بشارة شربل

بري... والمقابلة المشطوبة

3 آذار 2023

02 : 00

لا أدري هل حزَّ في نفسي أم عكّر مزاجي صباح أمس اتصال سياسي عتيق محب للرئيس بري. رأيُه ان فيروز تمنعت عن الغناء حين صار صوتها عبئاً على ماضيه الأخَّاذ، وأن على رئيس المجلس النيابي المحافظة على صورة "صمام الأمان". ثم أردفَ كلاماً غير مفيد من نوع أنه لو كان عباس ابراهيم حاملاً لمطرقة البرلمان لما تورَّط بسردية تشبه حديث الرئيس بري الى الزميل نقولا ناصيف في "الأخبار".

واقع الأمر ان الحديث مشوِّق وحسَّاس، استدرَج ردوداً عنيفة، لكنه يستوجب منا بعض الملاحظات كونه صادراً عن أهم موقع دستوري شرعي اليوم في لبنان، ويتناول مسألة استراتيجية يتوقف عليها الخروج من النفق أو المراوحة في الانهيار.

الرئيس بري "مْعَصِّب"، وعلى غير عاداته. ليس سهلاً على من أمضى 30 عاماً مَلكاً على "ساحة النجمة" الشعور بأنه لم يعد يملك كل المفاتيح والأقفال. تطيير نصاب "اللجان المشتركة" أوقعَ المجلس في فخ التطييف المعلن بعدما كان مقنَّعاً منذ ثلاثة عقود بـ"حسن التدبير" المدعوم بالاستقواء. والياس بو صعب ليس وسيطاً كافياً لإعادة تجميع الأوراق وتخييط الجروح العميقة التي كشفتها الأزمة الخانقة واضعة نوايا الأفرقاء على محك الاختبار.

حديث الرئيس بري هو نوع من القتال باللحم الحي. ليس جديداً عليه دور رأس حربة "8 آذار"، لكن ما استجد لديه هو تراجع حسّ الدعابة وتناذر ظرف "القفشات". أمعقول يا دولة الرئيس وصفك لترشيح ميشال معوض بأنه "تجربة أنبوبية" (قصدك طفل أنبوب)؟ فيما تخطط وفريقك لعملية قيصرية تخرج فرنجية من رحم مُتهتك؟ هذا اعتداء بوضوحِ "مادّي إجرها من الشباك"، وسنشطبه من محضر مقابلاتك لامتلاكك رصيداً في المقال والمقام.

لا يهين علينا أن يخطئ الرئيس بري الحساب. فتأكيده أن فرنجية حاز 63 ورقة بيضاء، يندرج في ألعاب السحر وليس "البوانتاج". فمَن قال لك دولة الرئيس أن ثمانية عشر صوتاً أبيض لتكتل جبران باسيل كَتبَت بحبرها السري اسم فرنجية بعدما اتهمه جبران بالفساد؟ هذه نقطة إضافية تُسجَّل عليك. ثم إنك تقرُّ علناً بالامتناع عن مزاولة "مسرحية" الاقتراع في انتظار أن يقذف الله نوراً في صدر باسيل فيعود الى "بيت الطاعة" راضياً مرضياً ومنتخِباً فرنجية. أي أنك تعطل واجب الاقتراع خلافاً للدستور لفرض فرنجية على اللبنانيين التائقين الى الخلاص، ورغم ارادة العرب المهمِّين الذين أوصلوا لك رأيهم بالموضوع. على أي حال هذا النهج تعوَّدنا عليه، وحلُّه ربما خارج لبنان.

دولة الرئيس، كنا اعتقدنا ان فكرةً زائفة مفادها أن "الخلاف الماروني – الماروني يعوق الاتفاق" هي من صنع إعلاميين موالين أو بعض أصدقائك "المشّائين"، ليتك تركت الترويج في عهدتهم كونك أدرى بالبئر وغطاه وليس لديك جواب عن افتراض ان الموارنة اتفقوا على ميشال معوض أو سمير جعجع او جبران باسيل. أليس كذلك؟

أما "اللُقية" في حديث الرئيس بري فهي تصفيره حظوظ قائد الجيش وتبرير ذلك بوجوب احترام الدستور خصوصاً أن لا دوحة في الأفق ولا مسلحين في شوارع بيروت يحاصرون السراي! ويبدو عملياً أنه يستدرج جوزف عون الى بازار يرفضه الأخير بإصرار. هكذا تقول المعلومات، إضافة الى أنه تفسير منطقي مستخرجٌ من التماثل في الأزمات.

دولة الرئيس، حبَّذا لو لم تُجرِ هذه المقابلة.





MISS 3