مريم سيف الدين

الحكومة تُغامر بسلامة اللبنانيين إكراماً لإيران

كورونا وصل... ووزير الصحة ينشر الهلع

22 شباط 2020

02 : 25

"لا داعي للهلع"، عبارة استخدمها وزير الصحة حمد حسن في مؤتمره "المثير للهلع"، في محاولة لطمأنة اللبنانيين بعد إعلانه اكتشاف أول إصابة بالفيروس في لبنان، قادمة من مدينة قم الإيرانية. حالة الهلع سعّرها كلام الوزير التكنوقراطي الذي أعلن أيضاً الاشتباه بحالتين سمح لأصحابهما بالعودة إلى منزليهما والاختلاط بالناس، ونشر الفيروس ربما. بينما كان يفترض بالوزارة التشدد أكثر مع كل ركاب الطائرة الذين يفوق عددهم الـ160 راكباً، بصفتهم حاملين محتملين للفيروس ويعرّضون بقية المواطنين للخطر. ويأتي إهمال الوزارة في وقت يؤكد فيه نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة، سليمان هارون، لـ"نداء الوطن" أننا "لسنا على استعداد كامل للتعامل مع انتشار الفيروس، وأن غرف الحجر الصحي في المستشفيات محدودة جداً، وهناك نقص في مستلزمات الوقاية".

واقع المستشفيات هذا لم يدفع بوزير الصحة للإعلان عن أي إجراءات وقائية ضرورية وفاعلة حرصاً على سلامة المواطنين. فعلى الرغم من إعلان تفشي الفيروس في مدينة قم الايرانية، غير أن وزير "حزب الله" لا يرى من داعٍ لإيقاف الرحلات بين البلدين. إذ إن الغايات السياسية والدينية تعلو فوق مصلحة المواطنين وسلامتهم. ويعتبر الوزير أن هذا القرار "سابق لأوانه وقد تكون له تداعيات هلعيّة".

وفيما يحجّ آلاف المواطنين إلى الأماكن المقدسة في مدينة قم، تركت الدولة اللبنانية لأصحاب حملات الحج القرار بالاستمرار في رحلاتهم أو إيقافها، وبالتالي التحكم بمصير المواطنين وحياتهم.

وفي محاولة لإيهام المواطنين بالقيام بواجبه، وتصوير إكتشاف الإصابة على أنه إنجاز للوزارة، أكد حسن أن الإجراءات المتخذة في المطار كافية وأثبتت متابعة حسية بعد فحص ركاب الطائرة.

لكن المواطنين كانوا أكثر وعياً وتدقيقاً في الحقائق من الوزير المسؤول عن صحتهم، ولم يقتنعوا بمحاولته طمأنتهم. فالوزير اعترف بأن المعنيين اشتبهوا بإصابة شخصين بالفيروس لكنهم سمحوا لهما بالعودة إلى منزليهما والاختلاط بأيّ كان، وكذلك حصل مع كل من كان في الطائرة. وحاول أحد المعنيين استدراك خطأ الوزير وارتباكه، فأعلن أنهم في صدد نقل المشتبه بإصابتهما إلى الحجر الصحي، وإن تأخروا ساعات.

لكن الأخطر أن حادثة الطائرة القادمة من قم الإيرانية تعني أن في لبنان أكثر من 160 حاملاً محتملاً للفيروس، قد لا تظهر عليهم العوارض قبل أسبوعين، قد يتفشى خلالها الفيروس بين عدد أكبر من المواطنين. هو استهتار سيظهر حجمه ونتائجه في الأيام المقبلة، بعد مرور فترة حضانة الفيروس. بالتالي، أمام اللبنانيين وقت عصيب قد يقضونه، بينما يفترض أن تتابع خلاله الوزارة واللجنة الوطنية التي شكلتها لمكافحة وباء الكورونا، الحالات من المستشفيات وأماكن الحجر، لا من منازلهم، كما أعلن الوزير وإن سمى متابعته بالـ"ديناميكية". ولن يكتفي المواطنون بطمأنة الوزير بأن نسبة الوفيات جراء انتشار الفيروس لا تتجاوز الـ 2.5%، بل يطلبون إجراءات أكثر فعالية، كمنع السفر من وإلى الأماكن الموبوءة، بدل الطلب من الوافدين التزام منازلهم مدة 14 يوماً، وعدم الاختلاط مع المصابين بالأمراض التنفسية. ولا بتمنيات الوزير على الجيران بعدم زيارة المسافرين، والالتزام بآداب السعال.


وإن كنت قادماً من الصين



المستشفيات غير مهيّأة لمواجهة تفشّي الفيروس


أما نقيب المستشفيات، فيتجنب التعليق على أداء الوزارة وكلام الوزير وإبداء أي رأي في هذا المجال. ويكشف كلامه أن الأمور ليست بالبساطة التي يصوّرها فيها الوزير، فالمستشفيات الخاصة لا تملك الإمكانيات لإجراء فحص الكشف عن الإصابة بفيروس الكورونا، "هذا الفحص موجود فقط في مستشفى بيروت الحكومي، حاولنا الحصول عليه لكننا لم نتمكن من ذلك، ولا غرف عزل كافية في المستشفيات. إذ لا يتجاوز عدد غرف الحجر الصحي الأربعة كحدّ أقصى". لذلك يرى هارون أنه من المفترض تخصيص مستشفى كامل لاستقبال الحالات، في حال انتشرت العدوى، وحصرها فيه بدل توزيعها على المستشفيات.

ويرشح هارون مستشفى بيروت الحكومي لهذه المهمة نظراً لكبر حجمه وتوفّر آليات اجراء فحوصات الكشف عن الفيروس فيه. هي آليات لا تمتلكها المستشفيات الخاصة، وفق النقيب. وعلى الرغم من أن لبنان بات في سباق مع انتشار الفيروس، غير أن إمكانية التنفيذ تبدو بعيدة، "فالموضوع مجال بحث بين أصحاب المستشفيات والوزراء.

كما يبدو أيضاً أننا لسنا على استعداد تام من ناحية الخبرات البشرية في التعاطي مع تفشي الفيروس، وفق هارون. "كنا نقيم دورات تدريبية للطوارئ التمريضية واجتماعات تنسيقية بين المستشفيات ولا يمكننا القول أننا على استعداد كامل". ويخشى هارون من انتشار الفيروس بشكل كبير، "لأن المسألة لن تكون سهلة وأتت في الوقت الخطأ بسبب النقص في مستلزمات الوقاية نتيجة أزمة الاستيراد". وبدا مستغرباً مسارعة المستشفيات إلى نفي وجود إصابات في الكورونا لديها،على الرغم من عدم امتلاكها التقنيات اللازمة.



إرشادات وزارة الصحة



تصريحات الوزير زادت الهلع

وبعد إعلان النبأ المنتظر منذ ظهور الفيروس في الصين، سادت حالة من الهلع في صفوف اللبنانيين. فسارع بعضهم لشراء الكمامات التي ارتفعت أسعارها. كما عبّر هؤلاء عن هلعهم عبر مواقع التواصل الإجتماعي، واللافت أنهم عبروا عن خوفهم بموجة سخرية ملأت الصفحات. كذلك طالب لبنانيون الدولة باتخاذ قرار بمنع الرحلات من وإلى إيران، مصدر العدوى. ودخلت السياسة على خط التعليقات على انتشار الفيروس، نظراً للارتباط السياسي والديني والعسكري بين الضاحية الجنوبية لبيروت ومدينة قم. وهو ما جعل بعض المواطنين يتهمون الحكومة بالتقصير في الوقاية من الفيروس بعد انتشاره في قم. كما انتقد المواطنون عبر منشوراتهم إجراءات وزارة الصحة واستخفافها بصحة المواطنين.


MISS 3