ألان سركيس

"الكتائب" بعد المؤتمر: تحدّيات الجميّل الوطنية تفوق الحزبية

21 شباط 2023

01 : 59

يظهر بشكل واضح عودة حزب "الكتائب" إلى موقعه الطبيعي

جدّد المؤتمر العام لحزب «الكتائب اللبنانية» الـ32 الذي عقد حديثاً «البيعة» للنائب سامي الجميّل، وانسحب هذا الأمر على الأقاليم الكتائبية التي باتت بمعظمها تُوالي إبن بكفيا. وفاز سامي الجميّل مجدداً برئاسة حزب «الله الوطن العائلة»، وبفارق شاسع عن أقرب منافسيه (الجميل 358 صوتاً مقابل 22 صوتاً لعبدو كحاله)، وإذا كان هذا السيناريو متوقّعاً، إلا أنه من المفيد الإستمرار باللعبة الديموقراطية حتى لو كانت النتائج محسومة سلفاً.

يتربّع الجميّل منذ 15 حزيران 2015 على عرش رئاسة «الكتائب»، هذا الحزب الذي كان له في كلّ محطة مفصلية دور بارز في اللعبة السياسية، ومثّلت ثورة 1958 الباب العريض الذي دخل من خلاله الرئيس المؤسس الشيخ بيار الجميل إلى قلب المعادلة المسيحية بعدما حفر اسمه في معركة الإستقلال عام 1943.

ويكشف راصد المشهد الكتائبي التحدّيات الجسام التي تواجه الجميّل والقيادة الحزبية في شتّى المجالات، وهذه التحدّيات تنقسم بين حزبية داخلية وبين وطنية وعلى مستوى السياسة العامة في البلاد. تبدو الأمور أسهل بعد نحو 8 سنوات على تولّي النائب سامي الجميّل قيادة الصيفي. فمن جهة التحدّيات الداخلية، خفّت «همّة» إبن عمه النائب نديم الجميل، فلم يعد الثائر الأول على قيادة الحزب، بل تحسّنت العلاقة بشكل كبير مع الشيخ سامي على رغم بعض الملاحظات الموجودة.

وربما انتقل بيرق المعارضة الداخلية إلى النائب السابق سامر سعادة الذي عصى رغبات الحزب في الإنتخابات النيابية الأخيرة في البترون، ويمثّل سعادة المعارضة الأخيرة في قلب الحزب، وعلى رغم إحالته إلى المجلس التأديبي، نجح في تحقيق خرق كبير في آخر إنتخابات داخل إقليم البترون الكتائبي.

هذا بالنسبة إلى التحدّيات السياسية الداخلية، أّما بالنسبة إلى بنية الحزب، فـ»الكتائب» أمام تحدّي إعادة تفعيل أقاليمه، فرئيس أي إقليم كتائبي كان سابقاً وخصوصاً قبل الحرب أهم من النائب، وبالتالي سيعيش الحزب ورشة «نفض» داخلية، ربما تكون سهلة لأن معظم رؤساء الأقاليم يُوالون النائب سامي الجميّل.

ومن ناحية أخرى، يترتّب على حزب «الكتائب»، كما يؤكد كتائبيون، إعادة تفعيل دور الحزب والأنشطة التي عُرف بها للإيحاء للناس وللشارع المسيحي بشكل خاص بأن الحزب عاد إلى لعب دوره، فصحيح أنّ الأزمة الإقتصادية تطرق الأبواب لكن حزب «الكتائب» كان يخرّج المثقفين والرياضيين، وعلى رأسهم الملاكمون، وبالتالي ينبغي إعادة تفعيل نشاطاته كافة.

هذا في الشق الداخلي الذي يخصّ الحزبيين، أما سياسياً ووطنياً، فتعمل القيادة الحزبية على إعادة ترتيب التحالفات السياسية والوطنية وتصويب بوصلة إتجاه الحزب. فبعد العاصفة التي أُثيرت حول النية في تغيير اسم «الكتائب» ومن ثمّ تفكيره واتجاهه نحو اليسار، هدأت الأمور بعد الإنتخابات النيابية، إذ يُبدي عدد من الكتائبيين القدامى إرتياحهم للنهج الجديد السائد وحتى التحالفات السياسية لأنّ مكان حزب «الكتائب» هو إلى جانب رفاقهم ومن كانوا نواة «الجبهة اللبنانية»، وليس إلى جانب بعض المجموعات الشعبوية.

ويظهر بشكل واضح عودة حزب «الكتائب» إلى موقعه الطبيعي، فبعد انقسام المعارضة بين قوى سيادية وتغييريين ومستقلّين، إختار «الكتائب» التموضع إلى جانب القوى السيادية من «قوات» و»وطنيين أحرار» وحركة «إستقلال» ونواب أمثال اللواء أشرف ريفي وفؤاد مخزومي، ولم ينجرّ إلى مركب النواب التغييريين الذين افترقوا في أول الطريق.

ويشكّل موضوع الحضور في الشارع المسيحي أحد الأسباب التي تُقلق حزب «الكتائب»، وقد وضعت الإنتخابات النيابية حزب «الكتائب» في المرتبة الثالثة مسيحياً بعد «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحرّ» لكن بفارق كبير، إذ لم يتمكن من حصد أكثر من 4 نواب، لذلك ستنصرف القيادة الحزبية إلى العمل لزيادة الرصيد الشعبي وربما إجراء نقد ذاتي خصوصاً وأن «الكتائب» في المعارضة منذ 2016 ولم ينعكس هذا الأمر ارتفاعاً في عدد النواب.

تؤكد كل المعطيات بقاء «الكتائب» إلى جانب القوى السيادية واحتفاظها بعلاقاتها الداخلية والخارجية وعدم دخولها في مغامرات شعبوية غير مدروسة، فرئاسياً تنسق موقفها مع حلفائها وتستمر في دعم المرشح ميشال معوض، وسياسياً عادت إلى تفعيل خطاب 14 آذار السيادي بعدما طغى الهمّ المطلبي في السنوات الأخيرة على خطاباتها، وخصوصاً تأكيد النائب سامي الجميّل خلال مؤتمر الحزب «أننا سنُعطّل الإنتخابات الرئاسيّة إذا أراد الفريق الآخر إيصال مرشّحٍ يُغطّي سلاح حزب الله».

نجح مؤتمر «الكتائب» في جذب خطباء كانوا يُصنّفون سابقاً في الخطّ المعادي لفكر «الكتائب»، وبات بإمكان القيادة في المرحلة المقبلة الإنصراف للعمل والبناء بعد إنصاف المناضلين الحزبيين، وبالتالي تؤكد القيادة الحزبية التمسّك بالمبادئ الحزبية الوطنية والوقوف إلى جانب الشعب في محنته.


MISS 3