة للحوار والنقاش ومكان كي نفكر في الحلول ولابداء الرأي الى من يجب ان يسمع، أسف لان "الوضع في لبنان يتدهور ويتراجع يوميا واصبح هناك نوع من القناعة بأن من يدير هذا البلد لا يتخذ القرارات اللازمة، مع أننا نستطيع أن نوقف هذا التدهور".


أضاف عربيد: "هذا الواقع لن يستمرّ ويجب أن تتخذ قرارات سريعة، لأن واقع الأجور والاستشفاء والهجرة والفقر والتعليم لم يعد يحتمل. فهل يجوز أن نبقى في انتظار الحلّ الاقليميّ أو أي تسوية، وكأننا كلبنانيين، نعجز كليا عن إيجاد الحلول؟".


وأكد انه "لا يجوز أن تستمر القوى السياسية في لبنان في العجز عن ايجاد الحل وترك الامور على ما هي عليه، سيما موضوع الودائع والمصارف".


ورأى عربيد "أنّ الامور في لبنان لا تُحلّ عن طريق الثورات، بل يجب علينا كلبنانيين أن نتشاور ونتباحث حول كيفية التعايش مع بعضنا البعض"، مؤكداً "أنّ هذا البلد قابلٌ للحياة لكن نحن في حاجة إلى التواضع وروح المسؤولية والوطنية"، معتبراً "أنّ الكثير من القائمين على الحياة السياسية يفتقدون لهذه الامور، ولا يوجد سبب كي يبقى الوضع على حاله ويبقى الناس متروكين في هذا الشكل".


ورأى عربيد "أنّ مستويات الفقر التي وصل إليها اللبنانيون، أصبح من الصعب معالجتها وتستلزم وقتاً طويلاً"، متخوفاً من أنّه في حال "استمررنا على هذه الحال، فنحن ذاهبون نحو الخراب أكثر وأكثر، وعندها لا نسأل انفسنا لماذا خسرنا هذا البلد الجميل؟ فنحن خسرناه بايدينا".


وختم عربيد متوجها الى أبو غزالة: "نحن نعول على أصدقاء لبنان، وأنت من أصدقائه الكبار. وحان الوقت لأن يستفيق السياسيون ونباشر في إطلاق ورشةٍ سريعة تبدأ بانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة والذهاب نحو تفكيرٍ وطنيّ برسم خارطة طريق تعيدنا الى السكة".


طلال ابو غزالة

بدوره قال أبو غزالة: "أنا معجب جداً بالشعب اللبناني من خلال أمر واحد الا وهو القدرة على الصبر وتحمل ما لا يحتمل وهذا امر عظيم ويعني انه لدينا شعب يمتلك قدرة تحمل غير موجودة عند شعوب الدنيا. فمثلا فرنسا لديها تخبط بالنسبة الى رفع سن التقاعد لمدة سنتين وهو موضوع صغير بالنسبة الينا. ونحن اليوم لدينا سعر الدولار 82 ألف ليرة والشعب صامت وبالفعل هو شعب جبار. وكان ابو عمار يقول عن الفلسطينيين "شعب جبار" ولكن الشعب الجبار هو اللبناني اولا وانا اتشرف ان اكون مع العمال. والقيادات غير العاملة أو القيادات الفكرية والرأسمالية والاقتصادية لم تقم بدور وأنتم تركتم للشارع يعبر عن مطالبه وهو غير قادر على التغيير، بل أنتم لكم القدرة على التغيير".


وتابع: "لقد صنع لهذا الشعب نظرية الخراب وانا لدي رأي في هذا الشأن وهو ان ذلك ليس من مسؤولية الشعب، بل مسؤولية من صاغ نظام هذا البلد. والذي صاغ النظام ليس الشعب اللبناني وهذا صيغ منذ أيام "سايكس بيكو" وفصل عليكم. ومن الحرام ان نبقى نجلد أنفسنا ونقول نحن مجرمون، بل نحن ضحايا وطبعا يوجد بيننا المجرمون، ولكن أغلبيتنا ضحايا".

أضاف: "وفي الامم المتحدة وفي أحد مناصبي كنت أرأس جمعية. وكان الموضوع عن الرشوة في الدول النامية. وهذه الدول تعيش على الرشوة وعلى الفساد. وكان يتحدث أحد كبار المعنيين من الدول الكبرى الذي أشار الى ان العمل صعب في منطقتنا لأننا لا نقوم باي عمل من دون ان نأخذ عمولة، وفي الدولة نفسها يأخذ كذلك السياسيون عمولتهم. وسألت حينها المسؤول: ممن يطلب هؤلاء عمولتهم؟ فأجاب: من الشركات الغربية التي تود العمل في المنطقة. فقلت له: وهنا من هو الفاسد في هذه الحالة؟ فالذي اخذ العمولة فاسد مرة واحدة لأنه فاسد لكن الغربي الذي اعطاه العمولة فاسد مرتين لأنه هو الذي دفع رشوة ولأنه أفسد شخصا ثانيا. فاذا اردتم التحدث عن الفساد فأنتم أصله. ولو أنتم لم ترشوا فلم يكن هناك شخص مرتش. وعليك ان تمنع الراشي ان يرشى وليس فقط ان تمنع المرتشي ان يرتشي. ولم يجيبوا عندها. وفي المناسبة انا صغت ميثاق الامم المتحدة الذي اسمه UN The United Nations Global Compact مع كوفي انان ودرسناه سوية ومن بعده مع وبانكي مون. وقد وضع الـ The United Nations Global Compact عشرة معايير للأخلاق لرجال الاعمال. ومقاومة الفساد واحدة منها".

أضاف أبو غزالة:" ان الراشي هو مجرم أكثر من المرتشي ويجب الا نحاسب فقط المرتشين، بل علينا ان نمنع الرشوة ونحاسب المرتشي. وانا غير مستعد ان ادفع رشوة "لو خربت الدنيا"، وذلك في اي موضوع حتى على حساب حياتي وروحي".

واردف: "اود ان اختصر نقطتين أساسيتين اولا بالنسبة للمستقبل: لا تنتظروا مستقبلا لان المستقبل لا يأتي اليك. المستقبل يصنع. ومشكلتنا في لبنان اننا ننتظر ان تحل الامور. ولكن الامور لن تتحسن. الوضع من سيئ الى أسوأ كما قلت في الماضي وفي كل المناسبات ما دام توجهنا ليس لعمل اي شيء، بل انتظار ان يحصل شيء.

وقد قال أحد المفكرين انه من أحسن الطرق لتنبؤ المستقبل هو ان تصنعه.

وثانياً: نحن في هذا الوضع ننتظر السياسيين، ولكن التغيير ليس من الضرورة ان يأتي من السياسيين. فالذي صنع المشكلة ليس من الممكن ان يحلها.

ولهذا، فإننا نحتاج الى أمر جديد كليا، غير ان ننزل الى الشارع ونقول "كلن يعني كلن"، فهذه اهانة لشعب كامل ان تقول دائما كلن".


وتابع :"نحن هنا في مكان فكري وبحثي. وبالأمس كنت عند رئيس الوزراء نجيب ميقاتي لموضوع واحد فانا لا اتحدث سياسة، بل اتحدث في امور يمكنني ان اغير فيها. وتحدثت في موضوع التعليم. إن انهيار التعليم في لبنان هو نهاية للبنان، وهذا البلد لا يملك قوة الا انه منارة العلم والثقافة ونحن لا نملك الا علمنا وكفاءاتنا وعظمة شعبنا. وقدمت للرئيس ميقاتي كما سأقدم لوزير التربية في حكومة تصريف الاعمال نظاما تعليميا موازيا، اذ لا يجوز ان نقول إنّ التعليم انهار ولا يوجد اساتذة اذ ليس لديهم رواتب كافية وليس لديهم بنزين للوصول الى المدرسة وليس لدينا ورق للطباعة".


وسأل ابو غزالة: "هل دوري أن أقول ليس لدينا؟ وهكذا أكون أديت واجبي الوطني؟ هذا لا يجوز وهذا حرام. وهنا يجب ايجاد الحل. وانا قدمت حلا متكاملا وسلمته للرئيس ميقاتي وهو نظام تعليمي متواز هو التعليم الرقمي والذي هو المستقبل في كل الاحوال. وانا اود ان أخرج طالبا رقميا يعمل في عصر المعرفة ويتعلم المهارات المطلوبة. وآمل ان اؤدي واجبي في هذا الإطار في ان نقيم نظاما تعليما رقميا موازيا ولا اقول إنني سأحل مكان الجامعات والمعاهد والمدارس، ولكن اتكلم عن نظام التعلم للمستقبل".

أضاف: "وبالنسبة الى الاقتصاد، يجب أن نوجد نظاماً اقتصادياً لا علاقة له بالفساد ولا بالسياسة ولا بالطائفية ولا بغيره وهو الاقتصاد الرقمي فانت لا يمكنك العمل في هذا البلد ولا في اي بلد إذا لم تتحول الى التجارة الرقمية والى التحول الرقمي. وطبعا سنواجه المشاكل اكان لناحية الانترنت، وانا مستعد ان أنشئ "انترنت خاصاً" للتعليم المجاني إذا اعطتني الدولة ترخيصا لذلك.

وقد قدمت لذلك طلبا رسميا. وسأؤمن خطا دوليا للإنترنت يشمل كل المناطق اللبنانية وكل مراكز المعرفة وقد أسسنا لغاية الان عشرة مراكز وان شاء الله تصبح مئة مركز.

ويأتي الطالب الى هذه المراكز وهي مجهزة بكل المتطلبات من انترنت وبرامج التعليم العالمية كلها وغيرها وكل ذلك مجانا من دون مقابل. وانا لا ارغب باي ربح مادي في ذلك وهذا ضروري للعمل. وفي قطاع الاقتصاد يمكن ان نعمل بالطريقة نفسها".


واردف ابو غزالة: "وفي العودة الى التعليم قدمت مشروعا كاملا قائماً على 3 أساسيات:

اولا: برامج التعليم العالمية كلها مع الحصول على شهادة عالمية.


ثانيا: انترنت مجاني.


ثالثا: ادوات وأجهزة مثل "تابليت" فقط للدراسة وهي عبارة عن كتاب الكتروني فقط تعمل "اونلاين" وتتضمن برامج تعليمية بحتة وتستعمل في أكثر من سنة دراسية وهي في حاجة الى تغيير البرامج التعلمية فقط".


في موضوع الودائع، قال ابو غزالة: "بوجود قضاء مجمد لا يوجد أمل ان يحقق اي تقدم في لبنان في موضوع المودعين"، معتبرا ان "ما حصل في حق المودعين هو جريمة ضد الانسانية والقضية التي اتولاها هي قضية دفاع في جريمة ضد الانسانية لانه ضرب مئات الالاف من دون اختيار. والتوجه الرئيسي، هو أن نتقدم الى حقوق الانسان".


وختم أبو غزالة متوجها الى اللبنانيين: "لا تحلموا بالنفط والغاز في لبنان ولا تحلموا انكم ستصبحون دولة نفطية، لان إسرائيل لا يمكن ان يسمح للبنان أن يصبح بلدا نفطيا".

MISS 3