محمد دهشة

عندما يقتحم نائب مصرفاً... لاستعادة 100 مليون ليرة!

11 آذار 2023

02 : 00

مسعد داخل المصرف في صيدا

«طاسة وضايعة»، مثل شعبي ينطبق على سياسة المصارف هذه الأيام عشية تجدّد إضرابها المفتوح، فيما المواطنون كانوا في سباق مع الوقت للحصول على ودائعهم أو ما يستحقّون من «صيرفة»، لكنّ المفاجأة أنّ كل ادارة مصرف تعاملت مع الأمر بطريقة مزاجية ووفق حساباتها الخاصة، لا قانون موحّد وإنّما فوضى.

وغياب السياسة الموحّدة في ظلّ استفحال الازمة المالية وارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي، أثارا غضب المواطنين الذين انتظروا لساعات على أمل الحصول على جزء من أموالهم، وقد تبخّرت قيمتها مع ارتفاع الدولار لكنهم لم يستطيعوا التعبير، فخلف أبواب حديدية موصدة يتحصّن مدراء المصارف والموظفون، ولا يبالي كثير منهم بعذاباتهم.

وأكّدت أوساط مصرفية لـ»نداء الوطن» أنّ الاشكالية تدور في حلقة مفرغة وكلّ يلقي بالمسؤولية على الآخر، ادارة المصارف لم تعط المودعين أموال صيرفة، وتعزو السبب الى المصرف المركزي، فيما الأنكى أنّ الذين وضعوا أموالهم لتحويلها على «صيرفة» لم يستطيعوا استعادتها مجدّداً تحت مبرّرات مختلفة، ضاعت قيمتها ولم ترجع إليهم.

هذا الأمر دفع بالنائب شربل مسعد للدخول إلى بنك BLC عنوة، بعد انتظار في الخارج دام ثلاث ساعات، لم تتجاوب ادارة المصرف مع محاولته حلّ المسألة ودّياً، وحاولت التملّص، ولكنّ اصراره دفعها إلى إطلاق وعد بدفع أموال صيرفة لشقيقه البالغة 100 مليون ليرة لبنانية، يوم الاثنين قبل بدء الاضراب المفتوح (الثلاثاء) والتي كان قد أودعها منذ أسابيع حين كان سعر صرف الدولار نحو 40 ألف ليرة لبنانية.

يقول شريل لـ»نداء الوطن»: «إنّ الدخول إلى المصرف لا يتعلّق بقيمة المبلغ ولا لمن يعود وإنّما لمبدأ رفضه أن تتعامل الادارات مع المودعين بهذه الطريقة المهينة»، محمّلاً «حاكم مصرف لبنان ومدراء المصارف ومن يدعمهم سياسياً مسؤولية ما يجري مع الناس الذين باتوا يقبلون على الانتحار بسبب تصرّفاتهم».

في قناعة مسعد الذي فاز نائباً عن جزين خارج السرب والاصطفاف السياسي أنّه يقوم بهذه المهمّة دفاعاً عن الشعب المظلوم، وعن أصحاب الودائع، قائلاً: «جئنا نطالب بحقّ الناس ونقول لهم أعطوهم حقوقهم، نحن لا نريد منكم شيئا ونقطة على السطر، كممثّل للأمة لست من هواة المشاكل وعملي أن أنقل مطالب الناس وأسعى الى معالجتها». في خضمّ الأزمة الاقتصادية والمعيشية منذ ثلاث سنوات ونيف، تحوّلت المصارف قبلة المحتجّين بعد انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، وقد حجزت على أموال المودعين من دون وجه حق، وباتت تعطيهم «كوتا» شهرياً، تدنّت قيمتها تدريجياً وباتت أموالهم بلا قيمة، وقد دفعتها الاحتجاجات إلى تحصين ابوابها الخارجية بالحديد والاستعانة بحرّاس من الأمن الخاص، ولم تعد تسمح للمودعين بالدخول إليها من دون موعد مسبق وتستخدم الصرّاف الآلي لإنجاز المعاملات والسحوبات.

ويؤكد مسعد «كلّ عمري مع الناس وسأبقى معهم ومع نيل حقوقهم حتى لو انهار القطاع المصرفي، يجب أن يأخذ الناس حقّهم، فالشخص الذي أودع أمواله في البنك حقّه أن يحصل عليها، لماذا الاذلال والبهدلة، يا عيب الشوم، وأدعو كل مودع إلى الاتصال بي لمساندته في استعادة حقّه من المصارف».

غضب النائب مسعد لم يرقَ الى انتفاضة ضدّ المصارف، التي ستغلق أبوابها الثلاثاء رفضاً لرفع الدعاوى ضدّها، أو اقتحام المودعين حرمها، أو تلكّؤ مصرف لبنان عن إنجاز معاملات صيرفة، لكنّه يؤكّد «أنّ ما يجري غريب»، ويتساءل «كيف أنّ الدولة تسرق شعبها وتستولي على أمواله وتجوّعه حتى بتنا نسمع كلّ يوم عن حالة انتحار من وراء هذه السياسة، لسنا مقصّرين بأي قوانين لمصلحة الشعب وأي قانون ليس لمصلحته نصوّت ضده، ولكننا نحن أقلّية ونسعى للتغيير».