ثائرات النجف يتظاهرنَ دفاعاً عن دورهنَّ

علاوي يطلب تصويتاً على الثقة الإثنين المقبل

10 : 00

ثائرة عراقيّة ترفع لافتة داعمة للمرأة خلال تظاهرة في النجف أمس (أ ف ب)

دعا رئيس الوزراء العراقي المكلّف محمد علاوي، البرلمان بالأمس، إلى التصويت على منح الثقة لوزراء حكومته الإثنين المقبل، مؤكّداً أنّهم من خارج النخبة السياسيّة الحاكمة، في وقت خرجت آلاف النساء في تظاهرة نسويّة هي الأولى في مدينة النجف المقدّسة لدى الشيعة، جنوب بغداد، للدفاع عن دورهنَّ وتأكيد حقوقهنَّ بالمشاركة في ثورة "بلاد الرافدين" الداعية إلى اسقاط النظام السياسي المدعوم من طهران برمّته.

وقال علاوي خلال كلمة مقتضبة إنّ التظاهرات التي تعمّ البلاد وتُطالب بتغيير النظام منذ تشرين الأوّل، "غيّرت القواعد السياسيّة وأثمرت عن تشكيلة حكوميّة مستقلّة للمرّة الأولى منذ عقود، من دون مشاركة مرشّحي الأحزاب السياسيّة"، مضيفاً: "أدعو مجلس النوّاب الموقّر رئاسة وأعضاءً إلى عقد جلسة استثنائيّة من أجل التصويت على منح الثقة للحكومة يوم الإثنين المقبل... متمنّياً من نوّابنا الكرام أن يُثبتوا للعراقيين جميعاً رغبتهم بالإصلاح".

وأبقى علاوي، الذي يرفضه الثوّار على اعتبار أنّه وزير سابق، الباب مفتوحاً أمام احتمال عدم نيل حكومته الثقة، في حال وافق البرلمان على عقد جلسة استثنائيّة في ظلّ الخلافات والانقسامات التي تعصف به. وقال متوجّهاً إلى المتظاهرين في "ساحات الثورة": "إذا لم تُمرّر (الحكومة) فاعلموا أن هناك جهات لا تزال تعمل من أجل استمرار الأزمة، من خلال الإصرار على عدم تنفيذ مطالبكم، وتعمل كذلك على استمرار المحاصصة والطائفيّة والفساد".

وشدّد أيضاً على أنّه "بمجرّد منحها (الحكومة) الثقة ستُباشر بالتحقيق حول كلّ ما وقع في ساحات التظاهر، وكشف العناصر التي قامت بالاعتداء على المتظاهرين والقوّات الأمنيّة وملاحقتهم وتقديمهم إلى العدالة، مهما كانت مواقعهم". كما وعد بالعمل على "استعادة هيبة الدولة والقيام بالإجراءات الضروريّة لإجراء انتخابات مبكرة حرّة ونزيهة، بعيداً من تأثيرات المال والسلاح والتدخّلات الخارجيّة".

وبعدما كلّف الرئيس برهم صالح في الأوّل من شباط الحالي، علاوي، تشكيل حكومة جديدة بعد استقالة عادل عبد المهدي، يتوجّب على علاوي، بحسب الدستور، أن يُقدّم للبرلمان تشكيلته الوزاريّة قبل الثاني من آذار، علماً أنّ مجلس النوّاب في إجازة حتّى منتصف الشهر المقبل.

وقُبيل كلمة علاوي، حذّر عبد المهدي من "الفراغ" في حال تخطّى علاوي الموعد الأقصى لطرح حكومته على التصويت، فيما رأى حيدر حمادة، عضو كتلة "النصر" البرلمانيّة بقيادة رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي، أنّ علاوي "يضع نفسه في مواجهة صعبة جدّاً أمام عدد من الكتل السياسيّة التي ستُحاربه وتقوم باسقاطه"، معتبراً أن عليه "الاستعداد ورفع حال التأهّب وشدّ الأحزمة".

وطلب رئيس الوزراء المكلّف عقد الجلسة الاستثنائيّة للبرلمان من دون أن يكشف أسماء الوزراء في حكومته، في ما بدا محاولة لرمي الكرة في ملعب البرلمان الذي من المفترض أن يتسلّم السيرة الذاتيّة لكلّ وزير قبل التصويت على منح الوزراء الثقة، كلّ على حدة.

وتُرسل الأسماء إلى الهيئة المكلّفة باجتثاث "البعث"، للتأكيد على أنّ أيّاً من الوزراء المرشّحين لم يتسلّم منصباً خلال عهد صدام حسين وحزب "البعث".

تزامناً، سارت تظاهرة حاشدة في النجف شاركت فيها أستاذات جامعيّات وطالبات وربّات بيوت، ارتدى بعضهنَّ عباءة سوداء ووضعت أخريات حجاباً ملوّناً، على طريق يمتدّ حوالى كيلومتر، وصولاً إلى ساحة الاحتجاج الرئيسيّة قرب مبنى مجلس محافظة النجف.

وتقدّمت التظاهرة دوريّة للشرطة وانتشر شباب على جانبَيْ الطريق وقاموا بتوزيع مياه للشرب على المتظاهرات. وحملت المتظاهرات لافتات كُتِبَ على إحداها: "ولدت عراقيّة لأُصبح ثائرة"، و"لا صوت يعلو فوق صوت النساء". كما تعالت هتافات بينها: "لا أميركا ولا إيران، بغداد هي العنوان". وتأتي هذه التظاهرة في سياق سلسلة تظاهرات نسويّة مناهضة لدعوة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر إلى عدم الاختلاط بين الجنسَيْن في أماكن الاعتصام. وقالت الأستاذة الجامعيّة ندى قاسم: "نحن أحرار لم نخرج بفتوى ولن نتراجع بقرار"، في إشارة إلى تلك الدعوة. وأضافت المرأة الخمسينيّة، وهي تحمل علم العراق: "جِئتُ لأستردّ الوطن الضائع الذي خرّبته الأحزاب والمحاصصة المقيتة ولأستردّ الحقوق المسروقة وأطالب بدولة مدنيّة تحترم الإنسان". بدورها، قالت متظاهرة عمرها 22 عاماً واكتفت بذكر اسمها الأوّل صبا: "في البداية خرجنا لإسقاط النظام، لكن هذه التظاهرة نسويّة لأنّهم مسّوا شرفنا". وتابعت هذه الشابة، التي أعربت عن فخرها للمشاركة في التظاهرة: "نُريد أن نُثبت بأنّنا خرجنا من أجل الوطن وليست لنا غاية أخرى".

وخرجت آلاف العراقيّات منتصف شباط الحالي في تظاهرة وسط بغداد، دفاعاً عن دور المرأة في الثورة المناهضة للطبقة السياسيّة المتّهمة بالفساد والفشل، بعد دعوة الصدر. وأحدثت مشاركة النساء إلى جانب الرجال في التظاهرات الصاخبة في بغداد وجنوب البلاد، الذي تحكمه تقاليد عشائريّة صارمة، صدمة بين العراقيين الذين لم يكن من الممكن أن يتصوّروا ذلك قبل اندلاع شرارة الثورة في الأوّل من تشرين الأوّل الماضي.


MISS 3