سناء الجاك

شعرة بين الدعم والتبني

11 آذار 2023

02 : 00

نفى الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله تبني ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، ليكتفي بدعمه، على ما أعلن، في إطلالته الإعلامية ما قبل الأخيرة. وهذه الشعرة الفاصلة بين الدعم والتبني لها أبعادها، وتوضيح نصرالله أنّ فرنجية ليس مرشح «الحزب» لا تنطق عن الهوى، و»ليس هناك شيء اسمه مرشح «حزب الله» وهدف هذه التسمية هو القضاء على الشخص الذي ندعمه»، وتابع أنّ «ما لدينا نحن هو مرشح يدعمه «حزب الله»، وذلك على الرغم من تصنيفه للمدعوم بصفته مرشحنا».

وكأن في الأمر نفياً لتهمة تدين الداعم والمدعوم على حد سواء، في حين أنّ سياسة «حزب الله» لا تعتمد تكتيك «إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا» بما يحمله من تشاطر، لا سيما عندما يتعلق الأمر بصوابية «المقاومة»، وقدرتها على ضخ «روح الأمل، التي صنعت «انتصارات سريعة ضد العدو الإسرائيلي»، والتي ستهزم الولايات المتحدة وتقضي على فسادها اللبناني، وعلى حرمانها لبنان من الودائع والاستثمارات والمساعدات.

وعلى الرغم من هذا العنفوان الذي يتحدى «الشيطان الأكبر» ويبذل الغالي قبل الرخيص ليحافظ على الكرامة والسيادة والشرف، بدا الطرح وكأنه تقية تخفي أهدافها بفتوى عمادها «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان»، وفي ذلك ما يستدعي التوقف عند الاستراتيجية والتكتيك المرافقين للترشيح بما يتناقض وأدبيات «الحزب»، الذي دأب على تحدي الداخل والخارج، وتبنى جهاراً نهاراً ترشيح ميشال عون وشل البلاد عامين ونيف حتى نجح في فرضه رئيساً للجمهورية. بالتالي، ما الذي تغيّر حتى يلجأ «الحزب» إلى تقيته هذه؟

ربما لا بد من التوقف عند هذه الشعرة بين التبني والدعم، التي تعكس مدى يقين «الحزب» بأنّ انتساب أي مرشح له ودورانه في فلك المحور الإيراني، هو انتساب مضر بالمرشح، وكفيل بحرمانه من طموحه وتحقيق حلمه، لأنّ المجتمعين العربي والدولي يرفضان التعامل والتواصل والتعاون مع رئيس محسوب على المحور.

لذا كان الاجتهاد باعتماد اللعب على التعابير اللفظية الخالية من المضمون الفعال. وقد يجد البعض في هذه التعابير استغباءً وخداعاً واستخفافاً بمدى معرفة المجتمعين العربي والدولي بتوزيع خريطة التخندق السياسي للأطراف اللبنانيين، بحيث لن يؤدي الاجتهاد غايته ولن يصل إلى مراميه.

إلا أنّ هذه التقية تظهر، بالتأكيد، وعي «الحزب» للمآزق التي يزجّ لبنان فيها، بالرغم من عدم اكتراثه بمصير اللبنانيين. ولكن لأنّ الغاية تبرر الوسيلة، جاءت الشعرة بين التبني والدعم كسبيل مفيد لوصول «مرشحه». والخطوة المقبلة تقتضي تنكر هذا المرشح لواقع الانتماء على المحور، حتى لو استوجب الأمر نسف مسيرته السياسية برمتها لتحقيق هدف الوصول إلى كرسي بعبدا، وبعد الوصول لكل حادثٍ حديث.

وبناء عليه، من المتوقع أن يعتمد فرنجية هذه الاستراتيجية، ليعرض برنامجه الرئاسي بمضامين ترفد مساعي «الحزب» لتنظيف سمعة المدعوم من تاريخه القريب والبعيد، وصداقته الشخصية مع بشار الأسد، وما يترتب عليها من وصمة تصيب كبد الإنسانية، وقد يعرض برنامجاً يتفوق في النقاط التي يتعهد بها لإنقاذ لبنان على النقاط التي طرحتها الدول الخليجية، ويزايد عليها متعهداً تنفيذها وواعداً بإقناع «حزب الله» بالتوقف عن تصدير الكبتاغون واقفال مصانعه في لبنان وسوريا وتسليم المفاتيح إلى الدولة اللبنانية، وكذلك تسليم صواريخه ومسيراته إلى الجيش اللبناني.

ولكن على من يقرأ الداعم والمدعوم مزاميرهما؟ هل يخلع فرنجية التزامه وانتمائه إذا ما وصل إلى كرسي بعبدا؟ أو يتخلى «الحزب» عن رهن لبنان لمحوره؟ ومن سيصدّق أنّ هذه الشعرة تملك القوة والمتانة لتصمد فلا تنقطع، لينصهر حينها الدعم بالتبني؟

وبالرفاه والبنين...


MISS 3