ميشال قزح

خطة الظلّ

27 شباط 2023

02 : 00

راجعت تاريخ الأزمات المالية في العالم، ولم أجد أي بلد استمرّ في أزمته 4 سنوات من دون أن يقوم المسؤولون فيه بأي خطة أو إجراء لتصحيح الوضع. ننظر الى الوضع في لبنان الفريد من نوعه في العالم، حيث تحوّلت ثروات المودعين الى المديونين (المقترضين) في سابقة لم تحصل من قبل في عالم المال. ففي كلّ أزمة مالية، أوّل من يفلس هم المدينون بينما في لبنان اغتنى المديونون على حساب المودعين.

السياسيون وأصحاب المصارف متفقون في ما بينهم على خطة ظلّ، يقوم بتطبيقها المصرف المركزي بتعاميم، بينما السلطات تكتفي بالتفرّج! وبالنتيجة المودعون والشعب يدفعون ثمن الخسائر. هذه الخطة تقوم على خلق عدة أسعار صرف لدفع الودائع وزيادة الكتلة النقدية الى مستويات قياسية تنهار فيها الليرة. في هذه المعادلة تتناقص الودائع بالدولار، وبالتالي ديون المصرف المركزي بالدولار ايضاً.

في المقابل، يخسر المودعون وخاصة الصغار جنى عمرهم بسحب الودائع على سعر يناهز 20%من قيمتها.

في هذه الخطة أيضاً، المصارف بأغلبيتها باعت سندات اليوروبوندز قبل الأزمة وخلالها لمؤسسات أجنبية. فرهنت مصير البلد بأيدي الأجانب الذين لم يتحركوا لغاية الساعة، ولكنهم في ساعة لا نعرفها سنجد أنهم حجزوا على طائرة أو قاموا بتقديم دعوى لحجز الذهب في أميركا ، ولو أن نتيجة هذه الدعوى قد لا تصل الى اي مكان مع أن صداها سيكون مدوياً في البلد!

لم يمرّروا الكابيتال كونترول ليقوموا بتهريب أموالهم الى الخارج وصرف ما تبقى من الاحتياطيات في مصرف لبنان. وفي هذه الخطة أيضاً يعرقلون أي تدقيق ويعطلون القضاء والادارات الرسمية ليهربوا من أي محاسبة. الخطة شريرة، والخسائر الكبيرة سيدفع ثمنها المودعون والشعب لسنوات وسنوات.

الحلّ لن يأتي من الداخل، وستستمرّ هذه الخطة لحين انتهاء احتياطيات مصرف لبنان. فعندها وليستمرّوا فيها عليهم أن يبيعوا الذهب.

في لبنان خطة الظلّ نتيجتها ان لا اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

(*) مستشار مالي


MISS 3