سيلفانا أبي رميا

أنطلياس تُناضل ثقافياً و"المهرجان اللبناني للكتاب" عائد

نايلة أبي نادر: صناعة الكتاب في خطر

27 شباط 2023

02 : 01

بعد توقّف قسري دام موسمين فرضه انتشار وباء "كورونا"، يعود "المهرجان اللبناني للكتاب" الذي تنظمه "الحركة الثقافية - أنطلياس"، بدورته الأربعين من 3 إلى 12 آذار المقبل في مقرّها في دير "مار الياس- أنطلياس"، ليثبت رغم كل الظروف الصعبة التي نسج خيوطها مسؤولو هذا الوطن وأغرقوه في شبكة من المعاناة والعوز والانهيارات المتتالية، أن الكتاب سلاح لبناء الوطن في وجه جحافل الجهل والإجرام المنظّم والفساد. وكان لـ"نداء الوطن" حديث مع رئيسة "الحركة الثقافية" السيدة نايلة أبي نادر للإطلاع أكثر على تفاصيل دورة هذا العام.

ما الذي يميّز "المهرجان اللبناني للكتاب"؟

لطالما اهتم هذا المهرجان بالقضايا الوطنية وبدور الدولة المركزية في البيئة السياسية والاجتماعية والثقافية، وفرضَ الكتاب نفسه على الساحة الثقافية والوطنية عبر مسيرة خصبة قادها الثنائي المميز عصام خليفة وأنطوان سيف و"الحركة الثقافية" وما تمثّله من دور ثقافي نهضوي.




ما الهدف منه؟

على الرغم من تدهور الوضع الاقتصادي واشتداد الأزمة المالية، وانشغال اللبنانيين بتأمين لقمة العيش والحاجات اليومية، تحاول "الحركة الثقافية" جاهدةً أن تثبت أنّ للفكر مكاناً وللكلمة قيمة وللكتاب منبراً. وهناك إصرار منّا على تأمين واحة لقاء بين أهل القلم وعشّاق الكلمة، بين أصحاب المواقف الفكرية والأبحاث الجديّة وبين المتلقّي المتعطّش للحوار والنقاش.

وبعدما انسحب عدد من أهل الفكر نحو الانزواء إمّا يأساً أو خيبةً، كان التحدي في إعادة تسليط الضوء على عطاءات هؤلاء وإفساح المجال لهم للقاء جمهور الكتاب. ويبقى هدفنا الأساسي إثبات أهمية استعادة صورة لبنان الحقيقية ودور بيروت الأبرز في النهضة الثقافية وطباعة الكتب.



بما تتميّز هذه الدورة عن سابقاتها؟

ما يميّز دورة هذا العام الجلسات الشعرية التي سيقدّمها خمسةٌ من روّاد الشعر الراقي وهم ندى الحاج، قزحيا ساسين، رنيم ضاهر، أدهم الدمشقي وميراي شحادة، اذ تنظم على الاثر 5 قراءات على مدى 5 أيام، مدة كل منها ساعة واحدة.

كذلك، ستشمل بازار الكتب الذي قرّرنا تحدي الأوضاع من خلاله، حيث اختارت دور النشر المشارِكة مجموعة من الكتب اشركتها فيه يتراوح سعر الكتاب منها بين العشرة آلاف ليرة لبنانية والدولار الأميركي الواحد فقط لا غير. وفي 8 آذار، في يوم المرأة نقدم هذا العام تحية وفاء للراحلة الزميلة تريز الدويهي حاتم، كما نكرم في يوم المعلّم الأستاذَين كبريال شماعة وعبدو خاطر.




متى انطلقت التحضيرات لهذا العام وهل واجهتم أي معوّقات؟

بدأنا التحضير منذ ثلاثة أشهر تقريباً، وسط القلق والتردّد حول إمكانية إنجاز ما هو مطلوب خصوصاً أننا نواجه نقصاً حاداً في الموظفين، ومع تقنين المصارف وعدم قدرتنا على سحب ما نحتاجه من تمويل. الوضع صعب، لكن الإرادة في مواجهة العراقيل حاضرة.


إلى من يتوجّه المهرجان؟

نوجّه دعوة مفتوحة للاحتفال بالكلمة والفكر وحرية التعبير، إلى كل من يهوى القراءة ويشغله الفكر ويهتم بتطوير كفاءاته المعرفية. هذا الحدث مساحة لقاء حرّ وحوار منفتح بين المثقفين وطالبي المعرفة، وبين من انكفأ وابتعد بسبب الجائحة والأحوال الاقتصادية عن ناسه وعن قرّائه.





ما أنواع الكتب المشاركة؟

هذا الموضوع محصور بكل دار نشر وتخصّصها. هناك كتب قانونية، فلسفية، روحية وإصدارات أدبية وشعرية. كذلك نجد الكتب التاريخية حاضرةً كما السياسية. ويشهد المهرجان أيضاً مشاركة بعض الجامعات التي ستعرض نتاجها الفكري والبحثي المتنوّع.

هل تتوقعون تراجع الإقبال في ظلّ الوضع الحالي؟

للأسف، هناك تراجع في الإقبال على الكتاب، لذلك نجد دور النشر منهكة وتعاني كما باقي المؤسسات في البلد. هذا بالإضافة إلى ارتفاع سعر الكتب بسبب تدهور القيمة الشرائية للّيرة اللبنانية. ومع انهيار الطبقة الوسطى التي تقرأ وتشتري الكتب وتتابع أعمال المعارض، باتت صناعتها وإنتاجاتها في خطرٍ حقيقي.

ماذا عن مشاركة الفئة الشابة في هذا النشاط؟

موضوع حضور الشباب يهمّنا إلى حدٍّ بعيد، لكن للأسف، في ظلّ التدهور الحاصل، نلحظ عدم تمكّن طلاب الجامعات من التنقل لحضور الأنشطة الثقافية، كما أنهم يتردّدون في اقتناء الكتب إلا عند الضرورة القصوى.

هناك تراجع في عدد الشباب المهتمين من حولنا بأمور الفكر والثقافة، وقد حاولنا ولا نزال من خلال برنامج الأنشطة أن نعالج هموم الساعة ونرجو أن نلتقي بهم وأن نستمع الى آرائهم.

من يمكنه حضور الفعاليات؟

أي شخص كان، بغض النظر عن عمره ومستواه الثقافي والمعرفي وخلفيته الاجتماعية، كل شخص مدعو وبحرارة للمشاركة والاستمتاع بالغنى الذي ستقدمه فعاليات "المهرجان اللبناني للكتاب" الذي سيكون بمثابة متنفّس، كما وسيفتح لهم أبواباً ثقافيةً وفرص الاحتكاك بأهمّ روّاد الكتابة والشعر.

أين موقع الكتاب في مجتمعنا اللبناني والعربي اليوم؟

يعاني الكتاب اليوم من أزمات متعددة، وهذا ما تعكسه حركة دور النشر والمكتبات. لذلك نحاول إعادة ضخّ بعض المرونة في التعاطي مع الكتاب لدى الأجيال الناشئة والبالغين. وعليه يصرّ أعضاء "الحركة الثقافية" على لفت الإنتباه إلى خطورة إهمال الحاجة الفكرية لدى الإنسان، وعدم العمل على تنمية الطاقة الذهنية، فالإنسان في النهاية ليس عبارة عن جهاز هضمي فحسب.

هل نجحت العولمة في القضاء على الكتاب؟

على العكس، نجد اليوم أنه بسبب العولمة توسّع سوق الكتاب كثيراً. يتم الحديث عالمياً عن بيع النسخ بالملايين، ناهيك عن الترجمات التي أسهمت بازدياد انتشار الكتاب. كذلك فإنّ توفُّر النسخ الإلكترونية سهّل عملية اقتناء الكتب أو الاطلاع على مضمونها. لا يمكن أن أجزم بأن العولمة أثرت سلباً على الكتاب، لكنها أيضاً ساهمت في إشغال الناس بأمور عدة وأبعدتهم بطريقة أو بأخرى عن شغف القراءة.

ماذا تقولين للأجيال الشابة بهذه المناسبة؟

أدعو الشباب للمشاركة في المهرجان ليس لشراء الكتب فحسب، بل لمتابعة الندوات والمحاضرات الشيّقة التي ستُعقد، والتعرّف على الشخصيات البارزة التي سنقوم بتكريمها والمشاركة بمناقشات الكتب التي هي بمثابة حلقة تثقيفية غنية يحتاجون إليها في حياتهم الأكاديمية والاجتماعية.

هذه فرصة كبيرة ومجانية لكل شاب وشابة لإغناء مخزونهما الثقافي، فالشهادة الجامعية لا تكفي منفردةً لصقل الفرد وتغذية طاقته الفكرية وتحضيره لكل جوانب الحياة المجتمعية.

ماذا تحضّر "الحركة الثقافية" تالياً؟

للحركة الثقافية برنامج أنشطة متنوّع، يشمل عقد ندوات تتناول مواضيع الساعة، وتنظيم نقاشات حول كتب مميزة، كما وتحضير لقاءات مفتوحة مع أصحاب المشاريع الفكرية والأطروحات الإقتصادية.

نظّمت الحركة العام المنصرم مؤتمراً حول التنمية في لبنان وكيفية الخروج من المأزق الخانق، وصدرت أعماله قبيل المعرض. وعليه سيكون لنا لقاء مع الذين أسهموا في تقديم الدراسات العلمية، علّنا نعمل معاً على إيصالها إلى المعنيين في السلطتَين التشريعية والتنفيذية. كذلك ستعمل الحركة بالتعاون مع "قسم الآثار في الجامعة اللبنانية" على تنظيم مؤتمر علمي حول كبيرَين من لبنان رحلا أخيراً، وهما عالِمَي الآثار شاكر الغضبان وحسان سركيس.