ألان سركيس

الدعم البريطاني: على خطى واشنطن سائرون

19 شباط 2020

03 : 30

الزيارة البريطانية ذات طابع أمني (دالاتي ونهرا)

مع كل زيارة موفد عربي أو غربي إلى لبنان تبدأ جملة تكهنات حول ماذا يحمل هذا المسؤول في جعبته وما هو حجم الدعم المتوقع الذي سيقدّمه.

بات لبنان يعيش على بورصة أسماء الموفدين، إذ إن من أوصل البلاد إلى هذا المستوى من "الشحادة" لا يُتوقّع منه الخروج بحلول سحرية، علماً أن الحلّ ينطلق مع رزمة إصلاحات داخلية جذرية تترافق مع دعم خارجي وليس الإتكال فقط على ما "تحنّ" الدول به علينا.

وأظهرت هذه الأزمة الإقتصادية أن لبنان لا يستطيع أن يصمد طويلاً بلا دعم خارجي، إن كان عربياً أو غربياً، في حين أن المساعدات الإيرانية قد تجلب الويلات على البلد لأنها غير كافية، كما أن إيران غير قادرة على تلبية حاجات شعبها الأساسية.

وبرزت بالأمس زيارة المستشار البريطاني الأعلى للدفاع في شؤون الشرق الأوسط الجنرال السير جون لوريمير إلى لبنان ولقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وعدداً من المسؤولين وتأكيده دعم المملكة المتحدة للبنان.

ويحتاج لبنان إلى جرعة دعم مهمّة في هذا الظرف الإستثنائي من أي جهة أتت، إذ لا يوجد وقت للمكابرة أو الرفض، لكن الإهتمام البريطاني في لبنان ليس جديداً، بل إنّه انطلق منذ ما قبل معركة عرسال في 2 آب 2014 عبر دعم الجيش اللبناني في معركته ضدّ الإرهاب.

وفي السياق، فإن زيارة الموفد البريطاني في هذا الظرف تأتي تأكيداً على عدم ترك البلاد بمفردها تواجه الأخطار، لكن في المقابل فإن لندن تفصل الملف الأمني عن الملفين الإقتصادي والمالي. وبالنسبة إلى الملف المالي، فإن وجهة النظر البريطانية تؤكّد، مثل الدول الأوروبيّة، أن الطريق الأسرع لحصول لبنان على المساعدات المالية هي القيام بإصلاحات جذرية في إدارات الدولة ووقف الهدر ومحاربة الفساد، وبالتالي عندها يكون إنقاذ الوضع أسرع.

ويقع على عاتق الحكومة الجديدة وضع الخطة الإنقاذية، في حين أن التعاون البريطاني مع الأجهزة الأمنية وعلى رأسها الجيش وقوى الأمن الداخلي مستمرّ، مثلما تفعل الولايات المتحدة الأميركية، ولا دخل لهذه المساعدات بالوضع السياسي أو بالموقف من السلطة القائمة وفرض عقوبات على "حزب الله". وأمام هذا الموقف البريطاني الأمني، تشير المعلومات إلى أن الزيارة البريطانية أكدت الإستمرار في بناء أبراج المراقبة في السلسلة الشرقية والتي تساعد لبنان في ضبط حدوده ومنع التهريب والتقليل من خطر التسلل الأمني، وهذا المشروع بدأت به بريطانيا منذ العام 2014.

وبما أن لبنان بأمس الحاجة لضبط حدوده، خصوصاً ان هذا الأمر يعد أحد مزاريب الهدر ويحرم الدولة من مداخيل، فإن البريطاني مستعدّ لمساعدة لبنان على استحداث نظام جديد للمراقبة المرئية بواسطة الكاميرات وانشاء غرف تحقيق نموذجية.

وطمأن الجنرال لوريمير إلى استمرار بلاده في تجهيز ضباط لبنانيين وتدريبهم ومشاركتهم في دورات في بريطانيا، علماً أن المجهود البريطاني يتركّز منذ سنوات على تجهيز أفواج الحدود البريّة في الجيش وتدريبهم.

ولم يتخطّ كلام المسؤول البريطاني عن الأزمة الإقتصادية التمنيات في أن يتمكن لبنان من تجاوز الظروف الإقتصادية الصعبة التي يمر بها، وهذا الأمر يؤكّد أن الملف الإقتصادي يسلك طريقاً منفصلاً عن الملفات الأخرى.

ولا تريد الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا أن يتفلت الوضع الأمني في لبنان أو ينهار بشكل يشبه الإنهيار الحاصل في سوريا والعراق وعدد من بلدان المنطقة، وبالتالي فإن تحييد الأجهزة الأمنية عن العقوبات التي تفرض على "حزب الله" وفصل المسار الأمني عن السياسي والإقتصادي والمالي يبعث شيئاً من الطمأنينة، لكن من دون أن يؤدّي إلى حلّ أزمة باتت من الأزمات المالية الكبرى.